سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
عبد الوهاب رحيم رئيس الاتحاد الوطني للمستثمرين ورئيس الجمعية العالمية للجالية الجزائرية: المستثمرون ضحايا الإدارة ولابد من توسيع قاعدة 51 /49 إلى المؤسسات التجارية
يوجه عبد الوهاب رحيم رئيس الاتحاد الوطني للمستثمرين، في هذا الحوار المطول، انتقادات شديدة للإدارة الجزائرية التي يعتبرها معرقلة للاستثمار. ويقيس عبد الوهاب رحيم، الذي هو أيضا رئيس الجمعية العالمية للجالية الجزائرية، حكمه هذا، على الأقل، مما حدث معه بخصوص مشروع "مارينا" شرق العاصمة الذي يؤكد أن السلطات العليا في البلاد وافقت عليه في حين أن ولاية الجزائر العاصمة لا تجيب بشأن معاملات إدارية تتعلق به. ويجول عبد الوهاب رحيم، في هذا الحوار المطول، حول عدة مواضيع تتعلق براهن الاستثمار في الجزائر ومدى رغبة المستثمرين الجزائريين، ومنهم أولئك الذين يعشون في الخارج، في دفع الأمور نحو الأمام لكنهم لا يستطيعون ذلك ضمن ديكور اقتصادي غير ملائم وفق رؤية ذات المتحدث دائما الذي تحدث أيضا عن ضرورة توسيع قاعدة 51 / 49 إلى المؤسسات التجارية. أين وصلت مشاريعكم الموجودة في الواقع على صعد مختلفة وهل أنتم راضون عنها فعلا؟ لا، لسنا راضين، ونحن نضيع الكثير من الوقت، و في هذا الإطار نحن ضحايا نوعا ما للإدارة التي تسبب في تضييعنا للكثير من الوقت.. هذا ما يجلعنا غير راضين، ورغم أننا نتمكن من تحقيق بعض الأشياء إلا أن الأمر هو أشبه ب"مسار محارب" . وما هي أهم العراقيل التي تلاقونها مع الإدارة الجزائرية بشكل عام؟ حتى أبين لكم قليلا سير الأمور.. في وقت ما وفي مرحلة ما، كان لكل إدارة قانونها الخاص، وبعد ذلك أصبح لكل مصلحة قانونها الخاص إلى أن وصلنا إلى كون كل موظف يمارس قانونه الخاص، ومن ثم أصبحنا في حالة ضياع، الأمور ليست مكتوبة ولكن هناك نقص في الوضوح في حين أن المستثمر يجد نفسه أمام آلة وكل من يجد نفسه وراء وثيقة يصبح سيدا، وبالتالي فالمستثمر المسكين عليه الاستسلام وأحيانا لا يستطيع حتى الاستسلام لأنه يتعين عليه التعامل مع كل الإدارات الأخرى. هذا الديكور يعمل على ضياع المال والوقت، والأهم من ذلك هو ضياع الوظائف ومناصب الشغل وليس هناك وعي بهذه الخطورة، في حين أن بلدنا ما يلزمه هو الوظائف وإنتاج الثروة، ويمكن القول إن مناصب الشغل هذه هي رهينة لدى الإدارة. هل يمكن إعطاءنا تقديرات حول مناصب الشغل المباشرة وغير المباشرة التي بإمكانكم توفيرها مع العلم أن هناك مشاريعكم لا تزال معطلة؟ سأعطيكم مثالا بسيطا، لقد افتتحنا المركز التجاري ووفرنا تبعا لذلك 1029 منصب عمل لفائدة شباب كوناهم، وقد أعلنا عن ذلك سابقا، كما أن مناصب أخرى بالنسبة لمشاريعنا قيد الإنجاز ستأتي أيضا.. في مشروع "مارينا" مثلا فإن 350 إلى 400 منصب عمل لم نجسدها بعد كون الإدارة لم تمنحنا الرخص بعد، ونريد أيضا توسعة المركز التجاري من أجل توفير 1000 منصب شغل آخر، ولكننا لا نستطيع التجسيد والاستثمار، وبعبارة أخرى فإن مستثمرا عاديا لا يمكنه الاستثمار. تحدثتم عن مشروع "مارينا"، أعتقد أنكم أعلنتم عن المشروع منذ عام أو عامين، أين وصل هذا المشروع لا سيما وأن العاصميين ينتظرون رؤية واجهتهم البحرية تتغير، وعاصمتهم تعيش على وقع القيمة المضافة، ماذا يحدث على وجه التحديد وما هي العراقيل التي تقف حائلا دون التجسيد؟ لا أعرف ماذا يحدث ولا أعرف أيضا ما الذي يقف حائلا دون تجسيد المشروع، أنا نفسي المستثمر والمعني الأول بالأمر، أجد نفسي أمام الإدارة ومن دون أن أحصل على إجابات. الملف نفسه مر على طاولة المجلس الوطني للاستثمارات، كان ذلك أول مرة قبل ست سنوات، وتم تجديد ذلك من طرف رئيس حكومة آخر، ونفس الشيء حدث مع الوزير الأول الحالي، حيث ذهبنا إليه بعدما لم نستطع التجسيد وقلنا له هناك أمران: إما أن نجسد أو قوموا بتحريرنا من المشروع، وإذا كنتم لا تريدون مشروع "مارينا" قوموا بسحبها من برنامجنا، لكن ما قيل لنا هو أنه ينبغي القيام بها، وإلى جانب ذلك هناك مصالح ولاية الجزائر التي لا تجيب. هل لديكم إحساس بكونكم أمام لوبي يعمل ضد مصالحكم؟ ليس ذلك فقط، ولكني لا أستطيع القول لكم فأنا لا أعرف ولا أستطيع إخباركم، لماذا تمنعنا مصالح ولاية الجزائر من التقدم في المشروع؟ البعض لديهم مأخذ بكون المشروع قد يوجه نحو طبقة أو فئة اجتماعية معينة مما قد يفضي إلى عاصمة بطبقتين اجتماعيتين متباينتين، ما رأيكم في ذلك؟ أنا لا أجيب أحدا عن شيء، هناك مشروع "مارينا" تمت الموافقة عليه من طرف مختلف الحكومات، إما يتركونني أعمل ويعطوني الرخص المناسبة، أو يقولون لي فقط لا ينبغي العمل في هذا الاتجاه، ولكن إلى حد الآن لا يجيبونني بالرغم من أن الموضوع منذ فترة، وهذه هي الصعوبة التي يعيشها مستثمر عادي؟ .. لست أدري، وعلى كل حال فإن المشاريع التي سلمناها، مثل المركز التجاري، ومثل الحديقة المائية، فإني أعتقد أنه اليوم يندرج ضمن فائدة كبيرة للسكان، الآن هل هناك اتجاه آخر لا يريد وليس سعيدا بمناصب الشغل هذه التي يتم توفيرها أو بهؤلاء السكان الذين يستفيدون منها؟ أنتم وراء إنشاء تجمع للمستثمرين، ما هو هدف هذه الجمعية أو إذا سمحنا لأنفسنا بتسميتها نقابة للمستثمرين؟ إن المستثمرين أمثالي الذين يعانون الضياع أمام إدارة بهذه "الشراسة"، وأولئك الذين لا يستطيعون خلق مناصب عمل وضعوا ثقتهم في شخصي من خلال وضعي على رأس الاتحاد الوطني للمستثمرين، كي نستطيع أن نحرك الأمور قليلا وتوفير مناصب عمل، وتوفيرها من خلال روح الوطنية أيضا حتى وإن كنت أتأسف لكون هذه الكلمة لم تعد تعني ربما شيئا وتم تجاوزها بالنسبة للبعض. نحن نعتبر أنفسنا ونشدد على كوننا مستثمرين وطنيين، وما نريده هو خلق الثروة وخلق مناصب عمل. هل نجحتم في جذب مستثمرين جزائريين عديدين؟ نجحنا في جذب مستثمرين كثيرين ولكن الاستقبال هو الذي كان باردا .. بأي معنى ومن أي طرف؟ نحن على الأرجح نحمل قيما لا تتوافق مع الكثيرين هنا. أين تضعون منظمتكم قياسا بالمنظمات الخاصة بأرباب العمل الموجودة هنا في بلادنا؟ نحن منظمة وطنية هدفها إنشاء اقتصاد وثروة ومناصب شغل وهذا كله ينبغي أن يتم في إطار الاستثمار ومن أجل الاستثمار. نحن نقول إن الجزائريين قادرون على انشاء اقتصاد، الأجانب مرحب بهم ولكنهم غير قادرين على تجسيد الأشياء بدلا منا، وأنا لا أعرف بلدا تم بناؤه من طرف الأجانب، والبلدان يتم بناؤها دائما من جانب أبنائها، ولهذا قلنا ولا زلنا نقول بالتمسك بقاعدة 51 / 49 وأنه ينبغي تدعيمها وتطبيقها ليس فقط في الجانب المتعلق بالاستثمار ولكن أيضا تطبيقها على المؤسسات التجارية. ليس هناك مكان للكيل بمكيالين من ناحية فتح الأبواب أمام الأجانب عندما يتعلق الأمر بالتجارة و"البزنس" في حين نطبق هذه القاعدة عندما يتعلق بالاستثمار. تريدون تدعيم هذه القاعدة في وقت هي نفسها موضع مآخذ كبيرة من جانب المستثمرين الأجانب، حيث ينظرون إليها على أنها معرقلة للاستثمار الأجنبي في الجزائر؟ الذي يعرقل الاستثمار هو الإدارة وليس هذه القاعدة في حد ذاتها التي توجد في عدد لا بأس به من البلدان المتطورة، وهي البلدان التي وصلت مستوى كبيرا من الرقي. أليست هذه حمائية اقتصادية؟ لا ليست حمائية اقتصادية ولكن لابد من إشراك الأشخاص الموجودين في البلد والمهارة الموجودة في البلد أيضا، وهذا أمر طبيعي. بالعودة إلى مشروع "مارينا" نريد أن نعرف طبيعة العراقيل لاسيما وأنه منذ سنوات جرى حديث من جانب مسؤولين محليين في العاصمة عن مشاكل مرتبطة بضرورة تسوية وضعية العقار الذي يبنى عليه المشروع ككل؟ ليس هناك خاصية العقار وفي الواقع من أجل بناء "مارينا" فنحن في الأملاك البحرية ولابد أن يكون هناك تنازل من هذه الناحية وهو الأمر الذي طلبناه فعلا. ولكن ليس هناك تشريعات مرتبطة بذلك ... ولكن المجلس الوطني للاستثمار يؤكد على إنجاز المشروع وفي حدود علمي فهو الهيئة العليا للجهاز التنفيذي، ولكن لابد من موافاتنا بالإجابة على مستوى آخر وأن يقال لنا إن الأمر غير ممكن لأن القانون اليوم لا يسمح بذلك، وهذا ما يسمح لنا نحن بسحب "المارينا" من برنامجنا، وبعبارة أخرى نحن نقول حررونا ونحن لا نريد الذهاب ضد رغبة السلطات، ولسنا هنا للقيام بعكس ما يريدون، ولابد أن نكون واضحين بهذا الخصوص. بكم تقدرون الخسائر على اعتبار أن هناك رأسمال تم تجنيده، والسعي للحصول على قروض عن طريق البورصة، وأعتقد أن هناك شركاء استثمروا معكم؟ التمويل المالي الذي نوفره اليوم لا يشمل "المارينا"، ولكن من ناحية أخرى هناك دراسات كلفت مبالغ مرتفعة تصل إلى ملايير السنتيمات، جسدناها ونحن ننتظر دائما. إننا أمام تأطير مزدوج فمن جهة تعطي السلطة الضوء الأخضر وفي الميدان، وعند التطبيق، نجد أنفسنا أمام وضع مغاير. صدر مؤخرا تقرير يقول إن السلطات العمومية لم تنجح في توظيف 166 مليار دولار من الميزانية، موجهة للمشاريع العمومية مما يعني أن هذه البيروقراطية لم تمس القطاع الخاص فقط وأن السلطات العمومية هي نفسها ضحية لبيروقراطيتها؟ هذا يعني أن البلد رهينة في أيدي الإدارة، وإذن أنتم تفهمون إلى أي درجة لا يستطيع معها المستثمرون تجسيد مشاريعهم من خلال كونهم مستثمرين عاديين. نحن نقدر وطنيتكم مسبقا ولكن ألم تراودكم الرغبة في الاستثمار في بلد أكثر "رحمة " المستوى البيروقراطي؟ أريد أن أشرح لكم شيئا واسمحوا لي بتقديم نبذة تاريخية لتوضيح الأمور، لقد حصلنا على الاستقلال وكان عمري حينها عشر سنوات، وخلال الحرب وعندما كنا صغارا عشنا ويلات الاستعمار ولا سيما من طرف الجيش الفرنسي واللفيف الأجنبي على وجه الخصوص، كانوا يأتون إلى المدارس ويعملون على تخويفنا بطرق شتى وكنا مصدومين .. خلال حصول الجزائر على الاستقلال، كان عمري 10 سنوات وكنت في غاية السعادة لحصولنا على الاستقلال ولا سيما بالنظر إلى كل أولئك الذين استشهدوا ودفعوا حياتهم ثمنا لحريتنا. غادرت الجزائر سنة 1970 نحو الخارج وأعتبر نفسي قد نجحت حيث قمت بالاستقرار في سويسرا. خلال سنة 1992 كانت المرحلة مرحلة أزمة ودعوني أذكر الكثيرين بأن بلادنا لم تكن تملك حينها سنتيما واحدا، وهي المرحلة التي قامت فيها السلطات العمومية عندنا بمناداة فعاليات الجالية الجزائرية في الخارج من أجل تقديم يد العون للبلاد التي كانت تعيش لحظات صعبة، والفكرة حينها لم تدر لمرة واحدة فقط في رأسي على اعتبار أنه كان من واجبنا القدوم إلى الجزائر. كانت تلك هي الفترة التي بدأت فيها بالمجيء إلى بلدي في وقت كان الناس فيه يوجدون في خضم المغادرة. جئت من أجل الاستثمار والناس كانوا يقولون لي لماذا؟ وكنت أجيبهم أن ذلك نابع من الواجب بعدما قام الذين من قبلنا بواجبهم، وهذا هو الأمر الذي جعلني أعود إلى بلدي. هل تعتقدون أنه من غير اللائق أن يقوم مستثمرون جزائريون بشراء وإنقاذ مؤسسات في فرنسا؟ من أجل ذلك قلت إن خاصية الوطنية عندنا تم ركنها ولا أحد يتكلم عنها، وهذا مؤسف لأننا لا نستطيع بناء بلد إلا من خلال أبنائه .. إذن عندما تقولون لي اليوم: أليس من الأجدر الذهاب إلى الخارج؟ اسمحوا لي بالقول لكم: أنا جئت من الخارج، و ليس التسهيلات هي ما ينقصني، ولكننا لسنا هنا من أجل تحصيل المال بل من أجل بناء بلد، وهذا هو الأمر الوحيد الذي يبقيني، وكل شيء أقوم به هنا لا أستطيع حمله معي ولكنه يبقى متجذرا في بلدي. تقولون عن البيروقراطية إنها معوق أساسي ونحن نعلم أن البيروقراطية تجر وراءها الرشوة، هل وجدتم نفسكم في وضعية تتضمن تلميحا بضرورة السير في هذا الاتجاه من أجل الدفع بملف إلى الأمام؟ بين ال 35 مليون جزائري، هذا أمر معروف، والرشوة حاضرة بشكل دائم. وهل وجدتم نفسكم في وضعية مماثلة؟ ليس هناك جزائري لم يجد نفسه في وضعية مماثلة، ولكن الآن لسنا هنا من أجل تشجيع الرشوة ولكننا هنا من أجل بناء بلد، ولا بد على الجميع أن يضعوا في أذهانهم أن هذا البلد هو بلدهم وأنه يقع على عاتقهم بناؤه، وأن إفراغ هذا البلد لن يكون في مصلحتهم لأنهم سيكونون غرباء دائما في بلدان أخرى، كما أن إفراغه لن يجعل منهم مواطنين أفضل في بلدان أخرى، والشخص الذي لا يحمل بلده في أعماقه فإن المزايا والملذات الموجودة في دول أخرى لن تجعل منه رجلا أبدا. ألا تعتقدون أنه ينبغي أن يكون الاقتصاد، في نهاية المطاف، في صميم النقاش السياسي، وأخيرا كان هناك تقرير للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والذي يقول إنه ليس لدينا نموذج اقتصادي محدد فضلا عن وجود نمو عشوائي تقريبا مع وجود الكثير من المشاكل البيروقراطية مرتبطة بالاستثمار والشراكة، وبعد تحقيق استقرار سياسي معين، ألم يحن الوقت لنجعل الاقتصاد في قلب النقاش السياسي، وقبل أن يفوت الأوان ربما؟ ليس هناك اقتصاد، ولو كان هناك اقتصاد لكان بإمكاننا تصنيفه .. هناك سوق وهناك تجارة، وهناك إنفاق على مصراعيه، وعند الحديث عن الاقتصاد فإن أول ما يشكل موضوع الكلام هو التشغيل، ومناصب شغل هي منتجة للثروة، وهذا هو صميم كل شيء . هل أنتم مع الذين يقولون بوجود "حرب" رؤوس أموال في بلادنا؟ بمعنى؟ بمعنى أن هناك جماعات مصالح وهناك عراقيل توضع في طريق هذا المستثمر من أجل تمكين مستثمر آخر من تجسيد مشاريعه؟ لهذا السبب أقول إن هناك مستثمرين عاديين وغير ذلك من المستثمرين .. وكأنكم تؤكدون على وجود مثل هذه "الحرب" وهذا الصراع في عوالم الاقتصاد ورؤوس الأموال في بلادنا؟ ليس هناك "حرب" على اعتبار أنه حتى تكون هناك حرب، ينبغي أن يكون هناك طرفان، وفي نظام كهذا إما لديكم مستثمرون عاديون أو لديكم مستثمرون آخرون لديهم تسهيلات أكثر. بالنسبة لمشروع "مارينا"، في مرحلة من المراحل تحدثتم، على ما نعتقد، عن غلاف مالي يصل إلى أكثر من 2 مليار أورو وعلى هذا الأساس تتكفلون أنتم بتوفير ثلث هذا الغلاف، أي 700 مليون أورو، وتعتمدون على تمويل الباقي من خلال البورصة .. كيف جرت الأمور على هذا الصعيد؟ بالنسبة لمشروع "المدينة" الإجمالي وكما تم تقديمه، فإن غلافه المالي قدر في هذا المستوى، وبالنسبة للجزء المتعلق ب "المارينا" فإن علافه المالي مقدر ب 2 إلى 3 مليار دينار كأقصى تقدير وهو غلاف مالي يمكن لنا تمويله بشكل مباشر. وبالنسبة ل "المدينة" ككل؟ بالنسبة ل "المدينة" فإنها في الإجمال انعكاس للاقتصاد، والأمور بالنسبة لهذا المشروع لن تتم بواسطة بناء متسلسل كما يعتقد البعض، ولكن الاقتصاد الذي يكون موجودا وراءها هو الذي يجعل هناك عمارات ومكاتب وفنادق وغيرها. هل هذا يعنى أن خليج العاصمة حاليا يعكس حقيقة الاقتصاد في مرحلته الحالية أيضا؟ (يضحك) لا أعرف ماذا تعكس ولكن إذا كنتم ترونها هكذا فلما لا. ما هي نظرتكم إلى وسائل الإعلام في الجزائر؟ هي تحاول القيام بعملها وينبغي عليها التطور على غرار الآخرين وذلك ضمن مسار واضح، وأن يكون الصحفي قادرا على الكتابة وفقا للضوابط. كثيرا ما سمعنا أن السيد رحيم سيشتري القناة الفلانية أو أنه سيقوم بشراء أسهم في القناة العلانية، أين يتموضع السيد رحيم في الفضاء السمعي البصري لا سيما وأنه يمثل فضاء هاما جدا؟ أنا مستثمر عادي وحتى أتموضع أمام استثمار معين ينبغي أن تكون هناك فرصة أولا للاستثمار، وعندما يكون هناك شيء مكتوب بخصوص هذا المجال فحينها يمكننا اتخاذ موقف، وفي كل الأحوال فإن مقاربتنا للاستثمار تعتمد على كوننا سوف نستثمر في كل ما يسمح للبلاد بالرقي .. هذا هو عملنا، وليس بالضرورة في كل ما هو مربح. في كل ما هو دائم؟ في كل ما هو دائم وهذا ما يسمح لبلدنا بالتطور، وعندما ترون أين أنتم الآن - يقصد في مكتبه وسط مبان وأبراج من بينها فندق "الهيلتون" الذي يملكه- عملنا ولا زلنا نعمل على تطوير صورة الجزائر من ناحية أنه عندما يأتي الناس فإنهم يستحسنون ذلك. لقد أطلقنا المركز التجاري ويظهر أن البعض لم يستحسنه . من ناحية أية مأخذ؟ من ناحية كونه لا يحقق الرفاهية الكافية على ما يبدو .. هناك ناس يملكون عادات ولكن لا أستطيع أن أفعل لهم شيئا ... نحن سمعنا أمرا آخر أيضا في هذا الإطار، و ذلك على أساس أن بعض العلامات التجارية الدولية رفضت المجيء إلى المركز لكونه يحمل الكثير من الطابع المحلي والشواهد التي تحكي تاريخ الجزائر، وأن هذا ما حدث مع "كارفور"، هل هذا صحيح؟ لا ليس صحيحا، وقد كنا في شراكة مع "كارفور" ولم نتفق فقط .. هذا كل ما في الأمر. ربما كانت المأخذ التي تحيط بهذه المجمعات التجارية هي أنها تجعل من الجزائري دائما في رحلة البحث عن منتوجات جديدة حيث تجعل منه، على هذا الأساس، مستهلكا متأصلا من دون المرور على مرحلة الجزائري المنتج، وهناك من يقول إن ذلك يشكل "خطرا" من حيث أن الجزائري يتعلم الاستهلاك فقط من دون أن يتعلم فعليا الإنتاج؟ وهذا ما أسميه بالإنفاق على مصراعيه، وإذا أردنا إنشاء اقتصاد وإنتاج ثروة .. فإنه اليوم من الأسهل ربح أموال من خلال الاستيراد بدلا من صناعة المنتوج في مكان توجد فيه كل المشاكل المتمثلة في هذه الرخص أو تلك، واليوم، وللأسف، فإننا لا ننتج لأن الإنتاج أصعب من الذهاب لشراء منتوج يوجد أمامنا. ربما كانت هي أيضا سياسة السلطات العمومية، عندما نرى مثلا جهاز دعم تشغيل الشباب الذي يشجع الأنشطة السهلة على غرار كراء السيارات وما إلى ذلك .. هذا يعني أن السلطات العمومية تريد، على صعيد ما، الذهاب نحو منطق السهولة، لا سيما أنه عندما يريد شخص ما إنشاء مشروع خاص بالتكنولوجيات الجديدة مثلا، يقولون له أن يفعل مثل الآخرين والتوجه نحو منطق السهولة في المشاريع، أليست السياسة هي التي تدفع نحو هذه السهولة أيضا؟ على الأرجح، وأعتقد أنه ينبغي رؤية ذلك معهم. كيف تنظرون إلى جهاز دعم تشغيل الشباب مثلا باعتباركم مستثمرا؟ يبدو ذلك جميلا من حيث إعطاء شاب مثلا مبلغ 10 ملايين دينار، ولكن هذا الأخير لم يطلب ذلك فعلا ولكنه طلب الحصول على منصب شغل، وأمل وأفق. ألا يعتبر ذلك وبطريقة ما شراء للسلم الاجتماعي؟ وهل هذه طريقة جيدة لشراء السلم الاجتماعي؟ وهل يشترى السلم الاجتماعي؟ .. كل شيء نسبي في الواقع، وفي مرحلة معينة لن يكون هناك حل آخر سوى التشغيل ومن أجل تحقيقه لابد من تجسيد الاستثمار المنتج. ليس هناك طريق آخر غير هذا، وكل الطرق الأخرى تعتبر، إذا جاز القول، عشوائية. تحدثتم عن الجالية وحتى عن جمعية خاصة بها، هناك ستة ملايين جزائري يعيشون في الخارج، تشكل نسبة منهم مستثمرين محتملين، هل أنتم في اتصال معهم، وما هو أول سؤال يطرحونه عليكم إزاء الجزائر؟ لديكم الحق عندما تتحدثون عن ستة أو سبعة ملايين في هذا الإطار، ولكن المشكل ليس في الأرقام، وميزة هذه الجالية أنها في كل دول العالم كما أنهم يوجدون على مستوى جميع مستويات المجتمعات التي يعيشون فيها، وهم أشخاص يملكون مهارات ولديهم إمكانيات إقتصادية ومالية مهمة جدا، ولكن هذه الجالية محرومة في الواقع وأعضاؤها محرومون من فعل شيء لصالح البلاد بالتوازي مع قدرتهم على ذلك. إذن نحن نعيش مع هذا الحرمان وذلك بسبب غياب الوضوح والصفاء وكذا غياب الرؤية بحيث أننا لا نعرف إلى أين نتجه؟ والذين يطرقون الأبواب من أجل تجسيد المشاريع يجدون أنفسهم داخل دوامة الإدارة وفي ذلك مضيعة للوقت، ومن ثم يعودون إلى حيث كانوا وينتظرون . عندما تصبح الأمور واضحة و يحسون بإمكانية القدوم سوف يأتون بكل سرور على اعتبار، وأنا عضو في هذه الجالية، أن البلاد تجري في دمائنا.. لا أعرف .. إنه أثر الابتعاد عنها لسنوات طويلة ولا يمكن التخيل كم أن بلادنا هي في صميم أرواحنا، وأعضاء الجالية الموجودين في الدول المتقدمة، كل منهم يريد للجزائر أن تتطور وتصبح مثل الدولة المتقدمة التي يعيش فيها هذا العضو من الجالية أو ذاك.. كلهم يريدون للجزائر أن تقلع فعلا. ورغم كونهم ليس لديهم الرغبة كثيرا في العودة إلى الجزائر بحكم استقرارهم مع أبنائهم هناك في المهجر، وعلى كل حال فإن عالم اليوم صغير ولم يعد مهما أن يكون الإنسان هنا أو هناك، ولكن لديهم إمكانيات ويريدون إفادة الجزائر من خلالها. في الواقع لا نستطيع التحدث عن الاقتصاد ومناخ الأعمال والاستثمار من دون الحديث عن السياسة، ما هو المشروع السياسي الذي يمكن من خلاله إحداث القطيعة مع هذه السياسة والاقتصاد القائمين على اللحظية، وغياب الرؤية البعيدة، والنظرة المؤسسة فقط على إعادة توزيع الريع وفق ما يقوله الاقتصاديون، ما الذي يمكنه تحريك الأمور في هذا الإطار؟ طالما هناك ريع وأبار نفط ستكون هناك أموال تسقط من السماء .. ولكنها أبار ستنفد يوما ما .. نعم هي كذلك، ونحن نستهلكها منذ خمسين سنة كاملة، هناك أجيال مرت وهناك أيضا أجيال لاحقة ونحن، من خلال هذا الاستهلاك الذي لا يعرف الحدود، ننفق أموال الأطفال الذين لم يولدوا بعد. نحن نتكلم عن مشروع إصلاحات دستورية، ألا تعتقدون أنه ينبغي مأسسة حق كل جزائري في تجسيد المشاريع بحرية؟ في الجزائر ليس لدينا مشاكل مع ما هو مكتوب ولكن لدينا مشاكل مع ما هو غير مكتوب. مع التطبيق .. نعم والتأويلات أيضا .. لكون كل عضو في الإدارة يؤول وحده القانون وهذا هو الوضع في الحقيقة والذي من خلاله لا نستطيع التقدم. من خلال هذه اللوحة التي ترسمونها، هل تستطيعون أنتم كرجل أعمال اعتماد استشرافات على مدى عام .. عامين؟ لا نقوم بذلك لأننا خاضعون لأثر المرآة، نحن ننتظر .. لدينا مشاريع في الجنوب، و في كل ولاية تقريبا، ولدينا آلاف و آلاف من مناصب الشغل التي سوف نوفرها ولكن لا شيء يأتي .. في أي قطاع ترون المستقبل الاقتصادي للجزائر؟ لا بد أولا أن يكون هناك اقتصاد .. نحن نتكلم عن القطاع الأكثر تضمنا للإمكانيات، هل هو السياحة أم الطاقات المتجددة أم ماذا؟ ليس هناك قطاع بهذا التوصيف من حيث تضمنه إمكانيات، أين هي هذه القطاعات التي تتحدثون عنها، ليس هناك شيء فهناك مجرد كلام حولها فقط، ومن أجل تطوير قطاع معين لابد من وجود استراتيجية ورؤية .. السياحة ليست غرفة فندق والتكنولوجيا ليست مجرد لولب، إن الأمر يتعلق بكل متكامل، ولحد الآن فنحن لا نرى شيئا. عندما يكون هناك مستثمر وتسلط عليه الأضواء وسط مشاريع كبرى على غرار "المارينا" أو غيرها، تنسب له دائما طموحات سياسية، كيف تفسرون ذلك في الجزائر؟ نحن نعيش حول السياسة في حين أن العالم أجمع يعيش حول الاقتصاد، وأهداف السياسة في نهاية المطاف هي خدمة البلاد. ونفس الشيء بالنسبة للاقتصاد .. كليا، وهناك أكثر من أربعين مليون جزائري، واسمحوا لي أن لا أقول خمسة وثلاثون مليون ساكن على اعتبار أنه ربما ننسى الجزائريين المقيمين في الخارج، وليس جميعهم ذهب برغبة منه وعلى اعتبار أن البعض منهم لم يجدوا الإمكانيات التي تسمح لهم بالبقاء هنا في الجزائر .. بالنسبة لهؤلاء الجزائريين إذن، هذا أمر مفعم بالديناميكية، واليوم لا ينبغي الاندهاش من رؤية الناس يحاولون التطور وتطوير الأشياء من حولهم. ألا تعتقدون أن هناك فارقا بين طموح الجزائريين وبين ما توجد عليه، من هذه الناحية، السلطات العمومية، وهو أمر يعكس ربما كوننا لا نعيش تحت سقف الحكام الذين نستحقهم؟ ليس هناك هذا الفارق وهذا هو الأمر الذي يبعث قليلا على الدهشة .. ليس هناك هذا الفارق لكوننا نشعر وأنه لدينا جميعا نفس المشاكل من الأعلى إلى الأسفل. من خلال ما قرأته حول اجتماع الوزير الأول عبد المالك سلال مع الولاة مؤخرا، هناك إشارة إلى دور الإدارة وإلى كون البيروقراطية هي التي تفضي إلى الفساد، وأنا هنا استغل الفرصة من أجل توجيه نداء إلى والي الجزائر العاصمة من أجل أن أقول له: من فضلكم حرروا لنا "المارينا" من أجل التمكن من بنائها لفائدة جميع العاصميين ولفائدة جميع مناصب الشغل التي سوف نستطيع توفيرها، وإذا كانت "المارينا" لا تملك المظهر المطلوب فإننا نستطيع مراجعة ذلك، ونحن هنا من أجل تنفيذ رغبات السلطات في هذا الإطار ونفس الشيء بالنسبة لتوسعة المركز التجاري .. إذا كانت المسألة تتعلق بالمظهر الخارجي فنحن هنا لتصحيح ذلك، والأهم هو البناء والتشييد وتوفير مناصب الشغل والسير نحو الأمام. نداء أخير عدا ذلك الموجه نحو والي العاصمة؟ أنا أقول للجميع وللمستثمرين، وللمستثمرين المحتملين، أقول لأصدقائي لابد أن تكونوا وطنيين وهذا بلدكم ومن المهم جدا المحافظة عليه وليس هناك أحد آخر يمكنه بناؤه خارج دائرة ذواتكم أنتم، فلتحافظوا عليه. وإذا كنتم تقولون إن هناك بلدا آخر في الخارج فلن يكون مثل بلدكم وهذا هو الأهم.