في البداية اعتصامنا دخل اليوم يومه التاسع والعشرين، حيث بدأ قبل عزل الرئيس محمد مرسي بإرادة المؤسسة العسكرية وتغييبه، واستمر بعد الانقلاب العسكري الجائر. ونحن اليوم أكثر صلابة وقوة وصمود من ذي قبل. وكما تابعت ما حدث صبيحة اليوم من مذبحة بميدان رابعة العدوية، التي راح ضحيتها المئات بين قتيل ومصاب من المتظاهرين السلميين، ورغم ذلك تستمر المسيرات والاعتصامات بالجمهورية. من جهة أخرى هذا السلوك العنيف الذي يتعامل به عبد الفتاح السيسي هو في الواقع دليل ضعف وليس دليل قوة، فالذي يتصرف بعنف ورعونة هو الضعيف والخائف والذي يعاني من عدم اتزان مواقفه. وبالتالي فإننا في تصوري في موقف القوي، وستستمر مسيرتنا حتى عودة الشرعية كاملة وعودة الرئيس محمد مرسي وكافة القياديين المعتقلين بتهم كيدية. بالعكس أنا أرى الدعوة للتفويض التي طلبها في حد ذاتها تعبير عن ضعفه وعن قلقه من الاعتصامات المستمرة لمدة شهر. وكذلك المظاهرات التي خرجت أمس الأول، والتي تم تصويرها بطرق محددة من قبل قنوات الإعلام التضليلية، لا تعبر عن شعبية حقيقية. والمتابع المستقل بإمكانه المقارنة بين مسيراتنا المليونية وبين تلك الحشود التي خرجت بعد المغرب في الغالب. بكل تأكيد طبعا.. فقط المشكلة أننا لا نملك أجهزة إعلام بعد غلق كل القنوات الإسلامية والقنوات والصحف التي تدين الانقلاب العسكري. وهو يملك أدوات الإعلام الثقيل التي ظلت تصور الحدث من زاوية واحدة وب"كادر" واحد طوال اليوم. صحيح قناة الجزيرة من بين القنوات الفضائية القليلة التي تحاول نقل الصورة الحقيقية بشأن رابعة العدوية، لكنها ممنوعة من نقل الميادين الأخرى. كما قلت في البداية، الشرط الأول لأي حل هو عودة الرئيس مرسي وخروجه من المعتقل رفقة رفاقه المعتقلين دون وجه حق، وحينها ليقرر ما يريد أن يبقى أو يتنحى أو تقام انتخابات مبكرة. دون هذا الشرط لا يمكن إجراء أي حوار مع أي طرف كان. لا ليس صحيحاً طبعا. نحن نريده أن يخرج من محبسه إلى القصر، وليقرر وحده ماذا يريد أن يفعل.. سواء أراد التنحي أو إعلان انتخابات رئاسية مبكرة، أوإجراء استفتاء حول شعبيته أو الاستمرار في السلطة حتى نهاية ولايته الرئاسية. له مطلق الحرية، لأن هذا قراره وحده وهو من يملك حق وقدرة اتخاذه ولسنا نحن. فليخرج وليصارح منتخبيه من المصريين بما يريد فعله، وما على الجميع إلا احترام تلك الإرادة. لكن دون ذلك كل ما يطرح من مبادرات لا يمكن قبوله، خاصة أننا دفعنا دمائنا من أجل ذلك واستشهد المئات من المصريين من أجل هذه الشرعية. وكما تعرف هناك الكثير من المبادرات عرضت من عدة جهات، منها مبادرة الدكتور محمد سليم العوا وغيره، ولكنها رفضت من قبل المعتصمين لأنها دون هذا الشرط المركزي بالنسبة لنا. قطعا لا. حزب النور لا يمكن القبول بوساطته مهما كانت، فهو شريك في الانقلاب العسكري وكان هو الغطاء الإسلامي له بجانب شيخ الأزهر، الذي ساهم هو الآخر في ذات المهمة ثم زادها جريمة عندما سمح لوحدات القناصة من قوات الأمن في اعتلاء مباني جامعة الأزهر، وهم من قتلوا المتظاهرين السلميين صباح اليوم.. وبالتالي مبادراتهما مرفوضة لانتفاء شروط الحياد، ومساهمتهما سويا في الانقلاب على الشرعية، فضلا عن أننا لسنا في موقف ضعف لنستجدي الوساطات. خطوتنا هي الصمود في مواقفنا، ولن نتزحزح أبدا. هم يهددوننا الآن بالاقتحام لفض الاعتصام ونحن نقول لهم اتفضلوا وصدورنا عارية إلا من الإيمان بالله وبقضيتنا. لن نفض الاعتصام ولن نخفض سقف مطالبنا أبدا ً، حتى لو قصفونا بالطائرات. وقد بدأت بشائر الأمر من خلال ما حدث صبيحة اليوم في رابعة العدوية من مذبحة شنيعة. وهذا يزيدنا إصرارا، فكلما نزف الدم بتنا أكثر إصرارا واقتناعاً بمواقفنا، والسيسي أكثر عريا أمام مسؤوليته الوطنية والأخلاقية، وهو الآن في تصوري يترنح. والمؤسسة العسكرية حتماً ستراجع مواقفها من الانقلاب العسكري.