بغض النظر عن استفاضة الأمين العام للتنسيقية الوطنية للأئمة وموظفي الشؤون الدينية والأوقاف جلول حجيمي في شرحه، خلال هذا الحوار الصحفي المطول، لعدد من القضايا المتعلقة بمطالب الأئمة وموظفي القطاع ومسائل دينية عدة، فإن الموضوع الأكثر الأهمية فيما ورد من جانبه، وفي تقديرنا، يبقى هو موضوع الفتوى ومدى "خطورة" أن يطلبها المستفتي، الموجود في بلد ما، من المفتي الموجود في بلد آخر، وهنا يسوق الشيخ اعتبارات تتعلق بكون الفتوى لها أوطان ولها مناخ، وأن المستفتي مقيد بالرجوع إلى مفتي يعرف ضوابط البلد والألفاظ المستعملة فيها تجنبا لأثار الاختلاف في الألفاظ كما ورد في قصة السائلة الجزائرية فضلا عن اعتبارات "السياسة".. وفي الواقع فإن المستفتي الجزائري لم يتوجه إلى "أساطين" الإفتاء في القنوات الفضائية العربية إلا لكونه يعتقد، في جانب من الأسباب، أنه ليس أمام كفاءات جزائرية حقيقية في هذا المجال تجيب عن تساؤلاته، وهذه الكفاءات موجودة في بلادنا ولكنها غير معروفة، كما يقول الشيخ حجيمي الذي يشير أيضا إلى عدم وجود مجمع للفتوى إما في شكل مؤسسة مفتي الجمهورية أو مجمع فقهي يلبي فضول السائلين في مجال الفتوى. وربما كان الجديد في الموضوع كله هو مسألة الصراع الموجود حول تصدر الفتوى، ورعايتها رسميا، بين المجلس الإسلامي الأعلى وبين وزارة الشؤون الدينية والأوقاف وهو أمر لم يخرج إلى العلن كثيرا في بلادنا لكنه مع وجوده، وفق ما ورد في الحوار على الأقل، فإنه يعتبر مدعاة أكبر من أجل تأسيس مجمع للفتوى تصب فيه كافة أسئلة المستفتين وتبرز معه الكفاءات الحقة وينسى من خلاله الجزائريون "عادة" التوجه نحو الفضائيات العربية من أجل الإجابة على أسئلتهم في مجال القضايا الدينية.