لم يحدث وأن طرحت تساؤلات حول دور الأعيان في ولايات الجنوب كما حدث خلال الفترة الأخيرة، وبغض النظر عن كون اتفاق قبيلتي "إيدنان" الترقية و«البرابيش" العربية في برج باجي مختار، الذي تم التوصل إليه منتصف ليلة الجمعة الماضية بحضور أعيان المنطقة، لم يصمد سوى أيام معدودة بعد تجدد المواجهات، خلال اليومين الأخيرين، إلا أن التساؤلات حول فعالية دور الأعيان في الجنوب برزت، قبل ذلك، في أحداث بطالي الجنوب منذ فترة عندما اتهم ممثلوهم، قبيل مسيرة ورقلة الشهيرة، بأن الأعيان حاولوا، قبيل تنظيم احتجاجهم السلمي، ومثلما فعل "نواب ومنتخبون محليون"، إفشال تنظيم المسيرة بإيعاز من السلطة، الأمر الذي "لم ينجح" وفق ممثلي بطالي الجنوب على اعتبار أن المسيرة قد تمت بالفعل وأصدرت الحكومة في أعقابها جملة من القرارات المهمة لصالح هؤلاء البطالين. وخلال الأشهر القليلة الماضية، بدا الأعيان في عشر ولايات جنوبية وكأنهم يتحركون على صعيدين، الأول يتمثل في الاعتراف بمجلسهم المسمى "مجلس أعيان ومشايخ الجنوب" كما لمحت تصريحات بعض الأعيان إلى ذلك في فيفري الماضي قبل أن يصرح وزير الداخلية والجماعات المحلية، وعلى نحو لافت، شهر مارس الماضي، أن السلطات العمومية تعترف "ضمنيا" بجمعيات أعيان ومشايخ الجنوب وأنها قد تجاوزت بشأنهم "المنطق البيروقراطي". أما الصعيد الثاني الذي تحرك من خلاله أعيان ومشايخ الجنوب منذ فترة أيضا، فهو يتعلق بمطالبة السلطات العمومية بأن تكون لأبناء المنطقة "كوطة" في الحقائب الحكومية والإدارية والديبلوماسية، الأمر الذي لقي انتقادا من بعض الأوساط، من باب أن أمرا كهذا يعتبر "غير مبرر" ومن باب أيضا أن الكثير من الوجوه الحكومية والإدارية والديبلوماسية، منذ الاستقلال وإلى يومنا هذا، كانت فعلا من ولايات الجنوب الجزائري. وتطرح تساؤلات أيضا حول جدوى أن يتم الاعتراف بأعيان ومشايخ الجنوب وفق طابع "بيروقراطي" على اعتبار أن ذلك قد يؤدي إلى غياب المرونة المطلوبة في التقرب من مواطني الجنوب ومعرفة انشغالاتهم وذلك على اعتبار أن دور الأعيان هو دور خيري أولا، وهؤلاء الأعيان هم بالدرجة الأولى من المحسنين و المتطوعين الذين يساعدون المجتمع المدني ويسعون إلى حل مشاكله.