ككل سنة في مثل هذا الوقت من شهر رمضان يعود الحديث بقوة عن الحملات التحسيسية الخاصة بعمليات ختان الأطفال، حيث تختار كثير من العائلات هذه المناسبة لختان أبنائها وسط أجواء رمضانية بهيجة. وعادة ما تتم عمليات الختان خلال هذا الشهر الفضيل جماعيا ومن تنظيم بعض الجمعيات الخيرية، وهو ما يضفي على العملية نكهة خاصة، غير أن ذلك قد ينتهي في بعض الأحيان إلى ما تحمد عقباه من خلال الأخطاء التي تقع، والناجمة أساسا عن تولي أشخاص لا تتوفر فيه شروط إجراء عملية الختام، بالإضافة إلى كونها تجري في أماكن غير نظيفة. ولئن كانت الأخطاء تتكرر باستمرار ويذهب ضحيتها أطفال أبرياء، فإن حادثة ختان الأطفال التي حدثت في بلدية الخروب بقسنطينة، منذ سنوات، وذهبت ضحيتها مجموعة من الأطفال، ما تزال عالقة في الأذهان طالما أن المجتمع اهتز لها.. قبل أن تنتهي تلك القضية في أروقة المحاكم. وككل عام سارعت وزارة الصحة إلى إصدار بيان تضمن موضوع الختان، حيث ركزت على ضرورة تولي جراحين مختصين مهمة القيام بعمليات الختان، سواء كانت فردية أو جماعية، وهذا تماشيا مع القوانين السارية المفعول، ومنها المادة 6 المؤرخة في 5 جوان 2006 المتعلقة بالتكفل بعمليات الختان. وفي هذا الإطار أكد بيان الوزارة أن فعل الختان لا يمكن إجراؤه إلا من طرف جراح في مصلحة استشفائية خاصة أو عمومية، تتوفر فيها جميع ظروف الوقاية والأمن حتى يتم ضمان نجاح العملية. كما ذكر بيان الوزارة أن كل هذه الاحتياطات تهدف أساسا إلى الحفاظ على صحة الأطفال والعمل على عدم تكرار الحوادث الأليمة التي وقعت في الماضي وحولت الأفراح إلى مآتم. وتبعا لذلك يرى الدكتور إلياس مرابط، المختص في الصحة العمومية، أن التعليمة الوزارية الأولى التي صدرت عام 2007 بعد حادثة الخروب التي ذهب ضحيتها أطفال أبرياء، ساهمت في انخفاض في عدد الأخطاء والتجاوزات التي تقع، حيث أخذت الوزارة على عاتقها مسألة الختان الجماعي للأطفال خلال شهر رمضان: "أستطيع القول إن ما أقدمت عليه الوزارة يعد النقطة الإيجابية الأولى، غير أنني أرى أن ذلك غير كاف لأنه لا يمكن ضمان تغطية كاملة وشاملة خلال ليلة القدر مثلا في كامل التراب الوطني، أوالمولد النبوي الشريف". وفي جانب آخر تحدث مرابط عن تعليمة الوزارة التي تؤكد على ضرورة أن يتولى الطبيب الجراح عملية الختان: "كما نعلم هناك اختصاصات في الجراحة، والوزارة لم تحدد نوعية الجراح الذي يقوم بالعملية، وبالمناسبة أقول أنه قديما كان هناك أطباء عاديون غير مختصين يتولون ختان الأطفال، وهو أمر نراه ممكنا شرط أن تتوفر شروط أخرى، مثل إجراء الختان بالمصالح الصحية والاستشفائية وتوفير أدوات التخدير والإنعاش، وما زال هذا هو موقفنا اليوم". كما اقترح الياس مرابط ألا تلجأ العائلات إلى ختان أطفالها فقط خلال شهر رمضان حتى لا يقع الازدحام الذي يولد عادة الأخطاء والضغط على الأطباء: "حسب علمي لا توجد في معتقداتنا الدينية وفي شريعتنا ما يلزمنا بحصر فترة الختان في شهر رمضان، وعليه نحن نقوم بعملية التوعية بالمساجد حتى يستغل المواطن العطل المدرسية مثلا لختان أطفاله من أجل تفادي الوقوع في أخطاء يذهب ضحيتها أبرياء.