لعب التلفزيون الجزائري دورا مهما في ملف مرض الرئيس عبد العزيز بوتفليقة سنة 2005، حيث بادر بتصويره بفرنسا وهو لا يزال في فترة نقاهة رغم الكلام الكثير الذي أثير حول طبيعة مرضه الذي تجاوز مجرد “القرحة المعدية".. اليوم، برغم البيانات المطمئنة بل ورسالة الرئيس “الشخصية" بمناسبة عيد العمال وكأس الجمهورية لا يزال الجزائريون يترقبون “الشريط العاجل على التلفزيون الجزائري الذي يعلمهم بأنه سيبث حصريا للجزائريين صور رئيسهم كما تفعل كل تلفزيونات العالم في مثل هذه الحالات". من مفارقات هذا الموضوع، أن مدير الإعلام في رئاسة الجمهورية سنة 2005، هو المدير العام للتلفزيون الجزائري في 2013.. توفيق خلادي، ما يعني أن هذا الأخير في موقع أحسن من أي أحد آخر لتحرير المبادرة واطلاقها لأنه يعرف جيدا كيف تفكر دوائر القرار... إذن ما الذي ينتظره التلفزيون بعد أسبوع من “الحالة غير الخطيرة ولا المُعجزة" للرئيس، حتى ينقل لنا التلفزيون صور رئيس الجزائريين. يقول براهيم صديقي مدير الأخبار السابق في التلفزيون الجزائري ببساطة إن قرار تصوير الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بعد العملية الجراحية التي أجراها بفال دوغراس بباريس عام 2005، “كان بمبادرة من مدير التلفزيون آنذاك حمراوي حبيب شوقي، دون أي توجيهات أو أوامر خارج مبنى شارع الشهداء، وهي المبادرة التي لم يرفضها الرئيس بوتفليقة ولا محيطه، وقد أبقينا الموضوع سريا إلى غاية اتمام التصوير..". وينتظر الجزائريون بفضول كبير متى سيطلعهم تلفزيونهم على صور رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، مثلما فعل ذلك في 2005. حاليا، وفي وقت تضرب فرق من التلفزيونات الجزائرية الخاصة طوقا بكاميراتها حول مستشفى فال دوغراس بباريس محاولة استراق أو رصد أية صورة لأفراد عائلة الرئيس أو لأفراد محيطه الرئاسي، هل يكون وزير الإعلام الحالي قد فكّر بهذا الموضوع؟؟ لهذا تعود “الجزائر نيوز" لسرد الوقائع والظروف التي رافقت قرار مسؤولي التلفزيون الذين صنعوا الحدث آنذاك، بمبادرتهم لتصوير رئيس الجمهورية أياما قليلة بعد العملية الجراحية وهو لا يزال بإقامته خاضعا لفترة النقاهة، وخلافا لما يعتقد البعض حول أهوال صعوبة اتخاذ القرار، فالأمر أبسط مما كنا نعتقد حسب رواية المسؤولين يومها مثلما نرصدها لكم. القرار اتخذه حمراوي حبيب شوقي يشهد كل من اتصلنا به من مسؤولين واعلاميين في التلفزيون الجزائري لإعادة “تركيب مقاطع" قرار تصوير الرئيس عام 2005" بأن “رغم ما قيل ويُقال عن التلفزيون، فإن في عهد حمراوي حبيب شوقي مشهود بأنه لم يكن مجرد مدير عام، بل لم ينجح يوما في التخلص من حسه وتفكيره بذهنية صحفي الميدان رغم تقلده مناصب عليا في الدولة، وكان صاحب قرار ومبادرة ويتحمل مسؤوليات وتبعات كل قرار يتخذه ويواجه أيا كان في السلطة دفاعا عن سياسته في التلفزيون". ويذكر براهيم صديقي مدير أخبار سابق أن “الفترة التي مرض فيها الرئيس دأب حمراوي حبيب شوقي على الاجتماعات المصغرة يوميا مع طاقم الأخبار وكان يرصد لنا الأنباء أولا بأول عن تطور الوضع الصحي للرئيس، وكان يطمئننا بعد إجرائه اتصالات بعلاقاته الخاصة"، ويضيف صديقي “لقد كان حمراوي في 2005 أول من تحصل على بيان الحالة الصحية" رغم وجود وكالة الأنباء الجزائرية. وأردف مدير الأخبار السابق “لقد أمر شوقي عفاف فنوح وهي مراسلتنا بفرنسا أن تتدبر شؤونها حتى وإن تطلب الأمر أن تبيت في محيط مستشفى فال دوغراس لترصد أي أخبار عن صحة الرئيس وتوافينا بها أول بأول". ويفيد محدثنا أن حمراوي هو من قرّر إرسال بعثة تلفزيونية بعناصر معدودة إلى فرنسا لتصوير الرئيس بإقامته، وأشهد للأمانة والتاريخ أنه كان صاحب المبادرة". ويروي براهيم صديقي أن المسألة سوّيت على نطاق ضيّق “عندما أبلغني حمراوي بتحضير الفريق الذي سيتنقل إلى فرنسا، وقد وقع الخيار على كريم بوسالم لأنه كان أبرز اسم على شاشة التلفزيون آنذاك، ولم يُبلّغ بالمهمة إلا قبيل سويعات عن موعدها". ويقول مصدر آخر إن مسألة التأشيرات الخاصة بالفريق الذي كان سيتنقل لم تكن مطروحة بتاتا مع القنصلية الفرنسية، مما يوحي أن كل الإجراءات كانت قد أعدت سلفا للفريق الذي أعلم بمهمته في لحظاتها الأخيرة لها. التوجيهات الوحيدة التي تلقاها كريم بوسالم حسب مصادرنا هي أن يطرح عليه أسئلة حول وضعه الصحي لأن حالته لم تكن تسمح للخوض في مواضيع خارج ذلك، خاصة وأن الساحة عجّت بأنباء غير سارة عن صحة الرئيس الذي كان قد خرج لتوه من معركة رئاسيات ساخنة ضد منافس كان يبدو من حديد، وهو رئيس حكومته السابق، علي بن فليس. المباشر.. كان خبطة التلفزيون الاعلامية لم يكن أحد يتوقع في 2005 أن حلول الرئيس بالجزائر قادما من مشفاه، سيكون على المباشر، إلا أنه هذه المرة أيضا يقول صديقي وردتني أوامر من حمراوي حبيب شوقي يُبلغني فيها أنه يريد نقلا مباشرا لعودة الرئيس من العلاج “وأصدقك أنه صدمني بقراره هذا لأنني لم أكن أتوقع هذا المستوى من التغطية وقد خصصنا للحدث شاحنة بث فريقا متكاملة لنقله على المباشر للجزائريين، وأعتقد أن التلفزيون أدى خدمته العمومية في تلك الفترة في قمة الشفافية حول ملف مرض الرئيس". اليوم ينتظر الجزائريون أن يروا رئيسهم على الشاشة ليطمئنوا عليه، ورفضت مصادرنا الخوض في ما يجري اليوم داخل التلفزيون من مستوى أو نسبة تحرير المبادرة، مؤكدين بأن المسؤولين على قطاع الاعلام في النهاية تناسبهم الحكمة القائلة “كل إناء بما فيه ينضح".