ببيان الثلاثي بن يلس وطالب وعبد النور، تدخل الجماعة المحسوبة سابقا على تيار سانت ايجيديو معركة الرئاسيات.. هل نحن على أبواب حلقة أخرى من الصراع لم تسهم تصريحات عمار سعيداني ضد الجنرال توفيق وجهاز الاستعلامات إلا في تسريع مجريات الأمور على الساحة السياسية التي كانت تبدو من خلال فاعليها السياسيين وشخصياتها الوطنية مفضلة "الصمت والترقب" وأن آخرها عودة الضابط السابق هشام عبود إلى الواجهة من خلال الرسالة التي نشرها الموقع الإلكتروني "كل شيء عن الجزائر" لكن والأهم من ذلك، هو خروج المحسوبين على تيار سانت ايجيديو، المناضل الحقوقي علي يحيى عبد النور، والجنرال المتقاعد رشيد بن يلس ووزير الخارجية الأسبق الدكتور أحمد طالب الإبراهيمي وذلك من خلال بيان مشترك قدموا عبره نظراتهم النقدية لحصيلة بوتفليقة التي لم تساعد الجزائر بحسبهم على تحقيق الوثبة الإقتصادية المرجوة في ظل البحبوبة الناجمة عن الوفرة التي حققها صعود برميل البترول، وكذلك ما نشأ من فساد وإلحاق الأذى بالإقتصاد الوطني والحياة الاجتماعية التي خربها انتشار المخدرات في أوساط الشباب المهربة من المغرب، في حين بقت الجزائر مشلولة وعاطلة أمام هذا الخطر الكبير، والتلاعب بالدستور عندما تم تعديل حسب مقاس رغبة الرئيس بوتفليقة في البقاء والاستمرار في السلطة وهذا ما أدى إلى وضع سيء، يسعى في ظله اليوم محيط الرئيس الإنتقال إلى عهدة رابعة. ويشير هؤلاء الموقعون ضمنيا وقوفهم إلى جنب جهاز الاستعلامات بسبب التصريحات اللامسؤولة " التي أدلى بها مؤخرا الرجل الأول في الأفالان".. ويعتبر هذا الخروج اللافت للثلاثي طالب وبن يلس وعبد النور، إشارة إلى أن التوجه الجديد المرتقب في معارضة أنصار العهدة الرابعة وبالتالي بوتفليقة قد بدأ يأخذ شكلا واضحا وفي الوقت ذاته ممهدا لتحالفات جديدة قد تلقي بظلالها على راهن تطور الوضع الذي دخل في غموض منذ فترة طويلة، وهذا الشكل لا يمكن النظر إليه من خارج التشكل الجديد والمتنامي لميزان القوة الجديدة الذي لم يحسم بشكل دقيق إلى غاية الآن، وما هذا التسارع في اتخاذ المواقف إلا دليل على أن المنخرطين في هذا الصراع قد دخلوا في سباق بعد طول انتظار وترقب، ضد الساعة.. ومما يعرف عن الثلاثي عبد النور وبن يلس وطالب الإبراهيمي، أنهم كانوا معارضين منذ عهدته الأولى الرئيس بوتفليقة، وسبق أن أخذوا على المخابرات تحالفها مع بوتفليقة طيلة العهدات الثلاث المنصرمة، بحيث خرج الإبراهيمي من السباق في رئاسيات 1999 احتجاجا على التزوير المسبق الذي شاركت فيه استعلامات توفيق، وكذلك الأمر بالنسبة للجنرال المتقاعد رشيد بن يلس الذي اتهم السلطة بالتضييق عليه عندما قرر دخول رئاسيات 2004 ضد الرئيس المترشح عبد العزيز بوتفليقة، كما أن الثلاثي كان قد عارض ايقاف المسار الإنتخابي في العام 1992، وانخرط في معسكر الموالين لتيار سانت ايجيديو الذي كان يطالب بالمصالحة الوطنية التاريخية وبعدم إقصاء جبهة الإنقاذ من اللعبة السياسية. ويبدو أن هذا الثلاثي من خلال بيانه، أنه فضل التحالف مع الاستعلامات التي طالما كانت في نظره عقبة أمام الإنتقال الديمقراطي مادامت أصبحت على الأقل ميديائيا في حل من ما يريد الذهاب إليه أنصار العهدة الرابعة.. وهذا ما يؤدي بدوره إلى سؤال ملح، هل بدأ العد العكسي ضد أنصار العهدة الرابعة أم أن الأمور ما هي إلا في بدايتها لصراع لا نعرف بالضبط أي مجرى سيتخذه..؟! ربما يبدو الأمر مبكرا للتعرف على ما سيؤول إليه الوضع بعد خروج المحسوبين على سانت ايجيديو سابقا عن صمتهم، إلا أن ذلك على كل حال يعد مؤشر جديد في مسار المشهد السياسي الراهن الذي كان يتصف بالجمود والتردد... وينتظر البعض مناورات وردود فعل من قبل أنصار العهدة الرابعة الذين سيجدون أنفسهم في وضعية تتطلب منهم مقاومة شرسة، وربما إلقاء أوراق أخرى قد تجعل من لعبة الصراع الحالي، لعبة معقدة ومثيرة للأعصاب... كما ينتظر انعكاساتها على مستوى المجتمع الذي مازال في موقع المتفرج...