لم يلقَ الممثل والنجم والمنتج والمخرج السينمائي كلينت إيستوود Client Eastwood، الاستحسان دائما من النقاد، وكانت وسائل الإعلام والصحافة على حدٍ سواء قد تجاهلت أعماله وقتا طويلا، وتعاملت معها بازدراء وعدّتها في أفضل الأحوال مشكوكا في أمرها، وفي الأسوأ شيء لا يمكن الاعتداد به. بدا أن كلينت إيستوود قد ظهر يحمل علامة أفلام الغرب المدمرة الخاصة بسيرجيو ليوني Sergio Leone، وهو لم يساعد بالتأكيد على إزالة ذلك الانطباع عنه، ويعد دوره الرومنسي المثير للجدل في هاري القذر Dirty Harry مثالا واضحا على ذلك. لكن إيستوود شخصية مثابرة، لم يتوقف قط عن العمل، وفي الواقع، لم يتوقف قط عن إثارة إعجاب الجمهور أو استكشاف مجالات جديدة. ومثل شخصيته في جوسي ويلز الخارج عن القانون The Outlaw Josey Wales، كانت حياته المهنية الطويلة قد شهدت تحولات وانعطافات كثيرة في علاقته بالنقّاد. واليوم، برغم أن أفلامه قد حصدت جوائز عديدة وهو موضع ثناء جَم على عمله الذي امتد خمسا وعشرين سنة على امتداد القارة الأمريكية، لا تزال أفلام إيستوود تواجه خطر إثارة رد فعل سلبي. تحظى أفلامه، المعروفة عالميا الآن، بقبول سريع، ويعد تفوقها بديهيا لا تحتاج معه إلى نقاش مستفيض، ثم إنها "كلاسيكية"، وترتبط بنوع معين من الوضوح والمعنى الصريح والفهم الفوري. لكن على المرء ألا يضع ثقته بسهولة كبيرة في فن المنتج السينمائي، فقد عمل غالبا بجد لإخفاء دوافعه الدفينة والمعاني السرية والدقيقة لأفلامه. وفي الواقع، فإن أفلام إيستوود تغوص في الأعماق، وهو آثاري دؤوب في بحثه عن الكنوز، يحفر دائماً ويحلم باليوم الذي قد يكتشف فيه اللب الخفي للطبيعة البشرية. في عمل دام Blood Work، يلعب إيستوود دور محقق جنائي ينفذ تحقيقات خاصة في مسارح الجريمة، يشاهد شرائط الفيديو مرارا وتكرارا حتى يجد معنى خفيا آخر في نهاية المطاف ويميط اللثام عن السر. بالطريقة نفسها، لا يمكن العثور على حقيقة هذا المنتج السينمائي تحديدا إلا في الأفلام نفسها، لكن بالطبع سيصبح هذا بالمقابل مهمة لا تنتهي أبدا، وخداعا للإدراك الحسي الذي كنا قد حذّرنا منه سلفا: "الرياضة والحقيقة مثل الفن، هي في عين المشاهد، تصدّق ما تريد وأنا سأصدّق ما أعرفه". كتاب " كلينت إيستوود " تأليف: بيرنار بينوا وترجمة: مروان سعد الدين - من منشورات وزارة الثقافة - المؤسسة العامة للسينما بدمشق.