يشد المواطنون على قلوبهم هذه الأيام التي تنذر بارتفاع مستمر لأسعار المنتوجات ذات الاستهلاك الواسع، لاسيما الخضر والفواكه، حيث استقرت هذه الأخيرة عند مستويات مرتفعة وبشكل محسوس، كما لاحظته “الجزائر نيوز" في جولة ميدانية ببعض أسواق العاصمة. وعندما تصل أسعار بعض الخضر، مثل اللفت والجزر، إلى عتبة 80 دج للكيلوغرام الواحد، وهي الخضر البسيطة التي تشكل غذاء متداولا لدى “الزوالية"، فإن المواطنين من حقهم أن يصيبهم القلق والتذمر، حتى إن كانت أسعار البطاطا والطماطم قد صنعت الاستثناء في هذه الفترة وبقيت عند مستويات معقولة. ويؤكد صالح صويلح، رئيس الاتحاد العام للتجار والحرفيين الجزائريين، في حوار صحفي، عدم قدرة الحكومة على التحكم في الأسعار خلال شهر رمضان أو في باقي أيام السنة لأنها، كما قال، تتحمل مسؤولية التأخر في تسقيف أسعار الخضر والفواكه من أجل ضمان استقرار السوق ووضع حد للمضاربة، مشيرا إلى أنه في ظل استمرار الوضع على حاله فإن الأسعار سترتفع أكثر خلال شهر رمضان المقبل. وينطلق صالح صويلح، في معرض تشريحه للأسباب التي أدت إلى عدم استقرار الأسعار، لاسيما الخضر والفواكه، إلى كون الفلاحين والتجار يعتمدون الأسعار الحرة فضلا عن كون هذه المواد تخضع للعرض والطلب، وهو ما يؤدي، حسبه، إلى تقلبات في الأسعار عند حلول بعض العوامل الطبيعية مثل تهاطل الأمطار والصعوبة الناشئة تبعا لذلك في عمليات جني المحاصيل، وفق رؤية ذات المتحدث. ولئن كانت نذر ارتفاع الأسعار تلوح بقوة مع قرب حلول شهر رمضان المعظم، فإن المواطنين لم يكتفوا بالتعبير عن مخاوفهم من هذا الوضع المتوقع، ولكن أيضا عن عدم “اقتناعهم “ بتطمينات الحكومة بالتحكم في الوضع عند حلول رمضان المعظم. يحدث ذلك رغم أن وزير التجارة، مصطفى بن بادة، تحدث، خلال الأيام الماضية، عن “أرمادة" من الإجراءت والوسائل التي ستلجأ إليها الحكومة من أجل ضمان تموين منتظم للسوق وتشديد الرقابة حتى يستطيع المواطن صيام رمضان في طمأنينة بعيدا عن هاجس “القفة الفارغة". ومنذ يومين فقط، تحدث بن بادة للقناة الإذاعية الأولى عن تدابير وآليات للتكيف مع العادات الاستهلاكية الطارئة خلال الشهر الفضيل، الذي يكثر فيه الطلب على المواد ذات الاستهلاك الواسع، حيث ستعمل الوزارة على تدعيم السوق بعدد من هذه المواد ومن بينها “الحمص" التي يكثر استهلاكها في رمضان، حيث سيتم تدعيم السوق ب 24 ألف قنطار من هذه المادة. وتحدث بن بادة، الذي ركز في كلامه على السلوك العقلاني للمستهلكين خلال رمضان، عن جملة من الإجراءات تشمل تسليم عددا كبيرا من الأسواق الجوارية تزامنا مع العمل على توسيع حلقة التوزيع بالجملة، وذلك من باب “كسر" تركيز التجارة الذي يؤدي إلى ارتفاع الأسعار. كما أشار إلى منح تراخيص لعدد من مصانع المياه المعدنية من باب تجنب الندرة التي حدثت في هذا المنتوج خلال الصائفة الماضية، فضلا عن تجنيد 6 آلاف عون خلال الصائفة المقبلة وشهر رمضان المعظم من أجل حماية المستهلك. وبالنسبة لوزير التجارة فإن أسعار المواد الطازجة مثل الخضر والفواكه واللحوم ستعرف استقرار من باب أن شهر رمضان المقبل سوف يحل في قلب المواسم الإنتاجية لهذه المواد. خلال السنوات الماضية كانت السلطات العمومية تعلن دائما، قبيل حلول شهر رمضان، عن تطمينات مشابهة تقريبا، غير أن ذلك لم يمنع من تذبذب الأسعار وتضرر جيوب المواطنين، ما جعل بعض المواطنين الذين تحدثت إليهم “الجزائر نيوز" يلفون تصريحاتهم بالحذر وعدم الثقة أحيانا في مثل هذه التطمينات، حتى وإن كانت “النية حسنة" على حد العبارة التي استعملها أحد المواطينين.. وهو أمر يحيل على الاعتقاد أنه رغم ترسانة القوانين والإجراءات والتطمينات، إلا أن قلة الفعالية في التطبيق قد تكون حاضرة دائما.