اختتمت الدورة الربيعية للبرلمان قبل يومين، وسط انتقادات شديدة لحصيلتها السيئة مقارنة بالأصوات الراضية، وقد وصل الجدل إلى ما بين رئيسي الغرفتين، حيث يعتبر عبد القادر بن صالح رئيس مجلس الأمة بأنها "حصيلة غير مرضية"، بينما نوه العربي ولد خليفة بما جاء فيها، كما اختتمت الدورة لأول مرة في تاريخ البرلمان بمكتب مجلس الغرفة السفلى، مطعون في شرعيته. تعتبر "العدالة والتنمية" أن حصيلة الدورة الربيعية ضعيفة مقارنة بكل الدورات السابقة، ويعتبرها الأفافاس "الأفشل بين كافة الدورات"، وتعزو حركة مجتمع السلم ضآلة وهزال الحصيلة إلى غياب الرئيس لارتباط عمل البرلمان بأجندة مجلس الوزراء الذي يرأسه الرئيس، وبالتالي "من المنطقي أن تأتي الدورة بهذا المستوى الضعيف". وإذا كان بعض النواب من حزب الأغلبية يعتبرونها إيجابية، مثلما بدا في خطاب رجل الغرفة السفلى الأول، فإن الأمين العام بالنيابة في الأرندي ورئيس البرلمان عبد القادر بن صالح يعتبرها خلافا لغريمه السياسي، ولد خليفة، حصيلة "غير مرضية". فولد خليفة مجّد حصيلة الدورة منذ الصفحة السادسة لخطابه المكتوب بدءا من قوله بأن "أداء المجلس سبق فيه الكيف على الكم" مرورا بقوله أن المجلس "حصل فيه الجميع على الوقت الكافي للتعبير عن مواقفهم في كل المسائل المطروحة على المجلس بما فيها الاستجابة من أغلبية أعضاء الحكومة لمساءلات النواب" وصولا إلى تعداده للأيام البرلمانية ونشاطاته الدبلوماسية وافتخاره ب 54 وفدا برلمانيا الذي أوفده في مهمات للخارج. فقد خصص ولد خليفة ست صفحات من مجموع 14، يُبيّض فيها حصيلة الدورة، ليأتي عبد القادر بن صالح على كل ما حاول ولد خليفة تلميعه، إذ قال في كلمته "إنني أجد نفسي مضطرا على غير العادة إلى الاعتراف بأن العمل التشريعي لهذه الدورة لم يعرف الكثافة التي كنا نسجلها في الدورات السابقة"، معتبرا في سياق متصل بأن "عدد النصوص كان متواضعا وأن النشاطات الأخرى لم تكن سوى نتاج للعمل التكاملي بين مختلف الوزارات ومؤسسات الدولة لا سيما على مستوى العمل الخارجي". فبن صالح يقر بوضوح أنه يعترف على غير العادة بضآلة الحصيلة، مما يعني أنه يستهدف ضمنيا غرفة ولد خليفة التي تعتبر مصدر التشريع الأول، في وقت ثمّن ولد خليفة أداء غرفته. كما لا يمكن أن يوضع انتقاد بن صالح في غير فرصة اغتنمها الأرندي لتوجيه سهامه للأفلان، وبالتالي إضعافه من حيث الأداء السياسي رغم الأغلبية البرلمانية التي يحوزها، إذ تنطوي كلمات بن صالح على حكم شبه واضح على الأفلان بأنه لا ينفع في شيء بدون الرئيس، بمعنى أنه إذا غاب مجلس الوزراء الذي يدرس مشاريع القوانين ليحولها على البرلمان، يغيب آليا الأفلان في الغرفة السفلى من حيث مقترحات التشريع. ليس هذا فحسب، بل خيمت على نهاية الدورة معضلة تحدث لأول مرة في تاريخ البرلمان بسبب الطعن في مكتب المجلس الشعبي الوطني الذي فشل الأفلان في تجديده بسبب أزمته الداخلية وتمرد نواب الأفلان على رئاسة الكتلة، فلم يجد ولد خليفة بُدّا من أن يمدد للمكتب المنتهية عهدته لحضور مراسيم اختتام الدورة بعد تردد أنباء عن احتمال مقاطعة الوزير الأول عبد المالك سلال إذا فشلت الغرفة السفلى في إيجاد توليفة أو تسوية لمسألة المكتب، وهي القضية التي رد عليها إطار من الغرفة السفلى "بأنها مجرد إجراء بروتوكولي وقد تمت تسويته مع مستشاري المجلس القانونيين كما أن العادة جرت أن يتم تعيين النواب وليس انتخابهم في الهياكل إلى غاية العام الثاني من العهدة حتى يتكيفوا مع الإجراءات والنظام الداخلي"، مضيفا "إن تمديد عهدة المكتب مسألة بروتوكولية لاختتام الدورة فقط كون المكتب كان سيُنصب الخميس الماضي لولا أزمة الأفلان والتعطيل لم يكن مطروحا، بما أن الدورة يمكن أن تستمر إلى غاية الثاني من أوت، ثم هذا المكتب لن يجتمع مستقبلا". وقد أثار النواب أيضا مسألة ضعف عدد الردود خلال الدورة للأسئلة الشفوية، وهي المسألة التي أوضح بشأنها مسؤول في الغرفة السفلى أيضا بأنها مرتبطة أساسا بشروط لا يعرفها الجميع، فهناك نواب لا يرغبون في برمجة ردودهم سوى في ساعات البث التلفزيوني المباشر والتي لا تتجاوز ثلاث ساعات "فلا الحكومة ولا المجلس مسؤولان عن التأخير في الإجابة"، وأضاف "هناك نواب تصل أسئلتهم الشفوية إلى 20 سؤالا، بينما العدد الأقصى للإجابة على أسئلة النواب لا ينبغي أن يتجاوز 240 سؤال في العام الواحد، لأن الدورة لا ينبغي أيضا أن تتجاوز مدة فتحها خمسة أشهر، فبهذه العمليات الحسابية البسيطة يفهم الرأي العام والنواب سبب تأخر الردود".