بعد الإعلان عن الزيادة في أجور نحو 70 بالمائة من العمال الجزائريين بنسبة 25 بالمائة في الأجر الأدنى المضمون، خلال الطبعة الثالثة عشر للثلاثية، قررت الحكومة من جهة أخرى بنفس المناسبة، مراجعة قانون التجارة بهدف تعزيز دور الدولة في ضبط ومراقبة الأسواق والحفاظ على القدرة الشرائية، ''ولو كره الليبيراليون''، حيث كشف الوزير الأول بأن قرارا كهذا يدرك جيدا بأنه سيفتح عليه جبهة انتقادات واسعة من قبل أصحاب المال، كما قررت الثلاثية اجتماعا في نهاية كل ثلاثي، بين كافة أطرافها، لمتابعة أشغال العديد من الورشات، ومنها الإعداد لمشروع تعديل القانون المنظم للتعاضديات الاجتماعية· تناولت الثلاثية ست نقاط في جدول أعمالها، وهي التطورات الاقتصادية الأخيرة، التقاعد قبل سن الستين، ملف المنح العائلية، التعاضديات الاجتماعية تقييم العقد الوطني الاقتصادي والاجتماعي والقدرة الشرائية كنقطة فرضت نفسها في آخر لحظة· ومن أهم ما خرجت به الثلاثية، ستضخ الدولة لكل عامل جزائري، يعادل أجره الأدنى المضمون 12 ألف دينار في القطاع العمومي والأسلاك الاقتصادية التابعة له، 3 آلاف دينار جزائري ابتداء من جانفي الجاري· وتمس هذه الزيادة بقرار من الثلاثية الجديدة المنتهية أشغالها نهاية الأسبوع الماضي، مليون و300ألف عامل جزائري ومتقاعد، أي ما نسبته 70 بالمائة من إجمالي اليد العاملة الجزائرية في القطاع العمومي· في النقطة الاولى أكدت الحكومة أنه رغم آثار الأزمة الإقتصادية، فإن نسبة النمو خارج المحروقات ستعادل 9 بالمائة بالنسبة لهذه السنة، كما سيتم الشروع السنة المقبلة في ترتيبات هامة لتأهيل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وتقرر على هذا الصعيد تنظيم اجتماع تشاوري بين الحكومة والشركاء الإقتصاديين والشريك الإجتماعي كل ثلاثي، سيتوسع إلى لجنة مشتركة يرأسها ممثل عن مصالح الوزير الأول تضطلع بالبحث عن إجراء تنظيمي لتسهيل لجوء المؤسسات المنتجة إلى القرض المستندي· أما عن التقاعد، فقد قررت الحكومة التخلي عن العمل بالأمر المؤرخ في ماي 97 الذي يسمح بالتقاعد المسبق، إذ ترى الحكومة أن أسباب العمل بهذا النظام المهني قد زالت، وأنه لا تقاعد مسبق قبل الستين سنة، وهو ما وافق عليه جميع أطراف الثلاثية، حيث شكل فوج عمل تحت رئاسة الوزارة المكلفة بالشؤون الاجتماعية للإعداد لمشروع نص يلغي به الترتيب الأول· وفيما يخص المنح العائلية، فقد قررت الثلاثية وضع جدول زمني لتجسيد توصيات الدورة الحادية عشر من الثلاثية التي تبنت المعايير الدولية في دفع المنح العائلية من قبل الهيئات المستخدمة، حيث أصبح يترتب على الخزينة العمومية أموالا طائلة جراء النظام القديم، حيث سيقدم فوج العمل المخصص لهذا الغرض نتائج أشغاله في السنة المقبلة دون تحديد تاريخ لذلك· وبخصوص التعاضديات الاجتماعية، كشف الوزير الأول بأن الحكومة لم تأت إلى الثلاثية بنية سحب تسييرها من قبل الشريك الإجتماعي ''وإنما سجلت أن العمال لا يستفيدون كما ينبغي من هذه الآلية المهنية الاجتماعية، وهو ما يتطلب إعادة تكييف منظومتها بما يتناسب وتطور سوق العمل الاجتماعية''· ولذلك قررت الثلاثية أيضا على هذا المستوى تكليف فوج قالت بأنه سيتعمق في دراسة هذا الملف لتكييف دور التعاضديات الاجتماعية مع الإصلاحات في الضمان الاجتماعي، حيث شكلت ورشة عمل تعد لمشروع تعديل القانون المنظم للتعاضديات· أما عن تقييم العقد الاقتصادي والاجتماعي والقدرة الشرائية، فقد حرصت الحكومة على التأكيد بأنها بقيت ملتزمة به إلى اليوم، من خلال تعديل العديد من القوانين وضخ حجم أموال في شتى القطاعات· قنبلة في وجه الليبيراليين لقد فجر الوزير الأول، أحمد أويحيى، قنبلة حقيقية في وجه العصب المالية ذات التوجه الليبيرالي من كبار رجال المال والأعمال الجزائريين التي تتصل مصالحهم وعلاقاتهم بالخارج، والذين أبدت الكثير من الدوائر المرتبطة بهؤلاء، خاصة على المستوى الخارجي، امتعاضا وتحفظات عديدة بسبب ما جاء من قرارات في قانون المالية التكميلي الذي عززت فيه الدولة تواجدها عن طريق هوامش الربح وتعزيز مواردها الجبائية من نشاط المؤسسات الأجنبية والشركاء الإقتصاديين بما يضمن مداخيل للخزينة العمومية ويحافظ على مستوى التنمية الاقتصادية· بعد كل ذلك، أعلن أحمد أويحيى، بأن الدولة ستعكف على مراجعة قانون التجارة، وذلك بلهجة شديدة للغاية تجاه من قال ''بأننا ننتظر ردود أفعالهم خاصة من الليبيراليين''، وهو ما يعني أن تصريحات الوزير جعبوب بأن دور وزارته تنظيمي وليس شيئا آخر، قد قرر تقويمها نحو دور رقابي وردعي أيضا من خلال قرار الثلاثية ''مراجعة قانون التجارة ابتداء من السنة المقبلة قصد الحد من عمليات البيع دون فاتورة، ورد الاعتبار للرقابة القانونية للأسعار، ولاسيما هوامش الربح المطبقة على إعادة البيع''·