أعلن المسرحي عمر فطموش، أول أمس، أنه شرع في إنتاج مسرحية جديدة ناطقة بالأمازيغية بعنوان "آكال ذيذامن" بمعنى "لأرض والدم"، والتي تم اقتباسها من رواية الكاتب الراحل مولود فرعون، مشيرا إلى أن بداية عرضها سيكون مطلع شهر جويلية القادم. كشف عمر فطموش، في ندوة صحفية عقدها أول أمس، بالقاعة الشرفية للمسرح بتيزي وزو، أن مسرحية "آكال ذيذامن" التي ينتجها المسرح الجهوي كاتب ياسين، ستكون عملا مسرحيا كبيرا، مشيرا إلى أنه يعمل على تجسيد قصة الرواية فوق الخشبة في مدة تتراوح بين 70 و80 دقيقة، باحترام كلي للنص الأصلي والقصة الحقيقية للرواية والاحتفاظ بالشخصيات ومجريات الأحداث، مؤكدا أن رواية مولود فرعون "الأرض والدم" ذاكرة أدبية وتاريخية لا يجب التهاون بها:«ممنوع علينا خيانة النص الأصلي للرواية، نحن ملزمون بالتقيد بالقصة الحقيقية لأنها ذاكرة". وكشف فطموش أن مسرحيته الجديدة الناطقة بالأمازيغية ستكون مغايرة ومختلفة تماما لمسرحية "الأرض والدم" الناطقة بالعربية، والتي أخرجها المسرحي "حمة مليانة" في شهر مارس المنصرم. وكان تصريح فطموش حول إلزامية الوفاء بالنص الحقيقي لقصة رواية مولود فرعون يوحي أنه غير مقتنع بطريقة إنتاج المسرحية الناطقة بالعربية، خصوصا أنه شدد على ضرورة إنتاجها بطريقة مختلفة كليا والاحتفاظ بالقصة والنص. وصرح فطموش أن قبوله تجسيد رواية مولود فرعون يعود إلى قناعته بضرورة تجسيد مثل هذه الأعمال الأدبية فوق الخشبة، لما تحمله من قوة شديدة ووزن ثقيل في الذاكرة والتاريخ والأدب والعادات والتقاليد. وأكد أن تحويل مثل هذه الروايات إلى أعمال مسرحية ناطقة بالأمازيغية بإمكانه المساهمة بقوة في إعطاء نفس جديد للمسرح الناطق بالأمازيغية، وكذا تطوير وتنمية الثقافة واللغة الأمازيغيتين بصفة عامة، فضلا عن المساهمة في كسب جمهور أكبر نظرا للقيم التاريخية والأدبية المميزة التي تتمتع به مثل هذه الأعمال الأدبية.."روايات مولود فرعون وكاتب ياسين ومولود معمري والطاهر جاووت وكتاب وأدباء آخرون لها حساسية ميزة على كل الأصعدة". ويرى عمر فطموش أن اقتباس مسرحية من روايات بحجم رواية "الأرض والدم" يتطلب من المخرج المسرحي أن يكون ذكيا ومحترفا وأن يبذل جهدا كبيرا. وحسبه، فهي مسؤولية كبيرة أمام التاريخ والذاكرة والفن الرابع، وخصوصا أمام الجمهور. وعاد عمر فطموش، في ندوته الصحفية، للتحدث عن الكوميديين في الفن الرابع، مؤكدا أن الجزائر لاتزال تعاني نقصا كبيرا في الكوميديين المحترفين، خصوصا فئة الشباب:«المخرج في كل عمل مسرحي يجد نفسه مجبرا على القيام بكل شيء وحتى في توجيه وتكوين الكوميديين، ما يؤدي إلى استغراق وقت أكبر للانتهاء من المسرحية". ودعا في هذا الصدد إلى ضرورة الاعتماد على التكوين والتأطير وإنجاز هياكل كالمدارس والمعاهد لتكوين الكوميديين والمختصين في كل تخصصات المسرح والفنون الأخرى. وفي رده عن سؤال "الجزائرنيوز" حول تقييمه للطبعة الأخيرة للمهرجان الوطني للمسرح المحترف، تأسف عمر فطموش من نوعية أغلب المسرحيات المقدمة ومن المواضيع المعالجة، والتي اهتمت بالثورة التحريرية في جانبها السطحي:«صراحة لم أفهم لماذا تم تقزيم الثورة التحريرية في مشاهد مسرحية تركز على إطلاق الرصاص واستخدام الأسلحة"، مضيفا:«الثورة التحريرية هي أكبر وأبعد من ذلك بكثير، فهناك لقاءات واجتماعات ومؤتمرات وسياسة وحب وشخصيات وأوضاع اجتماعية واقتصادية". واستغرب فطموش قرار لجنة التحكيم بعد منح جائزة جماعية لخمسة كوميديين، معتبرا ذلك كارثة لا تشجع عن التنافس:«كان على أعضاء لجنة التحكيم اختيار الأفضل من الخمسة ومنحه جائزة فردية". وفي هذا الصد صرح عمر فطموش أن المسرح في الجزائر أشبه بورشة، مرجعا أسباب تأخر تطوره إلى الأوضاع السياسية والأمنية التي عاشتها الجزائر: "خرجنا من الاستعمار فاصطدمنا مباشرة بالواقع الاجتماعي والاقتصادي الصعب، ثم أحداث ربيع 1980 وأحداث أكتوبر 88 وبعدها العشرية السوداء". وأكد عمر فطموش أنه سيواصل مشروع إخراج المسرح من الأسوار، والذي انطلق فيه منذ السنة الماضية بالمسرح الجهوي عبد المالك بوڤرموح ببجاية، مشيرا إلى أن "مسرح الشارع" هو الوحيد الذي بإمكانه أن يحقق نهضة حقيقية للفن الرابع بالجزائر.."يمنح الفرصة للشباب لتحقيق الإبداع ويساهم في جلب الجمهور". كاشفا أن الانغلاق على المسرح داخل القاعات يعرقل تطويره. ودعا إلى توسيع العملية إلى كل المسارح الجهوية عبر التراب الوطني.