لا يزال مواطنو ولاية تيزي وزو ينتظرون إعادة فتح قاعات السينما التي تم غلقها منذ بداية التسعينيات بسبب الأزمة الأمنية التي شهدتها الجزائر عندما كان الإرهابيون يستهدفون المواطنين الأبرياء في الأماكن العمومية في كامل التراب الوطني، حيث اتخذت الدولة إجراءات أمنية بغلق قاعات السينما لتجنب مثل هذه الجرائم، ومنذ ذلك الوقت أصبح المواطن القبائلي، وإلى يومنا هذا، محروما من الفن السابع حتى بعد عودة الأمن والاستقرار، حيث لا يجد فضاء لاكتساب ثقافات الشعوب الأخرى أو للترويح عن النفس بعدما تم غلق كل قاعات السينما بمدينة تيزي وزو والمناطق التبعة لها منذ أكثر من 15 سنة· تعتبر قاعات السينما بولاية تيزي وزو الهيكل الثقافي الذي كان يمتع المواطنين خلال سنوات الثمانينيات كونها تعرّفهم على مختلف ثقافات الشعوب الأخرى، وفي الوقت نفسه كان هناك تناسق وانسجام قوي بين الفرد والسينما، مما خلق جوا ثقافيا مميزا· لكن هذا الأمر أصبح اليوم في ولاية تيزي مجرد ذكريات لجيل كان يعشق السينما، فولاية تيزي وزو حاليا أصبحت تتوافر فقط على هيكل ثقافي واحد، وهو دار الثقافة مولود معمري، التي تعرض فيها الأفلام من وقت لآخر، وبطريقة مناسباتية فقط، لأن دار الثقافة مولود معمري تهتم بكل الفنون والأنشطة الثقافية، لذلك لا يمكن الاهتمام فقط بالسينما· هذا الغياب الفادح للسينما دفع المواطن إلى التساؤل عن حقيقة حرمانهم من هذا الفن بالرغم من عودة الأمن والاستقرار في المنطقة لاسيما وأن مدينة تيزي وزو تتوفر لوحدها على أربع قاعات للسينما وهي جرجرة، المونديال، الجزائرية والأستوديو، فقاعة ''جرجرة'' تعرّضت إلى عملية تخريب خلال المظاهرات التي عاشتها منطقة القبائل في جوان 1998 بعد اغتيال الفنان القبائلي معطوب الوناس، ولم يتم ترميمها إلى يومنا هذا، خصوصا بعدما تدخل بعض أصحاب النفوذ من شخصيات محلية حاولوا شراءها واستغلالها لأغراض تجارية، لكن لم يتم ذلك منذ 10 سنوات لأسباب تبقى خفية· كما أن السلطات المحلية أرادت أن تحوّل هذه القاعة إلى مركز تجاري، وهو ما رفضه العديد من السياسيين في المنطقة وكذا المهتمين بالشأن الثقافي الذين اعتبروا هذا الأمر محاولة لحرمان المواطن من هذه الهياكل الثقافية· هذه الصراعات القائمة إلى يومنا هذا تركت قاعة جرجرة منذ 1998 وإلى يومنا هذا جسم بلا روح· أما قاعة ''المونديال'' فقد تم غلقها، لأن المبنى يعود إلى العهد الاستعماري ويعاني تشققات كثيرة مما يهدد حياة المواطنين، لأنه معرض للهدم في أي وقت، لكن المشكل المطروح هو أن السلطات المحلية وعدت بتغيير موقع هذه القاعة إلى مكان آخر، لكن لم يتحقق ذلك منذ 15 سنة· كما أكدت السلطات المحلية أن أشغال الترميم انطلقت في هذه القاعة لكن الواقع يثبت عكس ذلك· أما قاعة ''الجزائرية'' التي كانت معروفة بعرضها للأفلام الهندية، فهي مغلقة ولا تقدم أي خدمة في المجال الفني للمواطن القبائلي، لأنها شيدت على أرضية ملك لأحد الخواص، حيث فصلت العدالة في القضية وأرجعت هذه القاعة لصاحب الأرضية، لكن إلى حد اليوم لم يتم الكشف عما إذا سيعاد فتحها· فيما يبقى مسرح كاتب ياسين الذي كان قِبلة العديد من المواطنين الذين يتوافدون إليه من كل أنحاء الولاية وحتى من الأرياف والمداشر، ورشة أشغال لمدة تجاوزت الخمس سنوات، وإلى يومنا هذا لم تنته به الأشغال، وهذا بالرغم من أن قاعة مسرح كاتب ياسين تم تحويلها إلى مسرح جهوي بقرار وزاري بمرسوم رقم 218/05 المقرر في 13 جوان ,2005 وقد سبق لمديرية الثقافة لولاية تيزي وزو أن أكدت في مختلف المناسبات أن هذا المسرح سيفتتح أبوابه خلال منتصف السنة الجارية، لكن سنة 2009 في الشهور الأخيرة على نهايتها وأشغال ترميم هذه القاعات لم يتم تجسيد منها إلا 50%· وفي هذا السياق، كشفت مصادر مطلعة ل ''الجزائر نيوز'' أن مسرح كاتب ياسين سيفتح أبوابه مطلع سنة ,2010 وكل قاعات السينما التي سبق ذكرها وجدت الجهات المعنية كل الأسباب الرئيسية التي أدت إلى غلقها وعدم إعادة فتحها، ليبقى المواطن القبائلي في حيرة أمام غلق قاعة سينما ''الأستوديو'' كون الأسباب غامضة· وأمام هذا الوضع أصبح المواطن في تيزي وزو لا يجد أي فضاء آخر لطبع علاقتهم مجددا بالفن السابع ما عدا قاعة الحفلات لدار الثقافة مولود معمري التي يتم فيها عرض الأفلام من حين لآخر، هذه الأخيرة معروفة بأنها لا تتسع للعدد الكبير من المواطنين الذين يهتمون بالسينما· هذا، وقد استفادت ولاية تيزي وزو السنة الماضية من مشروع إنجاز القاعة الكبرى للحفلات تتسع ل 6000 مقعد والتي من شأنها إعادة بعث السينما، لكن الأشغال لم تبدأ بعد بالرغم من أن المشروع وافق عليه كل من رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة ووزيرة الثقافة خليدة تومي· هذا، وينتظر المواطن القبائلي من الجهات المعنية بما فيها مديرية الثقافة لولاية تيزي وزو والسلطات الولائية أخذ الإجراءات اللازمة لإعادة الاعتبار للسينما بإعادة فتح كل القاعات المغلقة والتي من شأنها أن توفر للمواطن فضاء للترويح عن النفس خصوصا وأن مثل هذه الهياكل تعود بمداخل مالية كثيرة للولاية·