تحصلت "الجزائر نيوز" على وثائق تكشف تجاوزات خطيرة في التسيير الإداري والمالي بجامعة سعد دحلب في البليدة، يعود تاريخها إلى فترة تولي الرئيس السابق لها ووزير التربية الحالي، عبد اللطيف بابا أحمد، حيث تثبت هذه الوثائق التي تحمل التوقيع على تراخيص لممارسات غير قانونية، من بينها صرف أموال لصالح أطراف لا علاقة لها بالنشاطات الممارسة في الجامعة. تظهر الوثائق التي بحوزة "الجزائر نيوز" مدى استشراء ظاهرة الفساد المالي والإداري بجامعة سعد دحلب، وذلك في الفترة الممتدة بين سنتي 2004 و2011، والتي تعاقب على تسيير شؤون الجامعة أثناءها كل من نادية ميمون وبابا أحمد عبد اللطيف. تظهر فواتير تحمل توقيع رئيسة الجامعة السابقة، تجاوزات مالية في إطار استغلال الغلاف المالي الذي يخصصه الصندوق الوطني للبحث والتطوير التكنولوجي لصالح التجهيز، في اقتناء هدايا تقدر قيمتها ب 519.831.00 دج، سدد بموجب الحوالة المؤرخة في 20 ديسمبر 2004 للسيد (م. ط) لاقتناء 20 هدية بقيمة مالية تقدر ب 351.234.00 دج، ودفع فاتورة في الفترة نفسها لفائدة جهات أخرى بقيمة 168,595.00 دج مقابل خمس هدايا. وحسب التقرير المرفوع إلى عدة هيئات، على غرار رئيس مجلس المحاسبة بالعاصمة والنائب العام لدى مجلس قضاء البليدة ورئيس الفرقة المالية والاقتصادية للدرك الوطني بالبليدة ورئيس الفرقة المالية والاقتصادية للأمن الوطني، فإن هذه العملية تمت دون جرد المقتنيات وفقا لما تقتضيه أحكام المرسوم التنفيذي رقم 455-91 المتضمن جرد أملاك الدولة، إلى جانب عدم تحديد طبيعتها، وهو ما يتعارض مع القانون المحدد لكيفية تحرير الفاتورة، وبطريقة مبالغة في تحديد الأسعار ومخالفة لأحكام المرسوم الرئاسي المتعلق بالصفقات العمومية. كما يشير التقرير ذاته إلى مخالفة إدارة الجامعة للقواعد المنافسة في اقتناء سيارة من الأموال التي يمنحها الصندوق، وهو سلوك يمكن تصنيفه في خانة الاستعمال غير القانوني للاعتماد الخاص. هذه التجاوزات تعد مثالا بسيطا عما عرفته فترة تقلد الرئيسة ميمون من خرق للقانون وتلاعب في تسيير شؤون الجامعة. لم تتوقف فضائح التسيير المالي والإداري بهذه الجامعة في هذه الفترة عند هذا الحد، حيث تكشف الوثائق تجاوزات الإدارة التي لحقتها تحت إشراف وزير التربية الحالي، عبد اللطيف بابا أحمد، وهي مرحلة عرفت فيها جامعة سعد دحلب الكثير من الهزات والاضطربات، واتهمت فيها مجموعة من الموظفين بإحكام سيطرتها على الأمور وتسببت في شلل تام بالجامعة بسبب إضراب العمال والأساتذة احتجاجا على الوضع، وطالبوا أثناءها برحيل بعض المسيرين، كان أبرزهم آنذاك الأمين العام للجامعة الذي لم تتم تسوية وضعيته الإدارية لتقلد هذا المنصب، حسب التقرير. وقامت إدارة الجامعة منذ سنة 2007 بتنظيم نشاطات بيداغوجية وامتحانات مهنية لفائدة هيئات وإدارات خارجية مقابل مداخيل وتعويضات مالية لم تصرف لفائدة القائمين عليها حسب القانون، لعدم التزام الإدارة بأحكام المرسوم التنفيذي المحدد لكيفيات توزيع المداخيل المرتبة عن أدائها لهذه الخدمات التي تصنف في خانة النشاطات الممارسة خارج المهام الأساسية، الذي تنص مواده صراحة على أن 35 بالمائة من هذه المداخيل توجه إلى ميزانية المؤسسة و10 بالمائة منها يستفيد منها المخبر أو الوحدة التي قامت بالبحث أوالأشغال، وتوجه لتحسين الوسائل وظروف العمل، و50 بالمائة منها توزع على شكل علاوات ومنح تشجيعية على الأعوان المشاركين في العملية، بما فيهم مستخدمي الإسناد، وتوجه نسبة 5 بالمائة لترقية نشاط الطابع الاجتماعي والثقافي، على أن تتم عملية توزيع هذه الأموال بناء على قائمة يعدها مدير المؤسسة بعد استشارة مسؤول المخبر أو الوحدة القائمة على النشاط، والتي يتم التأشير عليها من قبل المراقب المالي. إلا أن إدارة الجامعة لم تتقيد بأحكام هذا المرسوم ولم تحترم النسب المحددة، بل قامت بتحويل أموال النشاطات لفائدة أشخاص لاعلاقة لهم بالنشاط المقدم، على غرار الأمين العام للجامعة الذي استفاد من مبالغ مالية تفوق التي يستفيد منها القائمون على النشاط وعلى حساب المعنيين الفاعلين. ويلاحظ أن استفادته من هذه الأموال تمت في الفترة التي لم تسو فيها وضعيته كأمين عام، كما استفاد من مبلغ مالي نتيجة نشاط تكوين الكفاءة المهنية في الوقت الذي لم يستفد الأمين العام لكلية الحقوق من المنحة المترتبة عن هذا النشاط، حسب المطلعين على الملف. وفي الإطار ذاته استفاد هذا الشخص من كل الدورات التكوينية والامتحانات المهنية، وأغلبها بكلية الحقوق، والنشاطات المنظمة لفائدة وزارة الفلاحة ومؤسسة الطاسيلي للطيران، بمبلغ إجمالي وصل - حسب التقرير - إلى 1.054.120.33 دج. ولم تقتصر الاستفادة من أموال هذه النشاطات في فترة بابا أحمد التي لم تراعى في توزيعها أحكام المرسوم التنفيذي، على شخص الأمين العام للجامعة، وإنما مست كذلك مسؤولين بمصلحة المالية ومراقبة التسيير بالجامعة في نشاطات لاعلاقة لهم بها. لم تول الإدارة في فترة تسيير الوزير بابا أحمد لجامعة سعد دحلب، أي اعتبار لأحكام الوظيف العمومي، بدليل إدماج عامل مهني صنف 3 ثبتت مزاولته لنشاط تجاري بناء على مراسلة وزارة الفلاحة لولاية البليدة، التي تؤكد أنه عضو في مستثمرة فلاحية. ولم يحترم رئيس الجامعة آنذاك الإجراء الذي اتخذ من قبل الإدارة السابقة ضد هذا العامل بتعيين "عامل مؤقت"، وخضع لتدخل وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بهذا الشأن نظرا للنفوذ الذي يتمتع به العامل إثر صدور حكم اللجنة المتساوية الأعضاء بعد إحالة المعني على المجلس التأديبي نظرا لثبوت ما نسب إليه، واستجاب بذلك رئيس الجامعة للضغوطات الممارسة عليه، ليصدر قرار إدماجه في رتبته الأصلية، علما أن القانون يحدد عقوبة التسريح النهائي في هذه الحالة. ولا يقتصر ذلك على العامل المهني فحسب، بل يشمل المدعو (ب. ب) الذي يشغل وظيفة رئيس وكالة المحاسبة بالجامعة المدون بمحضر التنصيب المؤرخ في 23/ 12/ 2007، علما أنه يشغل وظيفتين في آن واحد، الآمر بالصرف ومحاسب. ويشير التقرير إلى استفادته من تربص ميداني بالخارج لا علاقة له بمجال اختصاصه، تحملت تكاليفه جامعة البليدة بموافقة رئيس الجامعة السابق. يحدث هذا في الوقت الذي بلغ عدد القضايا المتعلق بتبديد ونهب المال العام إلى جانب قضايا التزوير بهذه الجامعة التي كشف عنها رئيس الجامعة السابق 14 قضية، تمت إحالتها على العدالة. موازاة مع ذلك، يكشف التقرير أن رئيس الجامعة قام باستئجار "فيلا" من ميزانية المؤسسة مخصصة للاستعمال السكني البيداغوجي بملغ 90 ألف دج شهريا، في الوقت الذي كان بإمكانه استغلال السكن الوظيفي، لاسيما أن القانون يسمح بكراء مبان لممارسة النشاط البيداغوجي، وهو ما يعني تكليف ميزانية الجامعة أعباء يمكن الاستغناء عنها. من جهته، أكد رئيس جامعة سعد دحلب بالبليدة، الدكتور محمد الطاهر عبادلية، في تصريح ل«الجزائرنيوز"، أن كل ما حدث من تجاوزات تسببت فيها الإدارة السابقة لا تعنيه، وأن مهمته هي النهوض بالجامعة وليس السعي وراء تصفية الحسابات، مضيفا أن مؤسسات وهيئات الدولة المختصة هي الجهة المخولة بالتحقيق والفصل في هذه المسائل وتسويتها ومعاقبة المتورطين فيها، وكل شخص مسؤول عن تسييره، نافيا بذلك اطلاعه على الملفات التي تثبت سوء التسيير المالي والإداري بالجامعة، من منطلق التركيز على بذل كل المجهودات للارتقاء بمستوى الجامعة والحفاظ على سمعتها، وتفادي الأمور التي قد تؤثر سلبا على السير الحسن بها. - 519.831.00 دج من ميزانية التجهيز أنفقت لاقتناء 25 هدية - 1.054.120.33 دج صرفت لحساب شخص لا علاقة له بنشاطات الجامعة - 405.146.33 دج صرفت لصالح موظف في المالية من مداخيل نشاطات الجامعة