قدم مساء أول أمس الخميس، بقاعة سينماتك الجزائر العاصمة، العرض الشرفي للفيلم الوثائقي "الواد الواد" للمخرج عبد النور زحزاح، وذلك في إطار الطبعة الأولى للمهرجان الثقافي المغاربي للسينما (من ال 3 إلى 8 نوفمبر). في هذا الشريط الوثائقي الذي أنتج في 2013 يقدم مخرج "قاراقوز" فيلمه الروائي الأول الذي توج بعدة جوائز جدارية مفعمة بالألوان الطبيعية الخلابة والأحاسيس الإنسانية العميقة، حيث يصور عبر مسار واد سيدي لكبير; الذي ينبع من أعالي الأطلس البليدي على ارتفاع 1525 متر ويصب في المتوسط بعد أن يلتقي بواد مازافران معاناة ومشاكل الذين يعيشون على ضفافه. تبدأ حكاية الواد التي هي في الواقع حكاية الإنسان وعلاقته بالماء مصدر الحياة بصور خلابة للمنطقة مصحوبة بموسيقى ربانية لخرير المياه التقطتها عين الكاميرا في رحلة على الأقدام بحثا عن سر الحياة وحكايات سكان الواد. ورغم طغيان مآسي السكان أبهرت تلك المناظر الساحرة للواد المتفرج خاصة وأن للواد في الثقافة الشعبية الجزائرية قصص وأساطير ومكانة تكاد تصل إلى حد التقديس. ومن الأمثال الشهيرة حول هذه المياه "ما يبقى فالواد غير حجارو" وإن كانت الطبيعة قد فندت ذلك حيث تعود المياه لمجاريها مهما طال الجفاف. فقد جمع زحزاح في هذا العمل الإبداعي الجديد بين الأضداد والتناقضات كما أضحى من خلال تعاقب الصور في "شبه فوضى" مقصودة سمحت بإعطاء الكلمة لأناس من أفق مختلفة للحديث عن انشغالاتهم وهمومهم المتباينة من حيث الحدة وإن كانت نابعة من واقع اجتماعي متشابه. حمل الفيلم على مدى 86 دقيقة الجمهور الذي حضر العرض يتقدمهم الكثير من المخرجين والفنانين في رحلة جميلة وسط ديكور طبيعي خلاب رغم مسحة من الحزن تجاه الحكايات الإنسانية المؤثرة. ويعود عبد النور زحزاح في هذا الشريط الوثائقي الذي أنتجه وأخرجه وكتبه بمساهمة الفداتيك لتكريم مدينته البليدة، التي كانت ملهمته في أغلب أعماله بداية من عمله الأول "ذاكرة المنفى" وهو شريط عن المناضل والطبيب النفساني فرانتز فانون، الذي كان يشتغل في مستشفى الأمراض العقلية بالبليدة، الذي أصبح يحمل اسمه.