غازل عبد المالك سلال، سكان تيزي وزو بخطاب سياسي فريد، قال فيه لأهلها إنه "رغم تمردكم الزائد إلا أنكم لا تشكلون ضررا للجزائر بل تصنعون تاريخها" وأن "من يأتي لتيزي وزو يتعلم التاريخ ولا يمكن إعطاؤكم أبدا درسا في الوطنية لأنها متأصلة فيكم منذ القدم ولهذا لا يمكن التشكيك في وحدة تيزي والجزائر"، معلنا في سياق متصل إعجابه بمستوى رئيس المجلس الشعبي الولائي حسين هارون. إختار الوزير الأول عبد المالك سلال، عباراته ومحاور مداخلته بعناية فائقة أمام المجتمع المدني بتيزي وزو، واستهلها بلا مقدمات من التاريخ الثوري، وقال "إننا عندما نقدم إلى تيزي وزو نتعلم التاريخ الذي صنعه رجال يشبهون في قاماتهم الجبال"، وذكر كوكبة من عقداء وثوار المنطقة أمثال كريم بلقاسم وعميروش وأوعمران وحسين آيت أحمد، بالإضافة إلى قامات ثقافية ك"المولودين" معمري وفرعون. وغازل سلال أهل مدينة تيزي وزو معتبرا إياها المنطقة الجزائرية التي لا يمكن لأي شخص أن يلقن أهلها درسا في الوطنية "لأن هذا من ثوابتها ولست هنا لإعطاء الدرس في هذا الشأن". كما أعرب فور انتهائه من هذا التصريح، عن ارتياحه التام على وحدة تيزي وزو والجزائر، قائلا "لا يمكن أن نشكك أبدا في وحدتكم ولا يخطر على عقولنا التشكيك للحظة واحدة"، مضيفا "فأبناء المنطقة من الثوار لما صعدوا للجبال، كان هدفهم تحرير كل الجزائر وليس منطقتهم فحسب". وأشاد عبد المالك سلال، بحفاوة الاستقبال التي حظي بها خلال زيارته التفقدية التي وضعها في خانة "تفتيش ما هو معطل من زيارة برامج التنمية المسجلة ضمن المخطط الرئاسي 2009 2014"، ووعد عبد المالك سلال المجتمع المدني لتيزي وزو أنه سيسهر شخصيا على مرافقة التنمية في الولاية وإيلاء الأهمية القصوى للدفع بعجلتها "لأنه محكوم على العاصمة ألا تعيش من دون القاعدة الصناعية للبليدة ورأس المال البشري والموارد البشرية المعرفية عالية المستوى الغنية بها ولايتكم". وأردف سلال قائلا "لقد أصابت تيزي وزو في أمرين كبيرين الأول شأنها في تاريخ الثورة والثاني استثماركم في العنصر البشري بجعل شبابكم قاعدة علمية ومعرفية حقيقية خدمة للبلد"، مشيدا بتربع الولاية على عرش البكالوريا للسنة السادسة على التوالي، إذ قال أيضا "لقد فزتم بالتحدي فالمستقبل ليس في الحديد والفحم بل في الفخشوش"، في إشارة إلى العقل القبائلي المتطور والمستوى العلمي والتربوي لشبابها. واعترف سلال بأن تيزي وزو في حاجة إلى استقرار أمني "فالدولة ستقف دائما وأبدا معكم لمكافحة الإرهاب الذي لازلتم تعانون منه"، معتبرا أن المنطقة في حاجة إلى مزيد من الجهد لضمان الأمن لإنهاء كل ما يضر باستقرارها. وأوضح سلال "لا نعني أبدا بذلك أننا سنلجأ إلى القمع"، كما أردف "كل الجزائريون متمردون وصحيح أنكم متمردون أكثر من غيركم لكن لا ضرر في ذلك فأنتم تصنعون تاريخ البلد". جاء كل ما سبق على لسان الوزير الأول بعد مداخلتين لرئيس المجلس الشعبي الولائي حسين هارون والوالي عبد القادر بوعزغي، حيث انبهر عبد المالك سلال بالمستوى الرفيع لمداخلة حسين هارون، التي كانت مزيجا بين مطالب اجتماعية للمدينة ورسائل سياسية من قبيل أن "السلطات دوما ترى في الولاية على أنها متمردة"، بينما الولاية تعاني من مشاكل كبيرة كنقص في القطاع الصحي من حيث الهيكلة والطرقات والموانئ والنقل، حيث طالب رئيس المجلس الشعبي الولائي بطريق سريع رابط بين ولايته وبجاية عبر اعكوران، وفتح ميناء أزفون أمام الحركة التجارية، وإنشاء ترام واي وتعزيز القطاع الصحي بمستشفى جامعي جديد وعيادات جوارية، باختصار "تيزي وزو في حاجة إلى مخطط سلال على شاكلة مخطط مارشال". أما الوالي، فقد كان من أهم ما سجله في مداخلته ندرة العقار، التي "ينبغي لها غلاف مالي كبير لحل معضلتها، ونقل الملكيات بشكل سلس لتسهيل انجاز المشاريع". هذا، وقام الوزير الأول بتقصير برنامج زيارته، حيث راجت أخبار مفادها أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة عائد مساء أمس، إذ كان من المقرر إنهاء الزيارة في الرابعة والنصف لكنها انتهت على الواحدة زوالا، وقال سلال دون توضيح للأسباب أمام المجتمع المدني، بأنه مجبر للعودة إلى العاصمة قبل الثانية زوالا. لكن لوحظ في الوقت ذاته، أن وزير الداخلية والجماعات المحلية دحو ولد قابلية وجد صعوبة كبيرة في إتمام الزيارة بعدما ألمت به وعكة صحية اضطرته لعدم الترجل برفقة الوزير الأول لتفتيش بعض المحطات.