أصحاب المناورات لن يتمكنوا من إيقاف مسيرة الجزائر الجديدة    المباراة المفصلية لكأس العرب بين الجزائري والعراقي    توقيف 5 أشخاص وحجز750 مليون مزورة    انتخاب الجزائر لمدة سنتين باللجنة الدائمة لحقوق المؤلف    الأدب الجزائري باللسان الفرنسي..!؟    غزوة ترامب الفنزويلية    BOIKII بميناء الجزائر    هذا برنامج مباريات الدور ال16    إشادة لبنانية بالدور الجزائري    أسعار الخضر تلتهب عبر الأسواق    حوادث المرور تحصد أرواح آلاف الجزائريين    عطّاف يلتقي غروسي    الخطّ الأصفر.. حدود الموت    نحن بحاجة إلى الطب النبيل لا إلى الطب البديل..    استحداث شبكة خبراء لاعتماد المنتجات الرقمية    الجزائر وجهة استثمارية صاعدة في منطقة المتوسط    لا تعاطف مع المحبوسين في قضايا ترويج المخدرات    الجزائر لا تتلقى الدروس من أحد    تنظيم صالون للحمضيات قريبا    جهود لتسوية الاعتراضات المسجلة    الرئيس الصحراوي يطالب الاتحاد الأوروبي بالكف عن التحايل    مسار الزراعات الاستراتيجية تحت المراقبة    احتياطات الأدوية والمستلزمات الطبية تتراجع إلى مستويات الكارثية    بلغالي سعيد بمستوياته مع نادي هيلاس فيرونا    أبو جزر يحتفي بإسعاد الجماهير الفلسطينية    نخوض كل لقاء كأنه نهائي    هذا برنامج مباريات الخضر في مونديال 2026    عرقاب يلتقي نائب رئيس البنك الدولي    نحو إطلاق مصنع صيدال بعُمان    حجز 100 كغ من اللحوم الفاسدة    توقيع بيان لتعزيز الاستخدامات السلمية للطاقة النووية بين الجزائر والوكالة الدولية للطاقة الذرية    الجزائر تؤكد التزامها بحرية ممارسة الشعائر الدينية وحماية أماكن العبادة    وزير الشؤون الدينية ووالي ولاية الجزائر يعاينان مشاريع ترميم معالم دينية وتاريخية بالعاصمة    انتخاب الجزائر نائبًا لرئيس اللجنة الدائمة لحقوق المؤلف بالويبو للفترة 2026-2027    كأس العرب فيفا قطر 2025 / الجزائر- العراق:"الخضر" على بعد نقطة واحدة من الدور ربع النهائي    المؤتمر الإفريقي للمؤسسات موعدا سنويا هاما للتعاون البيني    بلمهدي يشرف على اجتماع لمتابعة الرقمنة بقطاع الأوقاف    فتح الترشح لاقتناء سكنات ترقوي مدعم (LPA)    ثورة التحرير الجزائرية تشكل نموذجا ملهما لحركات التحرر    سفارة النمسا في الجزائر توجه رسالة مؤثرة للجماهير الرياضية    سعيود.. الطرقات مازالت تأتي على الأخضر واليابس    إصابة 13 شخصا بجروح مختلفة بالمدية    المسؤولية بين التكليف والتشريف..؟!    المفتاح تمثّل الجزائر    منحة السفر تُصرف مرّة سنوياً    الفرقاني.. 9 سنوات من الغياب    ناصري وبوغالي يعزّيان    نظام أجور خاص لحماية القضاة من الإغراء والتأثير    وزير المجاهدين يكرّم المجاهدة الرمز جميلة بوحيرد    الكتابة مرآة المجتمع وسؤال المرحلة    إجراء قرعة حصّة 2000 دفتر حج    أقرها رئيس الجمهورية.. إجراء عملية القرعة الخاصة بحصة 2000 دفتر حج إضافية    صور من الحب والإيثار بين المهاجرين والأنصار    أفضل ما تدعو به لإزالة الألم والوجع وطلب الشفاء    إجراء القرعة الخاصة بحصة 2000 دفتر حجّ إضافية    المواطنون الحائزون على طائرات "الدرون" ملزمون بالتصريح بها    قرعة الحجّ الثانية اليوم    ما أهمية تربية الأطفال على القرآن؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من القرآن/ لفظ (العبرة) في القرآن
نشر في الجزائر نيوز يوم 03 - 09 - 2013

لفظ (العبرة) في القرآن الكريم -كغيره من الألفاظ القرآنية- يستحث الباحث على التأمل في دلالته اللغوية، ويستوقف الناظر لمعرفة أبعاده القرآنية، ويُعدُّ بامتياز من المصطلحات القرآنية ذات الدلالات الخاصة.
وقبل تفصيل القول في دلالة هذا اللفظ في موارده القرآنية، نستبق ذلك ببيان دلالته من الناحية اللغوية.
تفيد معاجم اللغة أن الأصل في مادة (عبر) الدلالة على النفوذ والمضيِّ في الشيء. يقال: عبرت النهر عبوراً: قطعته من شاطئ إلى شاطئ. وكذلك الطريق: قطعته من جانب إلى جانب. ويقال: عَبَر الكتاب: إذا تدبره في نفسه، ولم يرفع صوته بقراءته. وعَبِرَ عَبَراً: جرت دمعته. وعَبَّر عما في نفسه: أعرب وبيَّن بالكلام. واعتبر الشيء: اختبره وامتحنه. واعتبر به: اتعظ. ويقال: استعبر فلان: إذا جرت عَبْرته. ومن الباب العَبْرَة: وهي الدمع؛ لأن الدمع يعبر، أي: ينفذ ويجري. ورجل عابر سبيل، أي: مار. ويقال: ناقة عَبْرُ أسفارٍ، أي: قوية على الأسفار. والعَبْر من النهر: شاطئه وجانبه. والعبرة: الاعتبار بما مضى.
ومن الباب: عَبَرَ الرؤيا عَبْراً: فسرها. ووجه القياس في هذا عبور النهر؛ لأنه يصير من جانب إلى جانب. كذلك مفسر الرؤيا يأخذ بها من وجه إلى وجه. و(الاعتبار) و(العبرة) مقيسان من عَبْري النهر -أي جانباه-؛ لأن كل واحد منهما عَبر مساو لصاحبه. فإذا قلت: اعتبرتُ الشيء، فكأنك نظرت إلى الشيء، فجعلت ما يعنيك عَبْرا لذاك، فتساويا عندك. فهذا أصل اشتقاق الاعتبار.
وواضح أن الأصل اللغوي لهذا اللفظ يدل على الانتقال من جهة إلى أخرى، إما انتقالاً ماديًّا، وإما انتقالاً معنويًّا. فما هي دلالته في القرآن الكريم؟
بتتبع مواضع لفظ (عبر) وما اشتق منه في القرآن الكريم نجد أنه جاء في تسعة مواضع، موضعان منها بصيغة الفعل، أحدهما: قوله تعالى في قصة يوسف عليه السلام ورؤيا ملك مصر: {إن كنتم للرؤيا تعبرون} (يوسف:43). والثاني: قوله سبحانه: {فاعتبروا يا أولي الأبصار} (الحشر:2). وجاء في سبعة مواضع بصيغة الاسم، من ذلك قوله عز وجل: {لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب} (يوسف:111).
ولفظ (عبر) في القرآن الكريم بمشتقاته جاء على أربعة معان رئيسة:
المعنى الأول: بمعنى تعبير الرؤيا المنامية، وذلك في موضع واحد في القرآن، وهو قوله تعالى: {وقال الملك إني أرى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات يا أيها الملأ أفتوني في رؤياي إن كنتم للرؤيا تعبرون} (يوسف:43)، فملك مصر يطلب من حاشيته أن يُعبِّروا له ما رأه في منامه، أي: أخبروني بحكم هذه الرؤيا.
المعنى الثاني: بمعنى العبور في الطريق، جاء ذلك في موضع واحد في القرآن، هو قوله سبحانه: {يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا} (النساء:43). ف (العابر السبيل) المجتازه مروراً. والمراد من الآية هنا نهي المؤمنين عن قربان المساجد حال الجنابة، لكن يجوز للجُنُب ومن في حكمه -كالحائض والنفساء- عبورها لقضاء حاجة، لا على سبيل المكث والإقامة.
المعنى الثالث: بمعنى الدليل، جاء ذلك في ثلاث آيات:
أولها: قوله عز وجل: {يقلب الله الليل والنهار إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار} (النور:44)، أي: إن في إنزال المطر والبَرَد، وتقليب الليل والنهار لدليلاً على عظمته تعالى.
ثانيها: قوله سبحانه: {وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونه من بين فرث ودم لبنا خالصا سائغا للشاربين} (النحل:66)، يقول سبحانه: إن لكم -أيها الناس- في هذه الأنعام التي سخرها لكم لآية ودلالة على قدرة خالقها، وحكمته، ولطفه، ورحمته.
ثالثها: قوله تعالى: {وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونها ولكم فيها منافع كثيرة ومنها تأكلون} (المؤمنون:21)، أي: وإن لكم -أيها الناس- في الأنعام لعبرة تعتبرون بها، فتعرفون بها أيادي الله عندكم، وقدرته على ما يشاء، وأنه الذي لا يمتنع عليه شيء أراده، ولا يعجزه شيء شاءه.
وهذه الآيات الثلاث بمعنى قوله عز وجل: {إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب} (آل عمران:190).
المعنى الرابع: بمعنى الاعتبار والاتعاظ، وهو المعنى الأكثر حضوراً في القرآن، جاء ذلك في أربع آيات:
الأولى: قوله تعالى: {هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر ما ظننتم أن يخرجوا وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا وقذف في قلوبهم الرعب يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين فاعتبروا يا أولي الأبصار} (الحشر:2). أي: انظروا -يا معشر أولي العقول والأفهام- إلى من فعل ما فعل، فعوقب بما عوقب به، فتجنبوا مثل صنيعهم؛ لئلا ينزل بكم من البلاء مثل ما نزل بأولئك.
الثانية: قوله سبحانه: {قد كان لكم آية في فئتين التقتا فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة يرونهم مثليهم رأي العين والله يؤيد بنصره من يشاء إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار} (آل عمران:13)، المعنى كما قال ابن كثير: إن في ذلك لَمُعْتَبَرًا لمن له بصيرة وفَهْم، يهتدي به إلى حكم الله وأفعاله، وقدره الجاري بنصر عباده المؤمنين في هذه الحياة الدنيا، ويوم يقوم الأشهاد.
الثالثة: قوله عز وجل: {لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثا يفترى ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء وهدى ورحمة لقوم يؤمنون} (يوسف:111)، أي: لقد كان في خبر المرسلين مع قومهم، وكيف أنجينا المؤمنين، وأهلكنا الكافرين عبرة لأولي العقول السليمة يعتبرون بها، وموعظة يتعظون بها.
الرابعة: قوله تعالى: {إن في ذلك لعبرة لمن يخشى} (النازعات:26)، أي: إن في العقوبة التي عاقب الله بها فرعون في عاجل الدنيا، وفي أخذه إياه نكال الآخرة والأولى، عظة ومُعْتَبَرًا لمن يخاف الله، ويخشى عقابه.
والحاصل، أن لفظ (عبر) بمشتقاته ورد في القرآن الكريم على معنىً رئيس، هو معنى (الاعتبار) و(الاتعاظ) بما حصل للأقوام السابقة. وجاء بنحو أقل بمعنى (الدليل) على عظمة الله سبحانه وقدرته. وأقل ما جاء بمعنى تعبير (الرؤيا) المنامية، ومعنى (العبور) المادي. وكل هذه المعاني تشترك في أصل الدلالة اللغوية لهذا اللفظ، وهو معنى المضيِّ في الشيء، والانتقال منه إلى غيره، انتقالاً ماديًّا أو معنويًّا.
ونختم الحديث عن لفظ (العبرة) بما رواه ابن أبي الدنيا في كتاب "التفكر والاعتبار" عن الشيخ أبي سليمان الداراني، قال: إني لأخرج من منزلي، فما يقع بصري على شيء إلا رأيت لله علي فيه نعمة، أو لي فيه عبرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.