بلغ شغفه بالأشياء حدا يصعب فيه الفصل بين الشخص والموضوع فهو ينغمس في موضوعه ويحارب من أجله وهذا ما يكسب أعماله حرارة إنسانية قل نظيرها، مخرج فنان مبدع خلاق وطموحات نحات مكافح هجر مهنته ليلتحق بركب المخرجين. مخرج سينمائي سوري مثقف ومتعدد المواهب، تشبع بفن النحت على الحجر مند نعومة أظافره على يدي والده الفنان الكبير أنطانيوس، الذي تربعت زخارفه على جدران مساجد وكنائس مدينة حماة ومدن أخرى سورية ولبنانية وفلسطينية وأردنية، وعشق الموسيقى وعزف على الكمان، ومارس الكتابة الصحافية والنقد السينمائي منذ سن الخامسة عشرة، كما احترف الترجمة من الروسية إلى العربية أساسا بعد عودته من الاتحاد السوفياتي (سابقا)، بعد إنهائه لمرحلة التعليم الثانوي اختار الإخراج السينمائي وسافر في بعثة طلابية إلى مدينة كييف الأوكرانية وعوض أن يتابع دراسته الجامعية في الفيزياء والكيمياء بمعهد الطاقة غيّر الاختصاص والتحق بمعهد السينما، الذي تخرج منه سنة 1976 بماجستير في الإخراج السينمائي. الملاحظ أن التجربة الإبداعية السينمائية لريمون بطرس انطلقت قبل تخرجه من معهد كييف وذلك لأنه أخرج وهو طالب بهذا المعهد السينمائي السوفياتي باكورة أفلامه سنة 1974 بعنوان "صهيونية عادية"، وهو فيلم تسجيلي مدته عشرة دقائق حاول من خلاله الكشف عن الحركة الصهيونية في العالم، وبعده جاء فيلم التخرج "نشيد البقاء" عن نهر العاصي بمدينة حماة. وبعودته إلى سوريا انطلقت مسيرته السينمائية بشكل رسمي وأفرزت مجموعة من الأعمال التسجيلية والروائية نذكر منها بالخصوص الأفلام التالية: فيلم وثائقي بعنوان "الشاهد" سنة 1986 و«المؤامرة المستمرة "، والأفلام الروائية الطويلة "الطحالب" سنة 1991 و«الترحال" سنة 1996 و«حسيبة" سنة 2008، بالإضافة إلى أفلام وثائقية قصيرة منها "ملامح دمشقية". كل هذه الأفلام تعكس جوانب عدة من حياة الناس بالمدن السورية كحماة ودمشق، كما تعكس جوانب من تاريخ وحضارة الشام وبعضها يقدم رؤية لواقع العرب المتخلف وما يزخر به من تناقضات وظواهر مرضية. إنها أفلام تهتم بالتفاصيل الحياتية وتترجم أحاسيس مبدعها ومشاعره وهو يتفاعل مع ما يحيط به من أحداث، بأسلوب فني جميل يظهر تمكن ريمون بطرس من أدوات التعبير السينمائي ويعكس اطلاعه الواسع على ثقافة وهموم عصره. فتحية لهذا المبدع السينمائي العربي والكوني الكبير.