شهد التاريخ البشري قصص نجاحات تلهم كثيرين، ولعل أكثر هذه القصص تأثيرا تلك التي تتعلق بأشخاص عانوا من صعوبات لكنهم تحدوها ووقفوا أمام كل المعوقات التي واجهوها، لأنهم يؤمنون بأنهم يستطيعون تحقيق أفضل الإنجازات، وهذا ما أثبتته قصص لبعض هؤلاء الأشخاص الذين تركوا أثرا كبيرا على الحياة رغم إعاقاتهم المختلفة. تحدت الإعاقة وحصلت على 6 ذهبيات في أولمبياد 2004، و5 ذهبيات في أولمبياد 2008، بالإضافة إلى عدد آخر من الميداليات الذهبية في دورات الكومنولث، ودائماً ما تخوض المنافسات بعقل وقلب الباحث عن الفوز دون تذكر الإعاقة، وفي أحواض السباحة تنسى إعاقتها، وتشعر أنها أكثر تمسكاً بالحياة. ناتالي دو توا من مواليد 29 يناير 1984 بمدينة كيب تاون في جنوب إفريقيا، وتعرضت لحادث أدى إلى بتر ساقها اليسرى، ولكنها لم تستسلم للإعاقة وقررت العودة إلى ممارسة اللعبة التي عشقتها بعد 3 أشهر فقط من تعرضها لهذا الحادث المأساوي، ودخلت ناتالي دو توا التاريخ من أوسع أبوابه في أولمبياد بكين 2008 عندما أصبحت أول معاقة في التاريخ تتأهل لأولمبياد الأسوياء وتحل في المركز السادس عشر في منافسات السباحة المفتوحة لمسافة 10 كيلو مترات، مما جعلها واحدة من أصل لاعبتين فقط استطاعتا المنافسة في الألعاب الأولمبية للأسوياء ومتحديي الإعاقة، وكانت الورقة الرابحة في أولمبياد متحديي الإعاقة لجنوب إفريقيا إثر فوزها بخمس ميداليات ذهبية. وحافظت اللاعبة خلال عام 2009 على أدائها الرفيع وواصلت السيطرة على سباقات الأسوياء ومتحديي الإعاقة في جنوب إفريقيا، كما تمكنت من التفوق على هدفها الشخصي في السباحة، حينما نجحت في السباحة لمسافة 10 كيلو مترات في منافسات سباحة السيدات التي ينظمها الاتحاد الدولي للسباحة في أقل من ساعة و57 دقيقة في دبي. وفي ديسمبر الماضي حصلت على وسام "إيكامانجا جولد" من الرئيس الجنوب إفريقي زوما، وهو أرفع تكريم يمكن أن يناله أي رياضي في جنوب إفريقيا. كما شاركت ناتالي في المنافسات العالمية للسباحة وهي ابنة 14 عاماً، وفي فبراير 2001 بُترت ساقها اليسرى من الركبة بعد أن صدمتها سيارة أثناء عودتها من تدريب السباحة إلى المدرسة على دراجة أحادية (سكوتر). وبعد ثلاثة أشهر من الحادث، وقبل عودتها للسير مجددًا، عادت إلى حمام السباحة بهدف المنافسة في ألعاب الكومنولث، وهي الرغبة التي تحققت لها فعليا. وسبحت ناتالي بدون طرف صناعي، وواصلت مسيرتها من التميز والتفوق في أوساط السباحات وهي تعاني من الإعاقة، ففازت بالعديد من المنافسات وحققت أرقاما قياسية جديدة لجنوب إفريقيا. فعلى سبيل المثال، تسبح ناتالي مسافة 400 متر حرة في زمن قياسي يفصلها فيه 17 ثانية عن أقرب منافسيها. وقد سبق ترشيح ناتالي لجائزة لوريوس العالمية أكثر من مرة، كما تحمل حاليا صفة عضو في برنامج "أصدقاء لوريوس وسفرائها حول العالم". بعد حصولها على جائزة لوريوس لأفضل رياضي في العالم يتحدى الإعاقة، أكدت السباحة الجنوب إفريقية ناتالي دو توا، أن حلمها تحقق أخيراً بالحصول على الجائزة بعد 3 سنوات متتالية كانت خلالها ضمن قوائم الترشيحات للوقوف على منصات التتويج إلى جوار نجوم الرياضة بمختلف فئاتهم. وقالت ناتالي إن الزعيم الجنوب إفريقي الراحل نيلسون مانديلا هو مصدر الإلهام بالنسبة لها وللعديد من الرياضيين حول العالم، خاصة أنه أحد الوجوه البارزة التي قامت بدعم جائزة لوريوس، وكانت له كلمة تاريخية أفصح خلالها عن قناعته الكبيرة بالدور المؤثر الرياضة، حينما قال إن تغيير العالم إلى الأفضل يمكن أن يتحقق بفضل قوة الرياضة، وأضافت السباحة الجنوب إفريقية إنها تستمتع بدورها كسفيرة لجائزة لوريوس في بلادها، وتساهم في الأعمال الإنسانية، والمبادرات الخيرية التي تتبناها أكاديمية لوريوس، وقد ساهمت ناتالي في حملات لعلاج أمراض السرطان والإيدز، ومكافحة الفقر.