شهد التاريخ البشري قصص نجاحات تلهم كثيرين، ولعل أكثر هذه القصص تأثيرا تلك التي تتعلق بأشخاص عانوا من صعوبات لكنهم تحدوها ووقفوا أمام كل المعوقات التي واجهوها، لأنهم يؤمنون بأنهم يستطيعون تحقيق أفضل الإنجازات، وهذا ما أثبتته قصص لبعض هؤلاء الأشخاص الذين تركوا أثرا كبيرا على الحياة رغم إعاقاتهم المختلفة. كان شابا طبيعيا يملؤه الحماس والنشاط، تعرض لحادث، فدخل في رحلة علاج استمرت أكثر من9 سنوات، انتهت بشلل رباعي تام من أعلى الرقبة إلى آخر أطراف القدمين، وفقد للإحساس من أعلى الكتف إلى أطراف الرجلين.. ورغم كل ذلك حصل على شهادات علمية من جامعات أمريكية عن طريق بصمة الصوت.. إنه الشاب صانع التحدي الكبير إيمانويل غالي. يقول إيمانويل غالي الشهير ب مانو: ولدت في ماي عام1984، والدي يعمل في إحدي شركات البترول، ووالدتي طبيبة، وأنا ابنهما الوحيد، وكانت عنايتهما بي فائقة للغاية منذ الصغر وحتى الآن، وفي مساء يوم الجمعة21 نوفمبر2003 تعرضت لحادث بسيارتي الخاصة بالقرب من منطقة المقطم، وكان معي صديق لي، حيث انقلبت بي السيارة، فطبق السقف علي أنا فقط ولم يصب صديقي بأي شيء، ولأنني كنت رابط حزام الأمان لم يستطع المسعفون إخراجي، وأعتقد أن أحدهم قام بجذب رأسي بقوة ليخرجني من السيارة فقطع النخاع الشوكي، ونقلت إلى المستشفى، وكان التقرير شلل رباعي تام من أعلى الرقبة إلى آخر أطراف الأقدام، وذلك نتيجة تهتك في النخاع الشوكي وكسر في الفقرات العنقية(C.4C5)، وفقد للإحساس التام من أعلى الكتف إلى أطراف الرجلين، ومكثت في الرعاية المركزة على تنفس صناعي 4 أشهر، وقاموا بتركيب شق بلاستيك في حنجرتي لتسهيل عملية التنفس، وظللت عاما وثلاثة أشهر بدون كلام. ويكمل مانو قصته: سافرت إلى ألمانيا فورا للعلاج، ومكثت 5 أشهر أجريت خلالها 7 عمليات جراحية مختلفة، وأثناء وجودي بالمستشفى قاموا بتغيير الشق الحنجري البلاستيكي إلى شق معدني كي أستطيع الكلام، وبعدها زارني في المستشفى طبيب ألماني، وعندما شاهدني قال لي أنت المفروض ميت الآن ولكن رعاية والدتك لك ستجعلك تعيش 4 أسابيع فقط.. ويسترسل مانو: بعد عودتي إلى المنزل كنت أمام أمرين لا ثالث لهما، إما الاستسلام للموت، أو البحث عن أهم الإمكانات الخفية في جسمي واستخدامها وتوظيفها لأعيش حياة أفضل، فهداني ربي إلى شراء جهاز حاسب لاب توب ليناسب حالتي حيث لا يتحرك أي جزء في جسمي كله، وقمت بعد ذلك بشراء برنامج صوتي لكي أتعامل من خلاله مع الكمبيوتر، (DragonNaturallySpeaking) يستطيع هذا البرنامج تحريك الفأرة ببصمة الصوت، وظللت 3 أشهر كاملة لكي أقوم بتدريب البرنامج على بصمة صوتي، والحمد لله تمكنت من ذلك، والآن عند تعاملي مع الحاسب لا أحتاج من أي شخص غير تشغيل الجهاز ووضع النظارة على عيني، وبعدها أقوم أنا بتشغيل البرنامج والتعامل مع جميع برامج الحاسب وشبكة الإنترنت والرد على التليفون ومحادثة الأصدقاء. ويستمر مانو في كلامه قائلا: عندما بدأ تعاملي مع الحاسب يصل لمرحلة الاحترافية، قمت بالاتصال بالجامعة الأمريكية، وعرضت عليهم الرجوع لتكملة تعليمي، فقالوا لي مستحيل فإن ظروفك الصحية لا تسمح بذلك نهائيا، ولكن يمكنك الاستمرار في التعليم من خلال البوابة الإلكترونية للجامعة، وتحصل منها على شهادات عن بعد، فقمت بالتواصل مع البوابة الإلكترونية، وأخبروني بأن الدراسة بها لمثل حالتي تكون في تخصصات نظرية فقط، ولا مجال لدراسة الهندسة بها، فاخترت دراسة إدارة الأعمال، وحصلت على ديبلوم عن طريق بصمة الصوت بعد4 أشهر فقط، ولكن هذه الشهادة لم ترو ظمأي العلمي، فأخذت أبحث عن مجالات تعليم أخرى عبر الإنترنت، حتى توصلت إلي جامعة فينيكس في ولاية أريزونا الأمريكية، وقمت بتحويل ملفي بالكامل من الجامعة الأمريكية بالقاهرة إلى هذه الجامعة، والتحقت بشهادة إدارة الأعمال، وظللت أدرس فيها من2006 حتى2008 عن طريق شبكة الإنترنت، وكانت المحاضرات تبدأ من الساعة4 فجرا نظرا لاختلاف التوقيت بيننا وبين أمريكا، مما كان يستلزم مني الاستيقاظ في هذا التوقيت، وكانت جميع الكتب والبحوث والامتحانات عبر الإنترنت بصيغة pdf وحصلت منها على شهادة في إدارة الأعمال بامتياز عن طريق بصمة الصوت، وبدءا من عام 2008 وحتى الآن أعمل مترجما من العربية إلى الإنجليزية في إحدي القنوات الفضائية، وأمارس عملي عن طريق البريد الإلكتروني، حيث ترسل لي المادة وأقوم بترجمتها عن طريق بصمة الصوت ثم أرسلها عبر البريد الإلكتروني بنفس الطريقة، وفي عام2009 وجدت لدي وقت فراغ فالتحقت بجامعة فينيكس مرة أخري لدراسة ليسانس العلوم في مجال الإدارة، وأقوم بالدراسة عن طريق بصمة الصوت مثل سابقتها. ويكمل مانو: أخرج من المنزل قليلا جدا، مستخدما الكرسي المتحرك المجهز طبيا، وأحضر اجتماعات شباب كثيرة أتحدث فيها عن كيفية تفعيل الإرادة لدى كل منا، وعن قوة التحدي الكامنة في أعماق كل إنسان، وأخبرهم عن تجربتي وكيف انتصرت على اليأس والإحباط القاتلين، وأحث الشباب السليم قبل المعاق على عدم الاستسلام لأي إعاقة تواجهنا في الحياة.