أمتع مجموعة من الشعراء القادمين من وجهات مختلفة لحضور لقاء الجاحظية بأروع ما جادت به قرائحهم من قصائد شعرية زاوجت بين الشعر الفصيح والشعر الملحون. وقد حضر الأمسية، التي كانت متميزة بعبق الشعر، نخبة من عشاق الشعر إلى جانب طلبة جامعيين من قسم الآداب وكذا فنانين مسرحيين. ونشطت الفضاء الثقافي الإعلامية والشاعرة ياسمين جنوحات. وقد افتتحت الشاعرة السورية فريال حقي الأمسية الشعرية بقصيدة "دمشق" والتي جاءت في قالب سردي درامي تحكي عن الأحداث السياسية المريرة التي تتخبط فيها سورية بين مطرقة المحاكم الشرعية وفتاوى الإسلاميين وسندان سياسة الدولة، كما وقفت الشاعرة خلال إلقائها على الأطلال لتبكي سورية الحضارة والعراقة متسائلة في الوقت ذاته عن مصيرها الغامض، متضرعة إلى الله أن ينظر إلى شعبها البريء من وساخة أيادي الحكام، فالشاعرة فريال حقي تمكنت بطريقة إلقائها من زعزعت مشاعر الحضور وأعادت إلى أذهانهم صورة سورية الممزقة، ليبدوا تضامنهم بطريقتهم الخاصة مع الشعب السوري. أما الشاعر عليان عبد اللطيف فأمتع الحضور بقصيدة "الحطّاب"، حيث ألقى أبياتا شعرية امتزج فيها الغزل بحب الوطن، حيث اعتمد عليان على الشعر التناظري في بناء نصين وعبر فيهما الشاعر عن مدى وفائه للمعشوق ومدى قدرته على العطاء للآخر دون مقابل. وقد تفاعل الحضور بطريقة الإلقاء التي استعارها الشاعر على طريقة الهيب هوب، حيث بعث الشعر على الطريقة العصرية. أما الشاعر الإعلامي نضال سوداني فكانت له هو الأخر طريقته الخاصة في إلقاء قصيدته "إليك"، حيث تحدث عن الغزل والعشق بلغة راقية ممزوجة برائحة الحب والياسمين، وهو الشيء الذي جعل المتلقي يتتبع خلجات كلماته ويتبعها بتصفيقات وأهازيج الإعجاب بأدائه المنفرد. ومن جهته فضل سليمان عبد القادر أن يتلو أبيات قصائده من كتابه لدموع الصمت، فاستحضر قصيدته المعنونة "عفوا على سيدتي السمراء" كشف عن حبه الجريء لسيدة أعجب بها لأول وهلة، حيث شده إليها شجاعتها وجرأتها الممزوجة بجمالها الغجري الساحر، فالشاعر قدم صورة واضحة الملامح للمرأة التي سكنت روحه دون استئذان، حيث وجد في جرأتها تلك الطاقة السحرية التي دفعته إلى الكتابة والإبداع الشعري، فالشاعر سليمان برع في إلقاء كلماته الجميلة النابعة من الوجدان ليقوم ببعثها في أحلى حلة. كما وقع آخرون بصمتهم بالأمسية الدافئة على غرار الشاعر خبشان محمد، بن عطى الله عصام، خديجة ريحاني، محمود يمير، فريال ميلودي، خليدة بقرينة وغيرهم من الشعراء المؤمنين بقداسة الكلمة الرائعة. وقد اختار الشاعر يحيى بلحدوش إلقاء قصائده الشعرية باللغة الأمازيغية وتحدث في مجملها عن مظاهر الجمال والحب التي تتمتع بها منطقة جرجرة، مسلطا الضوء على التراث العريق الذي تتمتع به منطقة القبائل.