تقاطعت أراء المشاركين في أشغال الندوة الدولية لتضامن المجتمع المدني لدول الساحل مع مالي، المنعقدة بالجزائر في بوتقة واحدة، تدعو المجتمع المدني إلى المساهمة في حل الأزمات التي تهدد أمن واستقرار دول المنطقة، وتشدد على ضرورة الانخراط في أي عمل يضمن استقرار ووحدة الصفوف والتنسيق مع بقية شعوب المنطقة للقضاء على أسباب التوتر في مالي وفي منطقة الساحل ككل. ووصف رئيس الشبكة الجزائرية لأصدقاء شعب مالي ورئيس جبهة المواطنة الإفريقية، محرز العماري في كلمة ألقاها في افتتاح أشغال الندوة التي حضرها 123 ممثل عن منظمات المجتمع المدني لدول الساحل، وشخصيات وطنية ودولية، وممثلو السلك الدبلوماسي المعتمد في الجزائر، ندوة الجزائر ب«المهمة» كونها تعد بمثابة «تعبير عن ثقافة التضامن التي تبديها الجزائر إزاء الدول الإفريقية منذ الاستقلال»، وتأكيد لموقفها الدائم إزاء القضايا العدالة في العالم. وأكد العماري، أن الجزائر متضامنة مع الشعب المالي وكافة شرائحه اليوم أكثر من أي وقت مضى، داعيا إلى وضع «اليد في اليد لبناء علاقات إستراتيجية خالية من كل أشكال اللاأمن واللااستقرار». وأبرز ذات المسؤول، أهمية مشاركة المجتمع المدني في دعم الحوار بين الماليين، لإحتواء الأزمة المالية وإيجاد حل نهائي ينهي حالة النزاع واللااستقرار بالمنطقة. ولم يفوت العماري الفرصة، ليذكر بمعاناة الشعب الصحراوي أحد سكان منطقة الساحل، مجددا موقف الجزائر الثابت إزاء القضية الصحراوية العادلة، المساند لحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير، مشددا على ضرورة أن تتحرك الأممالمتحدة من أجل وضع حد للاستعمار في الصحراء الغربية. وتقاطع رأي رئيس المجلس الإسلامي الأعلى لدولة مالي محمود ديكو، مع محرز العماري حينما اعتبر الندوة الدولية للتضامن مع الشعب المالي التي احتضنتها الجزائر ب«المهمة»، كونها ستسلط الضوء على دور المجتمع المدني في تسوية الأزمة وإن قال «أن المؤسسات المجتمعة هنا لا يمكن لها أن تفهم مشكلتنا باستثنائنا نحن». وقال ديكو أن الإرهاب الذي احتل شمال مالي بعد انهيار الدولة لم يشكل تهديدا لمالي فقط، بل لكل المنطقة، مشددا على ضرورة أن يتحول المجتمع المدني إلى قوة للتنمية وإحلال الديمقراطية. وأكد ذات المسؤول، أن مالي سيدافع عن ديمقراطية جديدة تعتمد على إشراك المجتمع المدني، ودولة القانون، مشيدا في هذا السياق بموقف الجزائر شعبا وحكومة حيث ظلت إلى جانب الشعب المالي في كل الظروف. واغتنم ممثل مالي، الفرصة لتوجيه دعوة لمنظمة التعاون الإسلامي، وكافة الدولة الإسلامية من أجل مد يد المساعدة لتنظيم ندوة دولية تعرف بحقيقة الإسلام. وقال إبراهيم كوناتو عضو المجلس الإسلامي الأعلى في مالي، في هذا الشأن أن المجلس الإسلامي الأعلى في مالي قام بإعداد دراسة يحاول من خلالها نشر ثقافة الإسلام الصحيح، حيث يؤكد من خلال مجموعة الأئمة والعلماء أن الإسلام دين تسامح وحوار وليس دين عنف، مثلما يحاول الذين حملوا السلاح الترويج له «حيث شوهوا بأفكارهم صورة الإسلام لذلك نحن نحاول أن نقدم المفهوم الصحيح له وننشره بين الناس»، داعيا الفئة الضالة إلى التعقل والرشاد لأن الفكر الجهادي الذي يسود عندهم يحمل مفاهيم خاطئة عن الإسلام. واسترسل قائلا: وقع علينا مشكل كبير بسبب مشاكل داخلية، ونريد إيجاد حلول داخلية للأزمة المالية بدون تدخل أي أطراف أجنبية لذا نناشد أبناءنا أن يتركوا السلاح وأن يجلسوا إلى مائدة الحوار ويتصافحوا ويتصارحوا لأن الدول المتقدمة تقودها الشعوب وليس السياسيين، معربا عن أمله في أن تتوصل هذه الندوة إلى توصيات تدعو إلى فتح أبواب الحوار بين مختلف الجهات المتصارعة على الحكم. وبرأي كوناتو فقد آن الأوان لانخراط المجتمع المدني في أي عمل يضمن استقرار ووحدة الصفوف والعمل والتنسيق مع بقية شعوب المنطقة للقضاء على أسباب التوتر في مالي. ولأن الجزائر تبقى من طينة الكبار، أعرب كوناتو عن أمله في أن تبقى الجزائر الشريك الأساسي والأمثل والأفضل في المنطقة فبعد أن دفعت تضحيات كبرى من أجل الحصول على استقلالها وعلى استقرارها تلعب اليوم دورا محوريا في حل المعضلة والأزمة المالية. ولم تتخلف الدول الإفريقية في مساندة مالي في محنته، التي ألمت به بعد الإنقلاب على الحكم فسعت النيجر مثلما أبرز علي بن ديار رئيس الصليب الأحمر النيجيري، في تدخله حيث تكفلت باللاجئين الماليين في دوار الجوار وتسعى اليوم إلى بناء 5 آلاف ملجئ للتكفل بالضحايا الأكثر تضررا، فضلا عن تخصيص مساعدات غذائية قدمها الصليب الأحمر النيجيري لسكان المنطقة. ووجه بن ديار، دعوة للمشاركين في أشغال الندوة إلى التفكير المعمق في مستقبل إفريقيا خاصة وأن المنطقة تعيش في ظرف ارتفعت فيه الكوارث الطبيعية التي أصبح التضامن وحده كفيل بمواجهة الأزمة التي تخلفها. وتبقى مالي بحاجة إلى دعم وتضامن من أبناء المنطقة، للخروج من مأساتها يقول ممثل موريتانيا ماروفا ديبيرا، لأن ما «يمس مالي يمس كل دول منطقة الساحل»، لذا لابد من تكثيف التعاون لإخراج مالي من عمق الأزمة ومساعدتها على إعادة بناء المؤسسات، خاصة وأن انهيار الدولة سمح بظهور الإرهاب والتهريب، وهما آفتان تجاوزتا كل الحدود، وأصبحتا أكثر تنظيما.