خصصت السلطات الولائية بتيزي وزو غلاف مالي قيمته 25 مليار سنتيم لإعادة ترميم قاعة سينما "جرجرة" المتواجدة بقلب المدينة، التي تم غلقها منذ 15 سنة إثر تعرضها للحرق والتخريب في أحداث العنف التي شهدتها الولاية في جوان 1998 على خلفية اغتيال الفنان القبائلي معطوب الوناس. وكشف مصدر من مديرية الثقافة، أن السلطات المعنية توصلت إلى إيجاد حلول لكل العقبات والعراقيل التي وقفت وراء تأخر إعادة الاعتبار لهذه القاعة بما فيها التوصل إلى حل مشكل المعارضة الناتج من طرف مالك القطعة الأرضية. وانطلقت أشغال إعادة الترميم مباشرة بعد الإفراج عن الغلاف المالي، حيث بدأت عملية التنظيف وإزالة كل البقايا المتواجدة بداخل القاعة، علما أن المؤسسة المكلفة بالأشغال تلقت أوامر بضرورة التعجيل في أشغالها والانتهاء في وقتها المحدد. وتعتبر قاعة سينما "جرجرة" التي أنجزت في سنوات السبعينيات من أهم الهياكل الثقافية بالولاية، واستطاعت هذه القاعة أن تكسب جمهورا كبيرا، وكان من الصعب جدا خلال الثمانينيات إيجاد مقعد داخل القاعة بسبب التوافد الكبير لعشاق الفن السابع ونوعية الأفلام التي تعرضها، حيث نجحت في خلق روابط متينة وصنع تناسق وانسجام قوي بين الجمهور والسينما، لكن هذه المشاهد والصور أصبحت حاليا بولاية تيزي وزو مجرد ذكريات لجيل كان يعشق السينما، حيث لم يعد الجمهور حاليا تربطه تلك العلاقة السابقة بالسينما وخصوصا الجيل الجديد، وظهر ذلك جليا مع إعادة فتح قاعة السينماتيك الجزائرية المتواجدة بحي "المونديال" بعاصمة جرجرة في أكتوبر المنصرم، إلا أنها وإلى يومنا لم تستطع استرجاع جمهورها الذي فقدته على خلفية قرار غلق قاعات السينما خلال العشرية السوداء. والسؤال المطروح حاليا هل يمكن لسينما "جرجرة" بعد انتهاء أشغال الترميم أن تستعيد مجدها وأن تربط مجددا علاقاتها مع جمهورها؟ وهو التحدي الذي ينتظر أن يرفعه مسؤولي الثقافة بولاية تيزي وزو. وبالعودة إلى خلفيات التأخر الكبير الذي دام 15 سنة كاملة في إعادة ترميم قاعة سينما "جرجرة"، فالسبب الرئيسي يكمن في العراقيل التي طبعتها الصراعات السياسية والمصالح الشخصية، فمن جهة هناك أطراف كان همها الوحيد هو إعادة القاعة إلى مجدها وترميمها بهدف بعث الفن السابع من جديد بمدينة تيزي وزو، لكن أطراف أخرى وقفت في وجههم، ويتمثلون في أصحاب المال والنفوذ الذين حاولوا شراء هذه القاعة واستغلالها لأغراض تجارية. وسارعت بعض الأطراف إلى استغلال مناصبها المسؤولة والاختباء وراء صفتهم كسلطة محلية إلى اتخاذ قرار تحويل قاعة سينما "جرجرة" إلى مركز تجاري محاولين تغليط الرأي العام بتخصيص فضاء تجاري للقضاء على التجارة الفوضوية بعاصمة جرجرة إلا أن العديد من السياسيين والمهتمين بالشأن الثقافي وقفوا ضد هذا القرار وأحبطوا مخطط أصحاب المال. وتفاقمت المشاكل في مصير هذه القاعة بعد رفض صاحب القطعة الأرضية التي بنيت فيها القاعة التخلي عن ملكيته كون أن هذه القاعة لم تعد صالحة لعرض الأفلام بعد الحرق والتخريب التي تعرضت له والتي حولتها إلى مجرد رماد محاطة بأسوار بعد حرق وإتلاف كل التجهيزات والعتاد وكسر المرايا وسقوط سقفها. وحاولت مديرية الثقافة استغلال هذه القاعة لتحويلها إلى متحف وسارعت إلى اتخاذ كل الإجراءات والتدابير اللازمة لتجسيد المشروع قبل أن يتم إلغاؤه وتخصيص قطعة أرضية لانجاز متحف بمدخل مدينة تيزي وزو. وبعد مرور 15 سنة توصلت الجهات المعنية إلى إيجاد حلول نهائية لقاعة سينما "جرجرة" واتخاذ قرار إعادة ترميمها وتهيئتها واستغلالها في المجال السينمائي بتخصيص غلاف مالي قيمته 25 مليار سنتيم، وكشف مصدر من مديرية الثقافة أن هذه القاعة سيتم تدعيمها بتجهيزات ووسائل تقنية متطورة تستجيب للمقاييس المعمول بها عالميا في قاعات السينما. ولعل المستفيد الأكبر من هذا القرار هو الجمهور المتعطش وكذا المهرجان الوطني السنوي للفيلم الأمازيغي الذي هو بحاجة ماسة للمرافق والهياكل السينمائية لأجل تحقيق التطور.