في إطار التضامن مع الشعب المالي انطلقت، يوم أمس، فعاليات الندوة الدولية للمجتمع المدني لدول الساحل المتضامنة مع الشعب المالي، بمشاركة العديد من الشخصيات الإفريقية الفاعلة في الحركة الجمعوية، إلى جانب وفد هام من جمهورية مالي بقيادة رئيس المجلس الإسلامي الأعلى المالي الشيخ محمد ديكو، وهذا من تنظيم الشبكة الجزائرية لأصدقاء وشعب مالي بالتنسيق مع جبهة المواطنة الافريقية. وتركزت محاور النقاش والتدخلات على المقاومة الداخلية لمالي في منطقة الساحل، حيث تم استعراض سبل حل الأزمة المالية المتعددة الجوانب، خاصة الجانب المتعلق بوحدته والدفاع عن سيادته الوطنية، وكذا مشكلة إعادة تهيئة البيئة التحتية لمالي، وملف اللاجئين على الحدود مع البلدان المجاورة، ونزوح أكثر من مليوني مالي إلى الجنوب هروبا من المعارك والتقتيل الدائر هناك. وفي جانب آخر تطرقت الندوة إلى قضية تفشي الإرهاب بمنطقة الساحل وتهريب المخدرات والجريمة المنظمة. وتأتي أهمية الندوة كونها تنعقد بالجزائر التي ساعدت ومازالت تقدم يد العون لدولة مالي، على غرار الدول الإفريقية الأخرى. وقد تميزت الندوة بحضور حوالي 300 مشارك من مختلف المجتمع المدني، سفراء وزراء سابقين، وشخصيات من السلك الدبلوماسي المعتمد بالجزائر، بالإضافة إلى مشاركة دول الساحل. وفي كلمته الاختتامية ركز محمد محرز العماري، رئيس الشبكة الجزائرية لمساندة للشعب المالي ورئيس جمعية المواطن الإفريقي، على ضرورة مساهمة المجتمع المدني في تدعيم الشعوب لتقرير مصيرها، وهذا دفاعا عن سلامة التراب المالي ووحدة شعبه. أما محمد ديكو، رئيس المجلس الإعلامي الأعلى لمالي، فقد أشاد بوجود ممثلي بلدان الساحل من أجل التعبير عن مساندتهم للشعب المالي، الذي يمر بأزمة حقيقية لم يشهدها تاريخه. وأكد ديكو أن احتلال الشمال المالي قد زاد في تأزم وصعوبة القضية، إذ باتت الجماعات الإرهابية تشكل خطرا على مالي ودول الساحل، وأن الإشكال المطروح اليوم هو كيف يتم حل مشكلة كيدال وضمان إجراء الانتخابات الرئاسية القادمة المقررة في 28 جويلية 2013 في ظروف حسنة ومواتية: "لا يمكن حل الأزمة المالية إلا من خلال تضافر جهود دول الساحل، وإن أي تدخل أجنبي لن يحل المشكلة بل يزيد في تعقيدها". ومع تأكيده على أن مالي ستخرج من أزمتها، ربط ديكو ذلك بالديمقراطية والمساواة والعدالة، التي لابد أن تسود في هذا البلد: "أستغل هذه الفرصة لأدعو كل المنظمات الإسلامية والمجتمع المدني، لتبيان معاني الإسلام وقيمه، كونه يضمن حرية الشعوب وكرامتها". ومن جهته أبرز ممثل النيجر، علي بن ديار، رئيس الصليب الأحمر، أن سلطات النيجر تعمل على مساعدة دولة مالي من خلال حضور رئيس النيجر في كل الملتقيات والمؤتمرات التي تبحث الأزمة المالية: "الأمن في مالي يعني منطقيا الأمن في النيجر، وكل من يمس هذا الشعب يمس بلدان الجوار، وفي هذا الاطار فقد قدم بلدي مساعدات كبيرة للاجئين الماليين الموجودين على أرض النيجر من خلال إنشاء ملاجىء". ولم يتردد ممثل موريتانيا، ديابيرا، وهو وزير سابق، في التأكيد على أن دولة مالي تحتاج إلى مساعدات ومؤازرة لأن تراجيديا مالي هي تراجيديا إفريقيا ككل:«أريد القول باسم منظماتنا أن مالي عليه أن يتجنب الانهيار، ولكي تجد هذه الدولة توازنها عليها أن تعالج قضية الجماعات الإرهابية التي تشكل خطرا حقيقيا، ولا يوجد أي حل آخر سواء انتهاج الحوار وتحقيق العدالة، وندعو الشعب المالي بكل أطيافه إلى فتح حوار صريح لإنهاء الأزمة التي دمرت البلد، وهذا للوصول إلى مصالحة، ما يعود بالاستقرار على كامل المنطقة".