يستهلك الجزائريون ما يربو عن 30 مليون قرص غنائي في العام، مقابل 20 مليون قرص أفلام بين دعائم أصلية ومقلدة.. هذا ما أكده ل"الجزائر نيوز"، عبد الكريم روابح، المدير التجاري لشركة “يونيفرسال ديسك". وسط هذا الكم من الأعمال الفنية والثقافية المستهلكة، ينتعش سوق القرصنة ليسجل مطلع السنة الجارية 145 قضية، بضرر مالي فاق 5 ملايير سنتيم. تمتلك الجزائر مصنعا لصناعة الأقراص الأصلية المضغوطة، والذي يستجيب للمعايير الدولية، في صناعة الدعائم الصوتية والبصرية. ويقول عبد الكريم روابح، المدير التجاري: “القرص الذي نصنعه لا يمكن تقليده، فهو مختلف تماما عن الأقراص التي يسمح باستيرادها للأسف، وهي ذات جودة رديئة، بالنظر ما نقدمه للمنتجين المحترفين الذين باتوا لا يسايرون سرعة الجماعات المتخصصة في القرصنة"، ويضيف شارحا الطريقة التي يتم بها نقل الأعمال الأصلية على دعائم مزيفة بالقول: “المشكل يطرح عند تسليم البضاعة، فالمنتج مطالب بتوزيع نسخ (سي دي) على نقاط البيع في وقت واحد، وإذا تخلف عن ذلك سيرى إنتاجه الجديد يباع على الأرصفة بثمن زهيد"، علما أن الخسارة تكون كبيرة في هذه الحالة، وتصل من 5 إلى 10 ملايين دج بالنسبة لصوت مشهور كعلاوة والشاب بلال وغيرهما. وفي هذا الصدد يشرح لنا مدير شركة “ريد سون" بوهران: “الشاب بلال على سبيل المثال، هو يتقاضى 150 مليون على ألبومه من 30 ألف نسخة، وقد تصل خسارتنا عند القرصنة إلى 100 مليون سنتيم"، ناهيك عن أن المنتج الموسيقي يدفع حق الطابع (13 دج) ويبيع الألبوم لبائع التجزئة ب 50 دج فقط، بينما يعيد التاجر بيعه للمستهلك ب 150 دج، ما دفع ابراهيم ريد سون إلى التعليق: “نحن نعمل لإغناء أصحاب محلات التجزئة.. فيما لا نتقاضى أي تعويض من “أوندا" عندما يتم حجز الأقراص المنسوخة عن الأصل، ولا أعرف لحد الآن لماذا تتماطل “أوندا" في تسديد مستحقاتنا تماما كما تفعل مع المؤلفين وغيرهم". الزيارة الميدانية التي قامت بها “الجزائر نيوز" إلى قرية الابداع بساحة ديوان رياض الفتح، بمناسبة الذكرى الأربعين لتأسيس الديوان الوطني لحقوق المؤلف، كشفت الانشغال الكبير للمنتجين والناشرين المحترفين لمهنة تسجيل الأغاني والأفلام في الجزائر. يجد الانشغال مبرره بالنظر إلى الأرقام المعتبرة المعلنة من قبل مصالح الشرطة القضائية المكلفين بمكافحة التقليد ومراقبة الاسواق والمحلات، إذ سجلت في العام الماضي 62 قضية أوقف إثرها 90 شخصا أقدموا على تقليد 32596 “سي دي" و"دي في دي"، 66 شريط كاسيت. أما في 2013 فبلغ عدد القضايا 145 قضية تورط فيها 152 شخص، تسببوا في تقليد 187 ألف قرص مضغوط، وبضرر مالي قدرته الجهات المعنية ب 54.466.159 دج. كما يشير ذات المصدر الذي استقته “الجزائر نيوز" من جناح الشرطة الوطنية برياض الفتح، إلى 7 قضايا في الجلفة خصت 56 ألف مصنف سمعي بصري مقلد، 26 ألف مصنف مقلد في البليدة، 15 ألف في بجاية، 5500 بالجزائر العاصمة، و5200 بقسنطينة. يتقاسم المنتجون والناشرون شعورا طفيفا بالارتياح حيال انخراط مصالح الدرك والشرطة في عملية حماية الممتلكات الفنية والثقافية. تفاؤل حذر يدفع روابح إلى شبه الجزم ب"استحالة القضاء على القرصنة"، فيما يؤكد ابراهيم ريد سون: “لحد الساعة لم نلمس تغييرا في الميدان بعد أن شرعت الشرطة والدرك في العمل، وفي انتظار الجمارك أشعر بفراغ كبير في هذا المعرض بغياب ممثلين عن وزارة العدل، لأن عمليات الحجز والقبض على الفاعلين لا تعرف متابعة قضائية فاعلية، ولا يطبق بذلك قانون 2003، الذي يعاقب المقلد بغرامة مالية معتبرة وحبس قد يصل إلى 3 سنوات"، وهو الفراغ الذي يتخبط فيه أعوان الشرطة القضائية، الذين بعد إتمام مهامهم يجدون أنفسهم عاجزين عن مواصلة العمل، في غياب ثقافة ووعي والتزام قضائي في هذا المجال. في انتظار أن يقنع سامي بن الشيخ، المدير العام ل“أوندا"، القضاة بالدخول كشركاء في فعل الحماية، يؤكد ابراهيم ريد سون، أن ثقافة الحماية يفتقدها الفنان في حد ذاته: “أستغرب أن يتذكر فنان تقديم تحياته إلى فلان وعلان لدى مروره في حصة تلفزيونية أوإذاعية، ولا يدعو محبيه وجمهوره إلى شراء إنتاجه في نسخته الأصلية"، ويضيف: “آمل أن يقتنع بن الشيخ بأهمية الومضات الإشهارية على قنوات التلفزيون". الى ذلك الحين، لا يستبعد ابراهيم تصعيدا في المطالب والاحتجاج لدى “اوندا": “كنائب رئيس جمعية المنتجين والناشرين الجزائريين، التي تأسست مارس الماضي، سننتظر مرور 6 أشهر تقريبا لنتوجه إلى الديوان بمطالبنا وإصرارنا على أخذ كل حقوقنا، وحماية مهنتنا التي فقدت منذ مطلع الألفين أسماء كبيرة، ولم نعد سوى ثلة فاعلة في الساحة".