مهما يقال عن عمار سعيداني أمين عام الأفلان، ومهما نعتوه ووصفوه، سيُسجل التاريخ أنه الرجل الأول الذي يدخل في معركة مفتوحة ومباشرة مع "أعتى" مؤسسة في تاريخ الجزائر على الأقل لعشرين سنة الماضية. لكن هل عمار سعيداني أهل لقيادة معركة الدولة المدنية وهل هو في مستواها النضالي؟ يؤكد كثير من الأفلانيين أن عمار سعيداني وفريقه يعملان منذ فترة قصيرة على الترويج لوقوف نائب وزير الدفاع وقائد الأركان القايد صالح، وراءه، ويقرأ زملاء سعداني المعارضون باللجنة المركزية في هذه الممارسات بأنها "أسلوب تخويف" لهم لكي لا يعارضوه. كما سجل أفلانيون أيضا في الآونة الأخيرة على حد تعبير البعض أن التهجم و الخطاب العدائي لعمار سعيداني تجاه المخابرات جاء دائما منسجما مع قرارات مهمة اتخذتها وزارة الدفاع الوطني، "فقد صاحبت التغييرات التي أجراها وزير الدفاع عبد العزيز بوتفليقة على مؤسسة الجيش ومنها دائرة الاستعلام والأمن، هجوما شديدا تارة ومبررات تارة أخرى، يحاول بها أفلان عمار سعيداني تهيئة الرأي العام لها، كي تبدو عادية"، يوضح عضو لجنة مركزية. وليس ببعيد عن أول أمس، لم يمر على تصريح عمار سيعداني في ندوته الصحفية 48 ساعة بعد تأكيده رفعه لشعار الدولة المدنية بشكل لم يسبق للأفلان وأن رفعه به، حتى سقطت قرارات أخرى من وزارة الدفاع مضمونها إحالة 47 ضابطا ساميا على التقاعد كما تفيد معلومات "الجزائر نيوز" أبرزهم، قيادات كانت تابعة لدائرة الاستعلام والأمن. ويضع أفلانيون معارضون لعمار سعيداني تهجمه على المخابرات ومطالبته بالدولة المدنية، ضمن استراتيجية مملاة عليه "كما كانت تُملى علينا نصوص القراء في المرحلة الابتدائية"، مثلما يشبه أحدهم سعيداني، ومبرر أحد محدثينا أن "سعيداني رفع شعارا أكبر منه لسببين، الأول أن لم يسبق له أن ورد في خطابه الذي أعقب تنصيبه على رأس الجبهة أي برنامج أو إيحاء أو هدف يحيل على أن سعيداني صاحب مشروع من هذا النوع ولا عُرف عنه ذلك، فالدولة المدنية التي يوظفها الرجل في كل مرة تأتي في إطار رواج أنباء تذكي وجود صراع أجنحة بين المخابرات والرئاسة برعاية قيادة الأركان وبالتالي يكون عمار سعيداني قد اختصر المفهوم النبيل للدولة المدنية التي لا يرفضها أحد، إلى عود يعمي الآخر في إطار الصراع". وأردف محدثنا "أما العلة الثانية فعمار سعيداني المسكين لا يفقه حتى مفهوم الدولة المدنية ولو كان يفقهها لما قبل بأن يكون الشخص الذي يدافع عن إقامتها بينما هو يعلم علم اليقين بأن شبهة الفساد لصيقة به وما تزال، وأن أول من ستلتهمه الدولة المدنية في حال قيامها سيكون هو شخصيا لما اقترفه في حق السياسة والاقتصاد، إذ تتطلب هذه الدولة التي يدعو لها ألا يكون هو ومن شابهه يمارسون السياسة". الكثير يحسدون سعيداني حاليا على أنه أول رجل سياسي في تاريخ الجزائر يفتح النار باسم حزب كبير على نظرية "الكل أمني"، لكن لا يحسدونه بالتأكيد على الوضع الذي قد يكون فيه في حال فشل مشروع قيام الدولة المدنية. لذلك يرى خصوم سعيداني أنهم كانوا سيصطفون وراءه، وداعمين له كرجل واحد "لو لم يكن مشبوها بالفساد وتوظيف الدولة المدنية في إطار صراع معلن لأغراض انتخابية وأخرى ضيقة". وتُشير مصادر "الجزائر نيوز" أن عمار سعيداني "بدأ يتناقض مع ما يدعو إليه بجعل قيادات كانت محسوبة عليه، في عين الإعصار بعدما تناهى إلى مسامعه أن بعضا منهم التفوا حول بلخادم مرحبين به السبت الماضي لدى دخوله القاعة". وذكر المصدر "أن محافظين من ولايات شرقية منها الطارف والنائب البرلماني خاوة هم أول المعنيين بغضب سعيداني الذي يعوّل على استبعادهم من محيطه".