-1- أول ما يقع عليه بصري دائما،حين أستيقظ··· وصدفة أيضا،صدفة لا تقبل أن تحل محلها صدفة أخرى، كأن يقع بصري على الأرض أو على النور المتسرب من مسام النافذة أو الجدران أو العتبات المفتوحة· أحيانا بجانبي ،أحيانا فوق المخدة أو تحتها ،فوق السرير أو تحته، بين الشراشف في مكان ما، دائما في مكان ما، قريبا ···· أحدق إليه وأبتسم، وأحيانا لا أبتسم ،غالبا ما أحدق إليه بكل تلك الحواس التي لا تفضي إلى ابتسامة أو إلى دمعة،الحواس التي لا تفضي إلى وجه أو مرآة،الحواس التي لا تفضي إلا إلى الغبار· أتذكر ثرثرته الطويلة ،صمته الطويل و إنصاتي الطويل ،إنصات بلا مقاطعة أو تشويش· إنصات الكلام إلى الكلام ،إنصات الصمت إلى الصمت،إنصات الكلام إلى الصمت و الصمت إلى الكلام،إنصات الورق إلى الورق،إنصات الحبر إلى الحبر ،إنصات الورق إلى الحبر والحبر إلى الورق، إنصات الغبار إلى الغبار···· -2- ألتقيه صدفة و دائما أيضا··· ألوح له ،يلوح لي ،لا ألوح له لا يلوح لي ،ألوح له و لا يلوح لي ،يلوح لي و لا ألوح له· مايجمعنا دائما هو معجزة اللقاء ،لكن مايجعل غباره يتحدث و مايجعل غباري ينصت إلى غباره ،هو ذلك الحنين الغامض،حنين الغبار إلى الغبار ،حنين الغبار إلى الهواء الحامل له ،المثقل به و الذي لا يسقط أبدا و لا يتعثر، الهواء الذي كلما ثَقُل بغبار الصمت،بغبار الكلام ،بغبار الغبار،نفذ سريعا و خفيفا و نقيا إلى الداخل، إلى الأعماق، ليُشرّع كل النوافذ،كل الأبواب،كل الأسئلة ،كل الاحتمالات ،كل الأفكار· ليُشرّع الإنسانية على مصراعيها ···· -3- كَتَب الإنسان استعارته الأكثر بلاغة و كثافة و عمقا و سماها كتابا· جعله شبيها به،شبيها بجسده وروحه ،شبيها بداره وعنوانه واسمه،شبيها بقدره، يبدأ وينتهي··· -4- يقع بصري عليه دائما،يقع خفيفا،مُثقلا ،واعيا،ثملا،واضحا،مشوشا· يقع عليه ،ليلتقطه برفق ،،ليلتقطه دون خدوش أو كسور أو تشوهات،ليلتقط الرؤية ،الرؤية التي تقع دائما من مكان ما ترفض أن تبقى معلقة فيه،الرؤية التي تتحرر من علو شاغر نحو غبار كثيف،نحو غبار نقي···