هذه قصة نجم كروي بوزن اللاعب الدولي الفرنسي تيري هنري الذي وصل خلال مسيرته الكروية إلى القمة على الصعيد العالمي لكنه سقط تدريجياً إلى الحضيض وبشكل محزن. ينتمي والداه إلى جزيرتي غوادلوب والمارتينيك المستعمرتين الفرنسيتين الواقعتين في البحر الكاريبي. ولد تيري في باريس يوم 17 سبتمبر 1977، بدأ ممارسة لعب كرة القدم في سن مبكرة وفي صباه انضم لنادي أوليس وفي سن 12 سنة انتقل لنادي باليسو، وبعدها بسنة لنادي فيري شتيو. وخلال لعبه مع فريق هذا النادي سجل له في مباراة واحدة 6 أهداف فأبهر أرنود كتالونا أحد كشافي نادي موناكو. وعلى إثر ذلك وبناء على توصية من أرسين فينغر مدرب موناكو آنذاك أُدخل تيري في مركز تكوين اللاعبين المعروف في فرنسا ليذهب بعدها إلى نادي فيرساي ويفتتح في عام 1992 مشاركته مع المنتخبات الفرنسية العمرية باللعب مع المنتخب لما دون 15 عاماً وسجل له ثلاثة أهداف في أربعة لقاءات لعبها. في عام 1993 انضم هنري الى صفوف نادي موناكو من دون أن يخضع إلى تجارب فنية بسبب انبهار المدربين الفنيين وقتها به. وفي الفترة من 1993 إلى 1995 سجل أربعة أهداف في ثمانية لقاءات لعبها مع منتخب ما دون 16 عاماً، وعشرة أهداف في أحد عشر لقاءً مع منتخب ما دون 17 عاماً. في عام 1994 بلغ 17 عاماً ولج عالم الاحتراف عندما وقع على عقد احترافي مع فريق موناكو ولعب أول مباراة معه ضد فريق نيس. وبتاريخ 29 أفريل 1995 استطاع تسجيل أول هدفين له مع كبار موناكو في مباراة في الدوري الفرنسي ضد فريق لانس التي انتهت بنتيجة 6/0 لفريقه. وفي موسم 1995/1996 لعب لأول مرة في بطولة قارية مع موناكو عندما أدخله فينغر في الدقائق الأخيرة من اللقاء وكان مع نادي ليدز يونايتد الإنكليزي ضمن بطولة كأس الاتحاد الأوروبي. وبتسجيله ستة أهداف في 13 لقاءً مع منتخب فرنسا لما دون 18 سنة وخمسة أهداف في تسعة لقاءات لمنتخب ما دون 19 سنة، استطاع مع هذا الأخير الفوز بكأس أمم أوروبا في عام 1996 التي أقيمت في فرنسا ولوكسمبورغ مع رفاق جيله أمثال وليم غلاس، دافيد تريزيغي ونيكولا أنيلكا. وفي مباراة الفوز تلك ضد إسبانيا سجل تيري هدف المباراة الوحيد من خلال لمسة من ركبته لتتأهل فرنسا إلى كأس العالم للشباب عام 1997 التي أقيمت في ماليزيا، وسجل وقتها ثلاثة أهداف. ومع تألقه بشكل لافت ضمه مدرب المنتخب الفرنسي الأول أيامها إيمي جاكي عام 1997 إلى صفوفه برغم سنه الصغير إذ لم يتجاوز العشرين عاماً بعد، وكان ذلك في سياق بناء فريق جديد للكرة الفرنسية، وقد شارك مع أبناء جيله في بطولة كأس العالم عام 1998 المقامة في فرنسا وتمكن وقتها من تسجيل ثلاثة أهداف في البطولة بمرمى جنوب إفريقيا والسعودية، وتوج حينها المنتخب الفرنسي بأول لقب عالمي لفرنسا حين فازت في المباراة الختامية على البرازيل 3/0 من خلال هدفين سجلهما زين الدين زيدان وهدف واحد من إيمانويل بوتي. وفي خضم ارتفاع أسهم تيري بعد مونديال فرنسا 1998 حينما اعتبر أكثر لاعب يسجل أهدافاً في البطولة، أصبح مطلوبا من قبل أندية كبيرة في قارة أوروبا، لذا غادر موناكو عام 1999 بعد أن لعب له طوال خمس سنوات 141 مباراة سجل خلالها 28 هدفاً، إلى نادي جوفنتوس الإيطالي وسجل ثلاثة أهداف فقط في 20 لقاءً، غير أنه لم يتأقلم معه بسبب خلافاته مع مديره العام، لذا فقد رحل إلى نادي الآرسنال الإنكليزي في شهر جويلية 1999. وفي النادي اللندني عاش تيري أجمل أيامه في الملاعب الكروية خلال الفترة التي امتدت ما بين عام 1999 إلى عام 2007. وبعد الخروج المخيب من الدور الأول لفرنسا من كأس العالم عام 2002 في كوريا الجنوبية واليابان، عوض تيري هذا الإخفاق مع الآرسنال بالفوز بكأس إنجلترا وإنهائه ثاني هداف للدوري الإنجليزي بواقع 24 هدفاً، ليتم اختياره كأفضل لاعب فرنسي، وأفضل لاعب في المسابقات الإنجليزية وثاني أفضل لاعب في العالم بعد مواطنه زيدان. وفي بطولة كأس القارات عام 2003 في فرنسا قاد تيري منتخب بلاده للاحتفاظ بلقب القارات الذي فاز به عام 2001 وفيها توج هدافاً بأربعة أهداف واختير أيضاً أفضل لاعب في البطولة. وفي موسم 2003/2004 صار للمرة الثانية هدافاً للدوري الإنكليزي بتسجيله 30 هدفاً ليحصد الألقاب الشخصية كأفضل لاعب في إنكلترا، أفضل لاعب فرنسي، الحصول على جائزة الحذاء الذهبي الأوروبي لأفضل هداف في الدوريات الأوروبية. وفي 25 جوان 2007 انتقل تيري رسميا لنادي برشلونة الإسباني، وعلى الرغم من فوز الفريق بالعديد من الألقاب طوال ثلاثة مواسم وصلت إلى سبعة ومن بينها لقبان للدوري ولقب واحد بكأس ملك إسبانيا، وكأس السوبر الإسباني، ودوري أبطال أوروبا، كأس السوبر الأوروبي وكأس العالم للأندية إلا أنه تحول شيئاً فشيئاً من لاعب أساسي إلى لاعب احتياطي لايشارك إلا في فترات قليلة وما بين فترة وأخرى. لكن في فرنسا تيري تعرض لسيل من الإهانات والتجريح الشخصي برغم أنه أكثر لاعب سجل أهدافاً في تاريخ المنتخب الفرنسي بلغت 51 هدفاً، وقد بدأ مسيرته الكروية بالقمة لكنه ختمها بطريقة محزنة، لكن إذا حاول أحد نسيانه فإن التاريخ بكل تأكيد لا يمكنه أن ينساه على الإطلاق.