يرى الأمين العام لحركة النهضة، فاتح ربيعي، أن خيار المقاطعة سيكون مطروحا بقوة على مستوى الحركة للرئاسيات المقبلة، إذا ترشح الرئيس بوتفليقة لعهدة رابعة. وأكد ربيعي، في هذا الحوار المطول الذي أدلى به ل«الجزائر نيوز"، على أهمية أن تكون الرئاسيات المقبلة مفتوحة، شارحا أيضا مقتضيات هذا المصطلح. وقال ربيعي ضمنيا إن ما يحدث في دول الربيع العربي التي وصل فيها الإسلاميون إلى الحكم، ليس مقياسا يتم من خلاله الحكم على مدى قدرة الإسلاميين على الحكم في الجزائر، مبينا كيفية ذلك ضمن طروحات أخرى كثيرة قدمها في هذا الحوار الذي تناول فيه مواضيع الساعة، مثل مرض الرئيس وأهمية إجراء الرئاسيات قبل تعديل الدستور، ومحاولة السلفيين تأسيس حزب سياسي لهم في الجزائر. تحدثتم مؤخرا عن مشروع صفوي هوخادم للمشروع الصهيوني عندما قلتم إن الجزائرمستهدفة من هذه الناحية، وكان ذلك في سياق كلامكم عن خطر نواة شيعية في بلادنا. هل تعتقدون أن الجزائر مستهدفة فعلا على هذا النحو، وكيف ذلك؟ أولا أشكركم على هذه الاستضافة وإتاحة الفرصة. وفيما يخص الموضوع الشيعي، نحن في حركة النهضة لسنا ضد المذهبية والناس أحرار في اعتناق المذاهب والآراء الفكرية، ولكن في نظرنا أن يكون من وراء المذاهب أجندات سياسية تهدد استقرار الجزائر أودولة أخرى من الدول، فهذا ما نرفضه. وقد تحدثنا في مرحلة من المراحل، وخلال الندوة التي أشرتم إليها، عن التنصير.. و نحن لسنا ضد المسيحية ولكن ضد استغلال المسيحية لتهديد الاستقرار، وهذا ما نرفضه أيضا. ونفس الشيء مع الشيعة، وقد استمعت إلى الأمين العام لحزب الله اللبناني، حسن نصر الله، يقول إن ولاية الفقيه ليست خاصة بلبنان فقط ولكن يجب - كما قال -أن تعم العالم الاسلامي، ما حركنا في الموضوع هو ما يحدث في سوريا.. ما يحدث من إبادة جماعية يشارك فيها حزب الله اللبناني والذي كان يفترض فيه أن يدفع نحو الحل السياسي الذي يجمع السوريين. نحن نرفض أن تتحول أي نواة شيعية إلى أداة لتهديد استقرار الجزائر، المعروفة بسنيتها ومذهبها المالكي. لاحظنا من خلال مقاربتكم أن عدم حدوث ذلك مرهون بوجود حصانة فكرية وعقائدية، ولكنكم تحدثتم أيضا عن حصانة اقتصادية واجتماعية وقدمتم في ذلك أكثر من مثال عن سوء الوضع في الجزائر، هل الوضعية في بلادنا هي فعلا بهذا السوء؟ أنا لم أتحدث عن ظلام في الجزائر وإنما قمت بتحليل الوضع الاقتصادي والاجتماعي، وأنه ليس مريحا ولا يتماشى مع إمكانيات الجزائر، وقدمت في ذلك رقما عن الجانب الاقتصادي من حيث تهريب أكثر من 172 مليار دولار إلى الخارج، وفق البنك الإفريقي للتنمية، وذلك خلال الثلاثين سنة الماضية. كما أن الصادرات خارج المحروقات لا تصل إلى 2 مليار دولار سنويا، و خلال الربع الأول من السنة الجارية 2013 لم تتجاوز 300 مليون دولار. إذن الجزائر تعتمد على الريع البترولي، وكلما انخفض سعر البترول إلا وهددت المشاريع الكبرى المرتبطة بالبنية التحتية مثل الطرقات والسدود. إذن نبهنا إلى ضرورة أن تتجه الجزائر تدريجيا ومن خلال سياسة اقتصادية ورؤية متكاملة من شأنها إخراج الجزائر إلى الاقتصاد المنتج للثروة.. وبخصوص الجانب الاجتماعي هناك إجماع على وجود توترات اجتماعية في قطاعات كثيرة ولم تجد حلولا.. هناك انعدام للمسؤولية السياسية، ولم يستقل أو يقال أي وزير. لكن نبهنا أيضا إلى أن رأس المشكل في الجزائر هو سياسي بامتياز، مع انعدام الشفافية، والتزوير في الانتخابات وفشل الإصلاحات، والوضع الصحي الغامض لرئيس الجمهورية الذي نتمنى له الشفاء والعودة إلى الوطن. الآن كيف نخرج من هذا الواقع؟ قدمنا مقاربة سياسية تتضمن أولا تنظيم انتخابات رئاسية مفتوحة وليست مغلقة، وبعدها مباشرة تشكيل حكومة وفاق وطني من مختلف الأحزاب لتكون لها قاعدة سياسية عريضة، حيث تشرف على تصحيح مسار الإصلاحات، خاصة القوانين العضوية المتعلقة بالأحزاب والانتخابات وقانون السمعي البصري الذي لم ير النور إلى اليوم، وبعد ذلك تنظم انتخابات تشريعية ومحلية لنعيد بناء مؤسسات الدولة بناء صحيحا بعيدا عن هيمنة الإدارة. ماذا تقصدون بالانتخابات الرئاسية المفتوحة؟ أن تبتعد عن طبخة السلطة، حيث كما هو معروف من خلال السوابق السياسية، يعين الرئيس وتحشد له أحزاب ومكونات المجتمع ليكون الفائز قبل إجراء الانتخابات، فمقتضى الرئاسيات المفتوحة أن ترشح الأحزاب بحرية وتتقدم الشخصيات الوطنية للترشح، ويصوت الشعب من خلال انتخابات حرة وشفافة ونزيهة، بعيدا عن صناعة الإدارة، من أجل إفراز رئيس عبر صناديق الاقتراع وليس من خلال الغرف المظلمة. بغض النظر عما ذكرتموه في الجانبين الاجتماعي والاقتصادي، وجهتم انتقادات شديدة إلى السلطة بسبب قضية مسح ديون بعض الدول، وقلتم إن المؤسسات غائبة بعد مرض الرئيس، ألا يبدو لكم أنها تعمل بشكل عادي حتى بعد مرضه؟ نحن نبهنا إلى ضرورة أن تؤدي المؤسسات الدستورية مهامها، خاصة في القرارات الكبرى التي تهم الشعب، والأموال هي للشعب وكان لا بد من استشارة المؤسسات التمثيلية للشعب. وإذا كنا قد قبلنا بمسح ديون دول إفريقية فقيرة ودول الجوار التي تمثل عمقا استراتيجيا للجزائر، فمن غير المقبول مسح ديون حكومة العراق الطائفية التي تسجن الجزائريين وتذيقهم العذاب في سجونها، مع أن العراق بلد بترولي وفي غنى عن أموال الجزائر. وبخصوص غياب المؤسسات بسبب مرض الرئيس، فإني أؤكد أن المؤسسات عاطلة وشكلية قبل مرض الرئيس وازدادت عطالة وضعفا مع المرض. فمثلا البرلمان الجزائري يفترض فيه أن يؤدي وظيفة الرقابة والتشريع، لكن الشعب يعلم أن هذه المؤسسة لا تؤدي هذا الدور وهي مجرد أداة لتنفيذ سياسة الحكومة عوضا عن محاسبتها ومراقبتها. ربما نتائج الانتخابات التشريعية الماضية هي التي أغضبتكم؟ حين تكون الانتخابات شفافة وذات مصداقية، لا يغضب لنتائجها من يؤمن بالتعددية. والسؤال المطروح الذي يمكن أن يجيب عليه أي جزائري.. هل الانتخابات عندنا ذات مصداقية أم لا؟ أجابت عن هذا السؤال اللجنة الوطنية لمراقبة الانتخابات في تقريرها النهائي، سواء في التشريعيات أوالمحليات، وكانت خلاصته أن الانتخابات مزورة، ووقع على المحضر النهائي 45 حزبا ولم تتحفظ عليه سوى الأحزاب المنتفعة من ريع الإدارة وكوطة الإدارة. لنعد قليلا إلى مرض الرئيس، هناك معطى جديد يتمثل في الصور التي بثت مؤخرا في التلفزيون العمومي ووكالة الأنباء الجزائرية، يبدو أن صحته تتحسن والأمور ستعود إلى مجراها الطبيعي لاحقا، أليس كذلك؟ بخصوص مرض الرئيس نحن نفرق بين أمرين اثنين، مع الإشارة إلى بعض الانتهازيين الذين يستغلون حديثنا عن مرض الرئيس ويوجهون الاتهام إلى المعارضة وكأنها تتشفى في مرضه، ونحن - كما قلت - نفرق بين أمرين اثنين: الأول يتعلق بالجانب الإنساني والأخلاقي، فكل إنسان يمرض ولا شماتة حتى مع الأعداء، فكيف إذا تعلق الأمر برئيس الجمهورية. ولذلك فإن الجانب الإنساني والأخلاقي يحتم علينا الدعوة له بالشفاء والعودة في أقرب وقت لأداء مهمته في خدمة الأمة. أما الأمر الثاني فهو سياسي بامتياز، ويتعلق بمنصب حساس ومهم هو منصب رئيس الجمهورية، والذي يعني كل الجزائريين والطبقة السياسية بصفة خاصة. وعندئذ نسجل الملاحظات التالية: الأولى هي أن السلطة تعاملت باستخفاف مع الشعب بخصوص مرض الرئيس، فالمعلومات كانت تأتينا في كثير من الأحيان من المسؤولين الفرنسيين أو من غير المؤهلين من الجزائريين، والذين نعتقد أنهم يفتقرون إلى المعلومات مثلنا، ولكنهم مستفيدون من الوضع الحالي. وأكاد أجزم أنه لا تهمهم صحة الرئيس أكثر من مصالحهم الضيقة. والملاحظة الثانية هي أن التقارير والنشريات التي كانت تقدم بخصوص وضعه الصحي، كانت تؤكد أنه في صحة جيدة، ولكن النشرة الأخيرة المرفوقة بالصورة أكدت أن الرئيس لايزال يحتاج إلى وقت لإعادة تأهيل وظيفي، ما ينفي ما كانت تروجه تلك الأبواق. الملاحظة الثالثة.. نحن نتمنى أن تقع الاستفادة من الأخطاء الماضية ويتم التعامل بالشفافية المطلوبة مع مرض الرئيس، لأن الشعب من الوعي بمكان، والسلوكات والتصرفات الخاطئة من المسؤولين تزيد الهوة بين الشعب وبين من يحكمه، ولذلك لابد من التصحيح. هل أنتم مع تطبيق المادة 88 من الدستور بخصوص مرض رئيس الجمهورية؟ في حركة النهضة لدينا مقاربة أخرى ورأي آخر، نحن لا نستعجل تطبيق هذه المادة وإن كنا نحترم كل الآراء، لكن في نظرنا قبل الحديث عن المادة 88 من الدستور لابد من معرفة صحة الرئيس، فإذا كانت حالته في تحسن والخبرة الطبية تؤكد أنه من الممكن أن يؤدي وظائفه، يصبح الحديث عن هذه المادة لا معنى له. أما إذا أكدت الخبرة الطبية والمعلومات الصحيحة غير ذلك عن صحة الرئيس، فالمادة الدستورية وضعها المشرع لأنه يمكن تطبيقها شأنها في ذلك شأن أي مادة في الدستور، وهذا الأخير كما تحدث عن حالة العجز فإنه تحدث عن حالات أخرى. لكن ينبغي أن نؤكد أننا نتمنى الشفاء له، وأن تستفيد السلطة من أخطائها فتعطي الحقيقة دون تجاوز، لأنه في غياب الحقيقة تحل محلها الشائعات، وهي مضرة دون شك. هل تنوون الترشح للرئاسيات المقبلة أم أنكم تنوون مساندة مرشح آخر؟ الرئاسيات تشكل فرصة ثمينة للشعب من أجل إحداث التغيير الهادئ الذي يمكن أن يجنب الجزائر الفوضى والانزلاقات، لأن الجزائر ضيعت فرصة الإصلاحات التي كانت عرجاء وأُفرغت من محتواها بسبب الأنانيات الحزبية الضيقة، ثم ضيعت بعد ذلك فرصة ثمينة للتغيير بمناسبة التشريعيات الماضية المزورة، فلا نريد لفرصة الرئاسيات المقبلة ألا تضيع. وبخصوص ترشحي من عدمه فهذا يرجع إلى مؤسسات الحركة بناء على ما لديها من معطيات مرتبطة بهذا الاستحقاق. وأؤكد أن الحركة تمتلك إطارات كفؤة يمكن أن تنافس في هذا الاستحقاق إذا كان مفتوحا، لكن نحن في الحركة ما يقلقنا هي الأجواء المحيطة بالرئاسيات.. حيث أننا على مقربة من هذه الانتخابات بغض النظر عن مرض الرئيس، ومع ذلك تفتقر هذه الانتخابات للحيوية السياسية المطلوبة والحراك المفترض في استحقاق كهذا، والسبب هو السوابق السياسية المرتبطة بهذا الاستحقاق، والتي تؤكد أن المترشح الفائز بالانتخابات هو من يعين من طرف المخابر قبل الانتخابات، وبقية المرشحين مجرد أرانب وديكور لتزيين عرس الفائز أومرشح السلطة. لنفترض أنكم لن تترشحوا للانتخابات، هل ستساندون مرشحا معينا؟ هل يمكن أن نعرف من هو أو لونه السياسي على الأقل؟ النهضة ليست جمعية خيرية وليست حزبا ليس له أهداف يريد أن يحققها، وعليه فإن النهضة تريد أن تكون رقما فاعلا في الحياة السياسية وليس مجرد جمعية تؤدي دور المساندة. وإذا كانت قد قبلت أداء أدوار اقتضتها مصلحة الجزائر أيام المحنة، فإننا اليوم مصرون على تجذير الديمقراطية والتعددية الحقيقية بما يحقق طموحات الشعب الجزائري في الاستقرار والازدهار، ولذلك من السابق لأوانه الحديث عن دخول هذا الاستحقاق من عدمه، قبل توفر أجواء المنافسة الشريفة وأجواء الانتخابات المفتوحة. ولكن حتى إذا رشحتم أحدا أو ساندتموه، ما هي المعايير التي ترون أنها ينبغي أن تتوفر في الشخص المناسب لمنصب رئيس الجمهورية؟ يفترض في حزب سياسي له برنامج وله رجال أن يرى من رجاله في حزبه من هو الأقدر على تسيير شؤون البلاد، والنهضة تمتلك البرنامج والرجال، ولكن الذي يفصل بين الأحزاب والمرشحين ويحدد من هو مؤهل أكثر لقيادة البلاد هو الشعب من خلال انتخابات حرة ونزيهة وذات مصداقية، فمن صوت له الشعب وحاز الأغلبية هوالمؤهل لقيادة البلاد. في كل مرة تتحدثون فيها أفهم من كلامكم أنكم ستقدمون مرشحا من الحزب.. هذه أحد الخيارات الموجودة والمتداولة داخل الحركة، لكن هناك طروحات وبدائل أخرى وأفكار جديرة بالمناقشة، ولكن يقف في وجهها جميعا مسألة مدى توفر ظروف وأجواء انتخابات حرة وشفافة ونزيهة. لو حدث أن ساندتم مرشحا لرئاسيات، هل سيكون إسلاميا؟ لست ميالا إلى مصطلح المساندة الذي صار شبه ممجوج، لأنه يوحي بأن الحزب لا برنامج له ولا رجال، وأعود وأكرر أن الخيارات لدى النهضة كثيرة بناء على ما تحدد من أهداف لهذه الانتخابات. ولكن قبل الحديث عن الترشح يجب الفصل في جدوى هذه الانتخابات وجدوى المشاركة فيها، وهذا يرجع إلى مؤسسات الحركة بناء على ما يتوفر لديها من ظروف ومعطيات. ماذا سيكون موقفكم من المشاركة أوالمساندة إذا ترشح الرئيس بوتفليقة لعهدة رابعة؟ على مستوى النهضة نتمنى أن لا يُقحَم الرئيس في عهدة رابعة، خاصة أنه عانى في هذه العهدة من أمراض نتمنى له الشفاء منها، وهذا مبني على قناعة أن تحديد العهدات الرئاسية هو الأصوب، ولذلك لجأت إليه الدساتير والديمقراطيات الحديثة. أما إذا ترشح الرئيس فعلا فأعتقد أن الانتخابات بلا شك ستكون مغلقة ويتحمل تبعات هذا الغلق من كان سببا فيه، وموقفنا من الانتخابات في هذه الحالة ستحدده مؤسسات الحركة، والمقاطعة ستطرح بقوة. لاحظنا من خلال طرحكم في بعض المناسبات أنكم تشددون أولا على إجراء انتخابات رئاسية ثم تعديل الدستور، هل توجد دلالة معينة في هذا الترتيب؟ يجب التنبيه إلى أن حركة النهضة كانت من الأحزاب التي طالبت بتعديل الدستور قبل القوانين العضوية، عند مباشرة ما سمي بالإصلاحات، وذلك عملا بمبدأ سمو الدستور وتدرج القوانين كقاعدة دستورية، لأن القوانين تابعة للدستور. والذي حصل في بلادنا أنه تم البدء بالقوانين العادية والعضوية ثم يراد للدستور أن يكون تابعا لهذه القوانين، وهذا خطأ كبير. وبعد تعنت السلطة وإصرارها على مخالفة القواعد والأعراف الدستورية وإفراغ قوانين الإصلاحات من محتواها، وتزوير الانتخابات، وتشكيل لجنة تقنية مفرغة من الرأي السياسي وغير قادرة، والضغوطات الممارسة عليها، تأكد لدينا أنها إذا استمرت في عملها فإنها ستنتج دستورا على مقاس أهواء أصحاب السلطة والنفوذ، حيث لن يكون الدستور دستورا يمثل الجزائريين ولكن دستور من يحكم، ولذلك قدمنا مقاربة سياسية أخرى، خاصة أننا على أبواب الرئاسيات وهي التي أشرت إليها من قبل.. انتخاب الرئيس من خلال انتخابات مفتوحة ثم تعديل الدستور ثم تعديل مختلف القوانين تبعا للدستور، ثم إجراء انتخابات جديدة تشريعية ومحلية. هل تعتقدون أن الإسلاميين قادرون فعلا على الحكم بالنظر إلى ما يجري في بعض دول الربيع العربي، وبالنظر أيضا إلى ما يواجهه رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، من احتجاجات مؤخرا، وهو الذي دافعتم عنه بقوة خلال زيارته الأخيرة إلى الجزائر؟ أحب أن أؤكد أنه ليست تركيا أم مصر أوتونس أودولة أخرى هي النموذج لنا. هذا من جهة، ومن جهة أخرى نؤمن أن الجزائر والجزائريون لهم خصوصية تختلف تماما عن بقية الشعوب الأخرى وتجربتهم، و تجارب الإسلاميين الجزائريين تختلف أيضا عن تجارب الآخرين. بل نرى أن الإسلاميين في البلدان الأخرى عليهم الاستفادة من تجربة الإسلاميين في الجزائر، وقد مررنا بالسرية في أيام الحزب الواحد ثم عشنا التعددية، وفينا من شارك في الحكومة عندما كان التيار الإسلامي في بعض البلدان يعيش مضايقات كثيرة. نحن نتطلع في الجزائر إلى إنضاج تجربتنا وتكريس الديمقراطية، ونأمل أن تكون لنا فرصة ليجربنا الشعب ونعتقد أن ذلك اليوم سيأتي طال الزمن أم قصر، وبعد أن نستلم السلطة يتم الحكم علينا فإن أحسنّا يكون ذلك لبلدنا وشعبنا، وإن أخفقنا ينزلنا الشعب من الحكم ويعطيه لغيرنا، ونكون سعداء بالديمقراطية والتعددية التي ما زالت مع الأسف في بلادنا مجرد شعارات. هناك محاولات من جانب السلفيين لإنشاء حزب سياسي، كيف تنظرون إلى ذلك وكيف تنظرون إلى وعائهم الانتخابي الذي يتحدث عن سعته الكثيرون؟ من حقه ذلك كي يعبر من خلاله عن أفكاره وبرنامجه في حدود ما يسمح به القانون والدستور، شأنهم في ذلك شأن أي مجموعة أخرى في الجزائر، وليس من الحكمة حرمانهم من هذا الحق. ونحن في حركة النهضة نؤيد بل نطالب بمنحهم الاعتماد، لأن المجموعة إما أن تستوعب من خلال الاعتماد الرسمي والقانوني أوتحرم من ذلك، فتلجأ إلى أساليب السرية وما فيها من مخاطر. وهذا بغض النظر عن وعائهم الانتخابي، فإذا كان لهم هذا الوعاء والتف الشعب حولهم واقتنع ببرنامجهم فمقتضى الديمقراطية والتعددية أن يمنحوا فرصة للحكم لتنفيذ برنامجهم، وإذا لم يكن لهم وعاء فلا تأثير لهم ولا خوف منهم.