قال عبد القادر بن دعماش، المحافظ العام للمهرجان الثقافي الوطني للشعر الملحون سيدي لخضر بن خلوف، في ندوة صحفية أمس الأربعاء، إن احتضان مستغانم للتظاهرة لا يعني "جهوية" الحدث، مؤكدا عن البعد الروحي والفكري للشخصية، التي سيتناول أبعادها أساتذة جامعيون وباحثون. بن دعماش اعترف أنه لا ينوي محاربة الاعتقادات الخاطئة المنسوبة لبن خلوف، إلا أنه يأمل في تكريس خصاله لدى العام والخاص بعيدا عن الروايات الأسطورية. ستكون بلدية مزغران قبلة لعشاق ومحبي الشاعر الفحل سيدي لخضر بن خلوف من ال 20 إلى 26 أوت الجاري، وعبر ضريحه وساحة البلدية وأماكن أخرى، سيتوافد المشاركون وسكان المنطقة، للاستماع إلى محاضرات ومداخلات تخص الرجل من نواحي إبداعية وفكرية متعددة. مزغران التي خلدها بن خلوف في قصيدة مشهورة، نسبة إلى المعركة الدامية (في 26 أوت 1558) التي تواجه فيها الجزائريون مع الإسبان، وخرجوا منها منتصرين، مخيبين آمال حاكم وهران في بسط نفوذه على مستغانم. هو لكحل بن عبد الله بن خلوف المشهور ب "سيدي لخضر"، مؤسس النوع الشعري المسمى الملحون في الجزائر في القرن السادس عشر بالمغرب الأوسط (الجزائر)، كان من أصدق وأفصح مداحي الرسول صلى الله عليه وسلم، أمضى حياته مجاهدا وعالما ورحالة وعالم اجتماع وواعظا أيضا. عاش 165 عام، أشعاره تنم على ثقافة الشاعر ورصيده المعرفي واللغوي الواسع. كما يعتمد النوع الشعري الذي أسس له بن خلوف حسب بن دعماش على سرد الأحداث، الوصف، المقارنة والمديح، ويستلهم أصوله من الأدب العربي للعصر الجاهلي، وبالتحديد أشعار ذي الأصبع العدواني الذي أصبح مشهورا بتلك الغازات والمعارك الذي كان يشارك فيها. كتب المحافظ في كراسة المهرجان الموزعة على الصحافة أن "تحليلا عميقا لأشعار سيدي لخضر بن خلوف يجعلنا نقف على مستوى رفيع من الروحانية، التي اكتسبها من تلك الرحلة الكبرى إلى تلمسان لزيارة ضريح سيدي بومدين الغوثي، ومنها تشبّع بتلك النزعة الدينية الصوفية السائدة آنذاك وتسلم الأمنة التي طالما انتظرها من القطب سيدي بومدين". وهو الرهان الذي سيحاول فريق المهرجان رفعه، لاستبدال الصورة العقائدية الخاطئة التي رافقت بن خلوف وغيره من الشخصيات العالمة في الجزائر على غرار سيدي بومدين، سيدي عبد الرحمن. وفي رده على سؤال "الجزائر نيوز"، أكد بن دعماش: "للأسف الخارفة أحاطت كثيرا بهذه الشخصية.. لكني لست أنوي محاربة الاعتقادات وإنما نريد أن نؤسس لسنة حميدة قوامها العلم والمنهج العقلاني لنزيح الأفكار البالية". وتتسع دائرة الجهل إلى المغنيين الذين أعادوا أشعار بن خلوف، يردف المتحدث: "كثيرون غنوا له ولكن لا أحد منهم يعرف من يكون بالضبط"، وقد تنبأ الفارس المحارب بحدوث ذلك، لحظة تأمل للنخلة التي نبتت بمكان تعبده، فقال: "في يوم ما سيزور الناس هذه النخلة ويتجاهلون من يقيم داخل الضريح". سيتناول الباحثون ابتداء من 20 أوت في دار الثقافة عبد الرحمن كاكي، البعد الاستشرافي لبن خلوف، الذي عرف في زمنه ب "الجفريات"، كما سيخوضون في محاور شتى مثل: "مكيدة يهود خيبر حسب سيدي لخضر بن خلوف" للأستاذ أحمد أمين دلاي باحث بالمركز الوطني للبحث في الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية بوهران، "الاصطلاح الصوفي عند سيدي لخضر بن خلوف" من إلقاء حمو عبد الكريم باحث في المركز نفسه، "سيدي لخضر بن خلوف بين الفصحى والعامية" لمحمد توزوت باحث في الأدب الشعبي، البليدة، قراءة حول العدد الأول من مجلة "الموروث" الخاصة بتحليل الخطاب الشعري لدى سيدي لخضر بن خلوف يقدمها د. الجيلالي بنيشو جامعة العلامة الشيخ عبد الحميد بن باديس، مستغانم. ويعول بن دعماش على ما أسماه ب "رحلة إحياء الأمانة"، حيث سيسير المشاركون صوب تلمسان "على خطى أمير الشعراء" يوم الخميس 22 أوت 2013 وهي عبارة عن "سفرية رمزية تهدف إلى استذكار مسار الرحلة التي قادت سيدي لخضر بن خلوف من مسقط رأسه بأولاد خلوف في مستغانم، مرورا بمزغران إلى تلمسان، من أجل زيارة ضريح أستاذه الروحي سيدي بومدين الغوث (1126 - 1179).