كشف المترشح الأسبق لرئاسيات 2004 علي بن فليس للصحافة، أمس، على هامش الذكرى الأولى لوفاة المحامي الكبير عمار بن تومي، أنه "لابد أن تكون لي مداخلة أبرز فيها موقفي من الرئاسيات قريبا"، رافضا الكشف عن الرابط السياسي أو الزمني الذي يفرض عليه عدم الادلاء بالموقف حاليا، أما في مداخلته التي ألقاها أمام الحضور، فقد قال إني ليختلج في نفسي، في هذه المرحلة الخاصة من حياة الأمة ثقل المسؤولية التي تلقيها عليّ ذكرى عمار بن تومي". جاء علي بن فليس، أمس، إلى فندق الهيلتون في ثوب "مترشح رسمي" للرئاسيات ولو أنه لم يُعلن ذلك صراحة، فقد التحق بالمناسبة بعد أن شرعت القاعة في إحياء الذكرى الأولى لوفاة المحامي الكبير عمار بن تومي، وقد أحيط علي بن فليس ببروتوكول كبير لم يفقد في كثير من تفاصيله أي شيء من بروتوكول مرشح مهم للرئاسيات المقبلة، حيث رافقه رجال كثيرون من فندق الهيلتون إلى قاعة الأشغال، وما زاد من أهمية حدث نزول بن فليس على المناسبة، هو هروع كافة الإعلاميين بلا استثناء نحوه لافتكاك تصريح منه، فلم يمش علي بن فليس إلا بضع أمتار من الفندق متوجها نحو الخيمة التي تحتضن المناسبة، حتى حاصره حشد كبير من الصحفيين، وأجاب بن فليس على أوّل سؤال طرحته عليه "الجزائر نيوز" ويخص رأيه في القراءات السياسية التي أعطيت لنزوله ضيفا على المناسبة بأنه "ليست هناك أية قراءة أخرى غير القراءة التي أرادها منظمو الذكرى والملتقى، فلا يخفى على أحد منكم أنني كنت نقيبا للمحامين مرتين وعلاقتي بالأستاذ عمار بن تومي رحمه الله، علاقة وطيدة وكبيرة.. لقد تعلمت منه الكثير.. من أخلاقيات المهنة ومن الأسرة القضائية قاطبة.. أما اليوم فنقابة محامي العاصمة مشكورة ومعها الرابطة الدولية للحقوقيين الديمقراطيين واتحاد المحامين العرب، فاللقاء اليوم لذكر مناقب المرحوم، فأنا شاهد على أشياء كثيرة حول هذا الرجل، واحتراما لروح الفقيد وتقديرا للمنظمين لا أريد احتكار هذه المناسبة لأغراض سياسية خاصة بي أو بشيء آخر، أفضل أن نوجه جهودنا جميعا نحو المناسبة". لكنه أفصح تحت إلحاح السؤال حول معرفة موقفه من الرئاسيات القادمة بالقول "بطبيعة الحال أنا رجل وفاعل سياسي لابد أن تكون لي مداخلة في الموضوع لاحقا"، واضطر للرد مرة أخرى بعدما لم يمنح تفصيلا عن توقيت موقفه، اضطر للقول "لنقل أن ذلك سيكون على مدى قريب.. أنا رجل له أخلاق وأخلاقي تفرض علي ألا أخرج عن إطار المناسبة، وإذا تكلمت، أعلم أن مضمون ما سأقوله سينقص من أهمية المناسبة، لذا فأعذروني". واشرأبت الأعناق جميعها ترقب دخول علي بن فليس من الباب الخلفي للقاعة تحت أضواء الكاميرات محاطا بحشد غفير من الصحافيين والمرافقين له، بعد أن سلّم على نجل المرحوم، محمد بن تومي الذي استقبله، وبالرغم من أنه همس لمرافقيه وهو يلج المناسبة، بألا يثيروا جلبة أو فوضى بالتصفيق إلا أنه عندما صار في وسط الحضور بالرواق المؤدي إلى مكانه بالصف الأول، قام جمع من داخل القاعة مصفقا لدخوله. كانت كلمة علي بن فليس آخر المداخلات في الفترة الصباحية لفعاليات الذكرى، إذ استغرقت ساعة كاملة من الإلقاء، تضمنت مقتطفات من الذكريات الشخصية بينه وبين الراحل علي بن فليس، وتذكيرا بإنجازاته كأول وزير عدل في جزائر الاستقلال، أهمها استحداثه أول مرة لختم السيادة للدولة الجزائرية والصيغة التنفيذية للأحكام القضائية باسم الشعب الجزائري ومساواته بقانون لإهانة القاضي والمحامي، إلا أن من أهم ما قاله علي بن فليس في مداخلته هي العبارة التي فهمها الجميع أنها إعلان ضمني للترشح، حيث جاءت في الأسطر الأخيرة من المداخلة، إذ قال "وأجد اليوم أكثر من أي وقت مضى أن مثل سيرة عمار بن تومي، تلهمنا جميعا، وإني ليختلج في نفسي في هذه المرحلة الخاصة من حياة الأمة ثقل المسؤولية التي تلقيها علي ذكراك"، مذكرا قبلها بانتقاد ضمني كان يردده المرحوم بن تومي "كان كفاحنا مستميتا ونضالنا مشتركا من أجل نصرة العدالة وإرساء دعائم القانون وتجسيد مفاهيم دولة الحق، أليس الذي كنت تتحمس بيننا قائلا "عندما يغيب العدل تفقد الدولة شيئا من نبلها وهيبتها". ليتكرر المشهد بعد فراغه من كلمته، حيث حظي بتحيات كبيرة من القاعة سواء من الأجانب أو الجزائريين، رافضا الخوض في السياسة، ثم غادر القاعة بعد أن جيء بسيارته أمام باب من أبواب الخيمة. وعن المناسبة، فقد كان يُنتظر أن يُلقي فيها وزيرا العدل والمجاهدين كلمة في الرجل مثلما جاء في البرنامج، إلا أنهما لم يحضرا، بالإضافة إلى غياب علي هارون المحامي وعضو المجلس الأعلى للدولة الأسبق. وقال نجل الراحل بن تومي، واسمه محمد "إنه لا يهمني الحضور الرسمي بقدر ما يهمني حضور أصدقاء والدي، فقد حضروا من الباكستان والهند والأرجنتين والشيلي وفرنسا وعدد آخر من الدول.. لقد كان يدافع معهم عن حقوق الشعوب". وقد أشرفت على تنظيم الذكرى نقابة محامي الجزائر بمشاركة الرابطة الدولية للحقوقيين الديمقراطيين تحت عنوان "تطورات القانون الدولي"، وقد حضر الندوة أمين عام اتحاد المحامين العرب عمر زين، وقالت في الرجل أيضا السيدة جين ميرار رئيسة الرابطة الدولية للحقوقيين الديمقراطيين ونائبها رولاند وايل بصفته محاميا سابقا ضمن مجموعة محامي جبهة التحرير الوطني الثورية. وقد حصل إجماع بالقاعة على أن عمار بن تومي قدّم كثيرا للجزائر من خلال منصبه كوزير للعدل أو كمحامي، حيث وصفه أمين محامي الاتحاد العربي "بسيف من سيوف العدالة المسلول وأمير من أمراء المنابر والبيان".