الرئيس أوباما لا يريد أن يوجه ضربة عسكرية إلى النظام في سورية. هو رسم خطوطاً حمراً وتجاهلها مرة بعد مرة، وعندما اشتدت الضغوط عليه بعد استعمال الأسلحة الكيماوية في الغوطة وسقوط مئات الضحايا قال إنه سيضرب، ثم قال إنه سيطلب من الكونغرس الموافقة على الضربة ليشركه في المسؤولية، وقبل التصويت الذي كان مقرراً في مجلس الشيوخ اليوم قرر الرئيس الأميركي إرجاءه والتجاوب مع خطة روسية لوضع السلاح الكيماوي السوري تحت إشراف دولي. معلومات إدارة أوباما عن استخدام النظام السوري أسلحة كيماوية ضد شعبه قاطعة أكيدة ثابتة، كما يقول مسؤولون أميركيون. كنت في سبيل التصديق عندما سمعت عبارة slam dunk، ومعناها الحرفي مأخوذ من كرة السلة، وهي بمعنى "كبْسة" باللهجة اللبنانية عندما يقفز اللاعب فوق السلة ويدخل الكرة في شباكها من فوق. «كبْسة" كانت الصفة التي رددتها إدارة جورج بوش الابن وهي تسعى لحرب على العراق ثبت في وقت لاحق أن مبرراتها زورت عمداً لأسباب نفطية وإسرائيلية فقتل مليون عربي ومسلم، وسُلِّم العراق إلى إيران مستعمرة شيعية بعد أن مضى عهد الاستعمار، ولا يزال القتل مستمراً.,أرجو أن يكون واضحاً تماماً أنني مع تغيير النظام في دمشق، وأؤيد موقف وزراء الخارجية العرب، فلا يقرأ معارض غيور فقرة من هذا المقال ويتجاوز أخرى، غير أن الضربة الأميركية لو نفذت ما كانت ستغير النظام وإنما كانت ستوقع قتلى ودماراً كأن سورية لم تصب بما يكفي. وأرفض إطلاقاً الدور الذي تدعيه الولاياتالمتحدة لنفسها فهي ليست شرطي العالم طالما أن سياستها الخارجية بيد عصابة جريمة تؤيد إسرائيل. وقد رأينا النتائج في العراق وأفغانستان وباكستان، وربما غداً إيران وغيرها. وسبب ثانٍ للمعارضة هو وجود إرهابيين ولاؤهم للقاعدة في صفوف المعارضة المسلحة، وأريد أن تضمن الدول العربية والولاياتالمتحدة أن يحارَب الإرهاب كما يحارَب النظام، وأن لا يكون للإرهابيين من القاعدة أي دور على الإطلاق في سورية الجديدة. ولعل السبب الثالث في معارضتي الضربة المحدودة هو أن أنصارها في الميديا الغربية من المحافظين الجدد ولوبي إسرائيل وكتاب ليكوديين سجلهم القذر ضد العرب والمسلمين محفوظ، وهم لا يكتفون بالتحريض على ضرب سورية وإنما يريدون أن تكمل الولاياتالمتحدة بضرب المنشآت النووية الإيرانية لتُفتح أبواب الشر على المنطقة كلها. أصر على أن إيران قد تهدد جاراتها في الخليج إلا أن من المستحيل أن تهدد أي مصلحة قومية أميركية، فأرفض أن أكون في خندق واحد مع عصابة الحرب والشر ولو عن طريق الصدفة. وأكمل غداً. صحيفة "الحياة"