يرى المختص في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة أدرار، كمال بوناب، أن ثقافة العشيرة والنزعة القبلية السائدة في المجتمع الصحراوي في ظل غياب منظمات المجتمع والسلطات العمومية التي تعمل على نشر ثقافة المواطنة والتعايش السلمي، ساهم في تغذية الصراع بين القبيلتين المتناحرتين ببرج باجي مختار. من منظور سياسي يمكن القول إن نشوب مثل هذه الصراعات القبلية أمر محتمل نظرا لتجذر مفهوم القبيلة في المجتمع العربي وحتى المجتمعات الغربية، على غرار الولاياتالأمريكيةالمتحدة التي شهدت في الأونة الأخيرة احتجاجات عقب مقتل مواطن أسود على يد شرطي. السبب الرئيسي لهذه الظاهرة السائدة بالجزائر، هو غياب ثقافة المواطنة نتيجة لانعدام منظمات المجتمع المدني التي يناط بها السعي لنشر الوعي وتكريس ثقافة التسامح والتعايش بين مختلف الأجناس والأعراق، لا سيما أن الثقافة السائدة لدى سكان منطقة الجنوب الجزائري بشكل عام هي ثقافة قائمة على النزعة القبلية التي تقضي بالولاء للعشيرة والقبيلة، وبالتالي فإن السلطات العمومية لم تقم بدورها بشكل فعال في خلق فضاءات مجتمع مدني يحترم أفراده بعض ويعون أهمية التعايش السلمي في المجتمع الواحد. وما يحدث، حاليا، هو سوء تفاهم وعدم احترام للمدركات الثقافية للطرف الآخر، لأن بعض مناطق الجنوب الجزائري تحمل أسماء أمازيغية محضة، فعلى سبيل المثال اسم منطقة "أمناس" يعني بلغة "التيفيناغ" إناء حفظ الماء، وهو عبارة عن دلو معدني كانت تستخدمه قبائل الأمازيغ القديمة، وهذه الكلمة تم تعريبها لتحمل المنطقة اليوم اسم "عين أمناس"، وهذا راجع إلى غياب فضاء والبحث الثقافي الذي يؤكد على نظرة العيش في إطار المجتمع الواحد. ما أقصده أن السلطات العمومية تسعى في الوقت الراهن لضمان عدم انفلات الوضع الأمني بالمنطقة، خصوصا أمام اندفاع الشباب المتشبع بالنزعة القبلية، لكن ذلك لا يمنع القول إن هناك تقصير من قبلها لا بد أن تتداركه في المستقبل. كما أن الحل لا يكمن في استعمال القوة بقدر ما يكمن في نشر الوعي والبعد عن الانغلاق والتعصب. دور الأعيان محوري في مثل هذه الصراعات القبلية والعرقية. كما أن الصراع العرقي القائم بين القبيلتين ليس له بعد سياسي ولا يستحق التهويل، لا بد أن تتدخل السلطات لضمان انفتاح سكان المنطقة واكتساب ثقافة احترام الآخر، وأن تلعب الجامعة في هذه العملية دورا هاما في تكريس ثقافة المواطنة عن طريق تنظيم أيام دراسية تحسيسية وملتقيات علمية لنشر ثقافة التسامح والتعايش السلمي في كنف مجتمع واحد.