تميز اليوم الرابع والأخير من الطبعة الثامنة للمهرجان الثقافي العربي الإفريقي للرقص الفلكلوري بتيزي وزو، باختلاف الطبوع وتنوع أشكال اللوحات الفنية التي قدمتها فرق فلكلورية من كوت ديفوار، غينيا، موريتانيا، فرنس، تونس، تمنراست والبيض و"ثازيبا" من منطقة آث يني. يواصل الجمهور القبائلي اكتشاف رقصات فلكلورية لعدة دول أجنبية وكذا من مناطق عربية ومن داخل تراب الجزائر، حيث رحل مساء أول أمس، إلى أدغال إفريقية عبر عروض فنية قدمتها فرقة "رام دي" من كوت ديفوار، حيث منحت الفرصة للجمهور باكتشاف عدة تقاليد وعادات وطقوس "موطن الفيلة" بقاعة العروض للمسرح الجهوي كاتب ياسين. وقدم أعضاء الفرقة رقصات إفريقية تقليدية مستوحاة من التراث الإفريقي الأصيل لكوت ديفوار، وهي رقصات تدعو إلى تحسين المجتمع ونبذ العنف وترافع على ضرورة تكريس الوحدة والتفاهم والتسامح بالحب والسلم. حيث أبهرت الفرقة الجمهور بحركات كوريغرافية لرقصة معروفة بكوت ديفوار يستخدمها الرجال وهي رقصة مقدسة وتاريخية. تلتها رقصة تظهر وضعية المواطن الفقير في قبائل كوت ديفوار، حيث تظهر الفوارق الاجتماعية في العادات والحياة اليومية بين الطبقات الاجتماعية، وفي الوقت نفسه تبين حسن الطاعة للخادم وأداء مهامه على أتم وجه خدمة لحاكمه. أما الرقصة الثالثة، فهي رقصة شعبية للنساء والرجال وهي رقصة تستعمل خلال التظاهرات والمناسبات الوطنية بكوت ديفوار، وهذه الرقصة غنية بالدلالات الاجتماعية والتراثية والتي كرست النهج القبلي وعادات هذا البلد. وواصلت الفرقة عروضها برقصات سريعة تستعمل للتفاؤل بالخير وإبعاد الشر والمكروه على سكان القبائل وهي رقصات تعتمد على تحريك الأرجل والأيادي بطريقة سريعة تحت قرع طبول "الجامبي" بكل أشكاله الكبيرة والمتوسطة والصغيرة. وكانت رقصة النساء الأكثر إعجابا من طرف الجمهور في رقصة خاصة بالنساء تهدف إلى منح المرأة قيمة كبيرة ودعوة الرجل بضرورة تمجيدها لما تبذله من دور كبير في الحياة اليومية خدمة لعائلتها وقبيلتها، وقد نجحت هذه الفرقة في مزج الحركات الجسدية والروحية. ولم تختلف العروض الفلكلورية التي قدمتها فرقة "تامولي كرياشنق" من غينيا كثيرا عن عروض فرقة كوت ديفوار، حيث اعتمدت على الآلات نفسها، وعالجت المواضيع نفسها، حيث تدعو إلى السلم والحب، وما ميز هذه الفرقة عن الأولى هي تلك الحركات الكوريغرافية الرائعة كون أن كل أعضاء الفرقة من خريجي المعهد العالي للفنون، حيث قاموا بمزج عادات وتقاليد مأخوذة من الموروث التاريخي والاجتماعي لغينيا بعادات جديدة مكتسبة. أما فرقة "والفاجيري" من موريتانيا، فقد اعتمدت على الموسيقى أكثر من الرقص، واستخدمت آلات موسيقية عصرية باستثناء آلة واحدة من أدغال إفريقية. وصنعت الفرقة القومية للفنون الشعبية من تونس لوحات فنية جميلة فوق خشبة قاعة دار الثقافة مولود معمري تحاكي من خلالها طبيعة المجتمع التونسي في العيش والاهتمام الكبير بالثقافة والفن، ونقلت صورا عن أهمية خدمة الأرض ورفعت لأجل ضرورة احترام المرأة. ولقد برهنت الفرقة على كفاءة عالية في إعداد اللوحات الفنية وتصميمها بطريقة تعبيرية معتمدة على الوحدة التأليفية التي تناغمت وانسجمت بين الألحان والحركات، وكانت كل اللوحات الفنية مأخوذة من التراث الشعبي التونسي الممزوج بإضافات جمالية أضفت على تلك اللوحات التعبيرية بعدا حضاريا لتكرس لمبدأ الأصالة والمعاصرة. ومن جهتها، نجحت فرقة "ثازيبا" من آث يني بتيزي وزو، في صنع أجواء مميزة بدار الثقافة مولود معمري بتقديم رقصات قبائلية مأخوذة من التراث المحلي القبائلي وترافع هي الأخرى مثلما فعلت فرق ولاية تيزي وزو إلى ضرورة الاهتمام بالأرض كأهم مصدر للزرق، وأظهرت بحركات كوريغرافية المجهودات التي يبذلها الرجل والمرأة في خدمة الأرض، وفي الأخير تبين النتائج بكسب الثروة من خلال المحصول. ولم تفوت الفرقة التطرق إلى وقاع المرأة القبائلية التي تشارك عائلتها خدمة الأرض. وبعد هذا العرض الكوريغرافي المميز انطلقت الفرقة في إطلاق العنان لأجسادهم بالرقص القبائلي الخفيف صانعين أجواء من البهجة والمتعة بتفاعل الجمهور مع عروضهم. أما فرقة "ناس المعنى" من ولاية البيض، فعرضت لوحات فنية متنوعة في وضعيات مختلفة تنقل رقصات مأخوذة من التراث المحلي الأصيل، فكل رقصة تعكس حقبة تاريخية معينة وتمجد الأولياء الصالحين وتظهر حقيقتهم? ?في التقاليد الثقافية والتاريخية. وقد نجحت هذه الفرقة التي تتضمن أعضاء وراقصين متقدمين في السن في نقل صورة تؤكد على تمسكها بالثقافة والأصالة. وعمدت الفرقة في صنع أجواء من الفرحة في لوحتها الأخيرة، حيث قدموا رقصة "الحرية" احتفالا بمرور 51 سنة عن استقلال الجزائر. ونجحت فرقة "تاكوبا" من تمنراست في نقل الجمهور القبائلي إلى المجتمع الترقي برقصات تقليدية عريقة باستخدام السيوف وكانوا بالألبسة الترقية المعروفة يدعون من خلال رقصاتهم إلى تكريس الأخوة والسلم والمحبة ووقف الصراعات والاقتتال. ونقلت هذه الرقصات تقاليد المجتمع الصحراوي في إحياء حفلات الزواج والختان ورقصة أخرى تظهر الصراعات القائمة في الطبيعة الصحراوية بين قبيلتين بسبب وقوع خلافات، ليتحول الصراع إلى معركة وقتال وبعدها تتدخل قبيلة ثالثة محايدة تقوم بحل النزاع وتجمع بين القبيلتين المتصارعتين وهي الرقصة التي تدعو إلى السلم والوئام والأخوة. وما ميز هذه الفرقة هو إشراكها لراقص ترقي في السابعة من عمره يدعى أيوب وهو أصغر مشارك في المهرجان، حيث أبدع فوق الخشبة بحركاته الفنية ورقصاته التقليدية واستطاع أن يجذب اهتمام الجمهور وتفاعلوا معه بحفاوة. فرقة "واترولو" للبالي البربري تبهر الجمهور وتخطف الأضواء تألقت فرقة "واترولو" للبالي البربري من فرنسا كعادتها في إمتاع الجمهور، ونجحت من تسمي أنفسهن "جنيات" من خطف الأضواء من كل الفرق الفلكلورية المشاركة في الطبعة الثامنة للمهرجان وإحداث الفارق الفني، حيث أبهرت الجمهور بأدائهن المميز لرقصات قبائلية تتلاحم بين التراث والحداثة ونجحت في إحداث زواج بين الأصالة والمعاصرة ويظهر ذلك جليا في أداء رقصات قبائلية تقليدية بلباس قبائلي عصري وتحت نغمات موسيقية اختلفت بين القديمة والحديثة، وجعلت الجمهور يعايش أجمل لحظات الفرح والسعادة. وكانت الرقصات تحت باقة من ألمع الأغاني المشهورة بمنطقة القبائل على غرار القديمة والجديدة وسيما الاهتمام أكثر بالأغاني التراثية التي لا تزال إلى يومنا هذا تصنع الحدث في الأعراس والحفلات بمنطقة القبائل.