على هامش الملتقى المغاربي الأول حول تقييم فاعلية الكتاب المدرسي في التحصيل اللغوي لتعليم اللغة العربية بالدول المغاربية، التقينا ببعض الدكاترة والباحثين في هذا المجال وحاولنا معهم تقييم الكتاب المدرسي ومدى استجابته للمطالب التربوية الحالية في ببلدان المغرب العربي. «إذا حاولنا الحديث عن الكتاب المدرسية فأول ملاحظة يمكن الوقوف عندها، هي أن الكمال غير موجود، حيث أن الكتاب يحتاج دوما إلى مراجعة دورية تتعلق بالشكل والمضمون وقد حاولت في مداخلتي التركيز على التقويم من حيث المضمون والنظر في إمكانية رفع المردود التعليمي من خلال تحسين المادة اللغوية المقدمة للتلاميذ باحترام نموذج رياضي يسهل علينا عملية بناء هندسة متكاملة لكتاب ذو فعالية في تعليم اللغة العربية". الملتقى يتناول إشكالية تقويم الكتاب المدرسي للغة العربية ومدى تحقيقه للأهداف المسطرة له وفي مقدمتها التحصيل اللغوي، وهذا من خلال الوقوف على المعايير العالمية التي يبنى في ضوئها الكتاب المدرسي ومدى استجابته في الجزائر لهذه المعايير من حيث الانسجام والانسياق ونوعية المضمون والطرائق والأساليب والسندات المنتهجة فيه، وكذا من خلال تشخيص الواقع، ومعرفة مدى ابتعاد أو اقتراب هذا الكتاب من هذه المعايير لتقديم الحلول والاقتراحات التي يمكن من خلالها تجاوز الهفوات والثغرات، لقد حاول الكتاب المدرسي أن يقترب من المعايير العالمية المطلوبة، إلا أنني أرى بأن هناك نقائص تظهر خاصة من حيث كثافة المحتوى وعدم الانسجام الداخلي للكتاب مع الكتب الأخرى غير العربية، إذ هناك تناقض بين مختلف الكتب المدرسية في غياب انسجام أفقي، فمن المفروض أن كتاب اللغة العربية يكمل الكتب الأخرى كالتاريخ والجغرافيا.. إلخ، حيث سجلنا اختلالات بين النماذج". «في الحقيقة، الكتاب المدرسي كما هو مقرر في المنظومة التربوية الجزائرية يكاد يكون مقتصرا في كيفية تحصيل اللغة العربية وتعليمها، حيث أنه يفتقد إلى المنهجية العالمية التي تساعد على الممارسة لهذه اللغة، فنصوص هذا الكتاب يقتصر على التعليم نظريا ولا وجود لقواعد اللغة في الواقع، حيث أن المتعلم لا يطبق قواعد النحو مثلا، عند الحديث خارج أسوار المدرسة، لأن العامية سيطرت على ألسنة المتعلمين، ولم يترك مجالا لبروز اللغة العربية الفصحى بوصفها اللغة الأساس والرسمية في عملية التعليم كما ينص عليه الدستور الجزائري، فهذه المفارقة بين حجرة الدرس داخل المدرسة واللغة الممارسة في الشارع جعلت اللغة العربية غريبة عن أهلها ووطنها، وأكبر مشكلة تعاني منها في المنظومة التربوية، هو الصراع الذي تعيشه مع اللغة الفرنسية، حيث أن التلميذ لا يزال لم يحصّل أبجديات اللغة العربية وهو ما يجعلني أقول إن المناهج المقررة عاجزة عن منح اللغة العربية مكانتها". «أعتقد أن الكتاب المدرسي الحالي على الأقل في تونس، يستجيب بقدر محدود لمتطلبات التربية والتعليم وهذا لسببين رئيسيين: 1 نسجل التدخل السياسي في الشأن التعليمي فكل الكتب المدرسية الرسمية تنجز تحت إشراف وزارة التعليم والتربية، وبصيغة ما فإن الوزارة تكيّف الكتب بحسب السياسة التي ترتضيها الحكومة. 2 إن الكتاب المدرسي يستجيب بقدر محدود جدا بسبب أن حصيلة المعرفة المتوفرة في الجامعات كونها تنتج المعرفة لا تستغل في مراحل التعليم المختلفة ولا يشارك الأستاذ الجامعي في صياغة هذه الكتب، بمعنى أنه يوجد فرق شاسع بين مستوى التنظير ومستوى الإجراء التطبيقي ولهذا نجد أن الدراسات مدفونة في بطون الكتب". “الكتاب المدرسي من الطور الابتدائي إلى غاية الثانوي هو بحاجة إلى مراجعة قصد استدراك الاختلالات التي يتضمنها، وتكييفها مع التغييرات الحاصلة في المجتمع ولا يتحقق ذلك إلا من خلال المراجعة الدورية للكتاب المدرسي، والحديث عن فعالية الكتاب المدرسي في التحصيل اللغوي يحيلنا إلى الحديث عن ضعف التحصيل الدراسي الذي لا يرتبط فقط بالكتاب المدرسي سواء من حيث المضامين أو الطرق المعتمدة فحسب، وإنما بالمنظومة التربوية بأكملها لأن الكتاب المدرسي هو عنصر من عناصر العملية التعليمية، ويمكن أن نفسر تقصير الكتاب المدرسي في التحصيل العلمي بعدم حرص وزارة التربية الوطنية التي يفترض بها تحسين مضامين هذه الكتب ومراجعتها بالعودة إلى مختصين وخبراء على مستقبل الأجيال القادمة."