أمتعت مجموعة من الشعراء من القطر الوطني، بحر هذا الأسبوع، رواد الجاحظية بأروع القصائد الشعرية التي تزاوجت بين الشعر الفصيح والملحون مرفوقة بإيقاعات العود. وقد افتتحت الشاعرة فوزية حمزي، الأمسية الشعرية، بقصيدة بعنوان “نرضى بالمكتوب" والتي جاءت في قالب سردي، عن واقع الإنسان في الحياة، حيث ترى الشاعرة أنه على كل شخص أن يؤمن بقدره وبالحياة التي سطرت له قبل ولادته، ثم أعقبتها بقصيدة “يا حبي بكيتني" والتي غلب عليها طابع الحزن والحسرة عن حب ضائع في غياهب النسيان، وتفننت الشاعرة في بناء نصين قصيرين عبرت فيهما عن مشاعرها وانفعالاتها تجاه جراحها التي لم تضمد، حيث كشفت الشاعرة تفاصيل عن حجم المعاناة التي مرت بها بسبب فراق من تحب. بعدها عرجت الشاعرة، أمال عزيرية، بالحضور إلى الشعر الفصيح وقد عنونت قصيدتها “بالحجر"، حيث قالت “تلك الدبابة تقتل الطفل والدعابة هل أنا من حجر؟ كيف سمحت لآلة الموت أن تقضي على الابتسامة هل أنا من حجر؟.. حتى وإن كنت من حجر على الحجر أن يكون هو المنتصر". وسلطت أمال، الضوء على المحنة التي يعيشها الشعب الفلسطيني يوما بعد آخر جراء آلة القتل اليهودية التي تحصد الأرواح، وأبدعت عزيرية في طريقة الإلقاء، حيث أعادت الحضور إلى الزمن الجميل، كما أنها رسمت بمقاطع الأبيات الشعرية لوحات فسيفسائية. أما الشاعر جمال بوقر، ابن القصبة، فهو الآخر أبدع في تقديم قصائده التي جاءت في الإلقاء على طابع أغنية الشعبي، وما زاد من جمال قصيدته المعنونة ب “طبطبنا على الباب لناسوا راحوا"، حيث اعتمد على الشعر التناظري في بناء النصين وعبر فيهما الشاعر عن حزنه وأسفه لفقدان حي القصبة العتيق لأروع عاداته وتقاليده، التي كانت تعد جزء مهما في بناء الذاكرة التاريخية الجزائرية. إلى جانب ذلك، فضل شعراء آخرون طريقتهم الخاصة في عملية إلقاء الكلمة الجميلة، وهذا ما برعت فيه لامية صغير وزملائها. بعد ذلك أتيحت المداخلات للحضور، الذي استحسن معظم القصائد التي تحدثت إلى الروح قبل العقل، حيث أعرب الحضور عن إعجابهم بهذا الجيل الذي لا يزال مؤمنا ومتشبثا بلغة الشعر رغم السرعة الفائقة للعولمة.