قدر رئيس اللجنة الوطنية لتجار الذهب عمار بحتات الذي يعمل كذلك كتاجر ومستورد وحرفي في الذهب، نسبة تداول هذا المعدن النفيس في السوق الموازية بأكثر من 50% ، خلال ندوة صحفية نظمها الاتحاد الوطني للتجار والحرفيين الجزائريين تحت عنوان "الذهب في السوق الجزائري وأثره على الاقتصاد الوطني". ومن بين الأسباب التي قدمها الحاج الطاهر بولنوار حول خلفيات التطرق إلى هذا الموضوع، هو أن هذا المعدن ثيمل أساس اقتصاد الدول، لأنه كذلك العامل الموحد بين العملات التي تقاس قيمتها بمادة الذهب، فيما يبقى المعدن النفيس في الجزائر يعيش مشاكل كثيرة، أبرزها على الاطلاق تداول كمية معتبرة من الذهب المغشوش بالسوق الموازية. وفي جانب آخر من الموضوع، أثيرت كذلك نقطة في غاية الأهمية تتعلق أساسا بالقوانين الجزائرية السارية المفعول اليوم الخاصة بالذهب، التي تشجع الاستيراد على الإنتاج المحلي في الوقت الذي تشجع الدول الأخرى إنتاجها الوطني. وفي تدخله حول واقع سوق الذهب بالجزائر، أشار عمار بحتات إلى أن هذا المعدن أصبح عنصرا أساسيا خاصة في الأعراس والمهور، ولئن كانت قيمته لم تنخفض منذ 10 سنوات تقريبا، فقد شهد في الأشهر القليلة الماضية انخفاضا محسوسا "من بين الأسباب المباشرة التي أدت إلى انخفاض سوق الذهب بالجزائر، يمكن ذكر تراجع أسعاره في البورصة العالمية، حيث كان سعره 43 ألف أورو قبل أن ينزل إلى 29 ألف أورو". كما أرجع عمار بحتات هبوط أسعار الذهب في المدة الأخيرة إلى عامل آخر يتعلق بالتحفيزات الجمركية بالنسبة للاستيراد الخاص بالتجارة الحرة بين الدول العربية حيث كان معفيا من الرسوم الجمركية. غير أن التوقعات تشير إلى أن الأسعار ستعرف ارتفاعا بعد أن تم إلغاء التحفيزات الجمركية من وزارة التجارة، الأمر الذي سيؤدي حتما إلى ارتفاعه، والتي قد تبلغ 10 آلاف دينار للغرام الواحد حسب منشط الندوة. كما تطرق عمار بحتات كذلك إلى أن نوعية الذهب المتداول بالجزائر الذي تسمح به القوانين الحالية يخص أساسا 18 كارا، 21 كارا و22 كارا، كما أن سعره يتراوح حاليا بالجزائر بين 4600 إلى 6000 دج للغرام الواحد بالنسبة للإنتاج المحلي والمستورد على التوالي. اعتبر عمار بحتات أن المعدن النفيس يعتبر احتياطيا مثل البترول، وأن أكثر البلدان صناعة للذهب هي إيطاليا، سنغافورة وتركيا، وأن أي أزمة عالمية تؤثر مباشرة على أسعاره على منوال ما يحدث في أسواق البترول، حيث أن الأزمة الاقتصادية التي تعيشها اليونان أثرت بشكل كبير على سعر الذهب في البورصة العالمية. وفي جانب آخر، قدر عمار بحتات عدد التجار والحرفيين الذين يمتهنون تجارة الذهب ما بين 25 إلى 30 ألف تاجر ومستورد بصفة قانونية ويملكون السجل التجاري، فيما تبقى الجزائر، وهران، قسنطينة وعنابة أكبر الولايات تجارة لهذا المعدن، وتحتل ولاية باتنة الرتبة الأولى وطنيا في مجال صناعة الحلي. وفي سياق آخر، فإن استيراد المادة الأولية من الاتحاد الاوروبي يكلف التاجر نسبة 15٪ من الرسوم الجمركية و17٪ بالنسبة للقيمة المضافة، فيما لا تتعدى نسبة الرسوم الجمركية بالنسبة للإنتاج الجاهز 12٪ على مستوى الاتحاد الأوروبي، أما ما يتم استيراده من بقية الدول فيصل إلى 30٪ كرسوم جمركية. خلال تطرقه إلى القوانين التي تسير سوق الذهب بالجزائر، ركز رئيس اللجنة الوطنية لتجار الذهب على أن القوانين الموجودة لم تتغير منذ الاستقلال، رغم دخولنا اقتصاد السوق، وحتى إن تغيرت هذه القوانين، فهي ليست في صالح التاجر أو المستهلك، كما يرى عمار بحتات أن لجنته تطالب الحكومة بالاعفاء من الرسوم الجمركية بالنسبة للمواد الأولية فقط لتشجيع الإنتاج الوطني. وفي تقديره لقيمة وحجم الذهب الموجود حاليا بالجزائر، قال بأننا نملك اليوم 175 طن، غير أن وجود السوق الموازية أثّر بشكل كبير على الواقع التجاري لهذا المعدن، ولكي نستطيع القضاء على الأسواق غير الشرعية، علينا أن نشجع الإجراءات القانونية بما يخدم السوق الجزائرية من خلال سن قوانين وتنظيم السوق، وتبقى الاقتراحات التي تطرحها اللجنة الوطنية لتجار الذهب تنحصر في نقاط، أهمها تخفيض الرسوم الجمركية والقيمة المضافة لأنه كلما زادت تكاليف الاستيراد يرتفع الثمن، وتزداد نسبة التهريب نحو دول الجوار، كما أن نظرة الحكومة يجب أن تتغير، حيث لا يجب أن تبقى النظرة إلى هذا المعدن على أنه من الكماليات بل مادة أساسية تهم كل الجزائريين اليوم، مع العمل على القضاء على السوق الموازية وتنظيم مهنة تجار وحرفيي الذهب.