كان متوقعا أن يترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة للانتخابات الرئاسية المقبلة ومواصلة العهدة الرابعة، ربما لو لم يترشح لصنع المفاجأة، لأن كل المؤشرات والدلائل كانت توحي بترشحه، خاصة ما تعلق منها بتقديم حصيلة عهداته الرئاسية منذ سنة 1999 إلى غاية يومنا هذا، كما لاحظنا منذ مدة طويلة أن كل أجهزة الإعلام خاصة العمومية منها تبرز إنجازاته. لو نقرأ بتمعن التعليمة الرئاسية سنجد بأن مضمونها لايخرج عن نطاق القانون العضوي المتعلق بالانتخابات رقم 12/01 وهي عبارة عن تحرير لمواده، ولم يتضمن نص التعليمة أي قضية خارجة عن مواده وإنما تم إعادة صياغتها بطابع سياسي، وبما أن الرئيس يمثل السلطة التنفيذية قام بإعادة صياغتها لأنها موجهة إلى الهيئات الإدارية المعنية بتنظيم الانتخابات الرئاسية ، أما عن إعلان الترشح من طرف الوزير الأول هو إبداء رغبة في الترشح ونعتبره مترشحا ما لم يقر المجلس الدستوري القائمة النهائية للمترشحين وبالعودة إلى الدستور والقانون نجد بأنه لا يوجد أي نص قانوني يحدد الصيغة للتعبير عن الترشح أو يلزم المترشح أن يعبرعن ذلك بنفسه. أما فيما يتعلق بضمان الحياد التام للإدارة في العملية الانتخابية فإن الإدارة الجزائرية تعتبر طرفا مقررا وليس حياديا وهذا هو وضع الدول المتخلفة، هناك فرق بين إعلان الترشح أوالتعبيرعن الترشح، وبين موقف الادارة الجزائرية لأن من المفروض على الادارة ان تتعامل على قدم المساواة مع كل المترشحين بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية والاجتماعية هذا من الناحية النظرية، لكن ما يجري عمليا في دولة متخلفة مثل الجزائرهو ان الادارة تعتبر نفسها مقررا في العملية الانتخابية والنتيجة انها غير حيادية. أما من الناحية السياسية فإن تولي رئيس الحكومة الإعلان عن ترشح بوتفليقة له عدة قراءات وتأويلات. تعديل الدستور سنة 2008 الذي بموجبه تم فتح العهدات الرئاسية لاعلاقة له بترشح بوتفليقة، لاسيما وان التعديل المعمق للدستور قبل الانتخابات الرئاسية الذي وعد به الرئيس لم يتم، كما أن تعديل الدستور شيء وحق الترشح شيء آخر، ربما يمكن القول من الناحية السياسية أن الرئيس وعد بفتح نقاش معمق حول الدستور للقيام بتعديلات خلال عهدته الثالثة لكن الظروف لم تتح له ذلك، ولتظافرعدة عوامل منها الداخلية وبالتالي لاعلاقة لترشح بوتفليقة بالتعديل، لاسيما وانه خلال العهدة الثانية والثالثة أعلن عن ترشحه في وقت متأخر من المهلة القانونية المسموح فيها بالترشح والمؤشرالوحيد الذي كان يدل على ترشحه أنذاك هوتعديله للدستور سنة 2008 الذي تم من خلاله رفع قيد تحديد تولي رئاسة الجمهورية بعهدتين، وبالتالي لايوجد مانع لترشح الرئيس، أما فيما يتعلق بوضعه الصحي فهذه المسألة يفصل فيها المجلس الدستوري بناء على الوثائق المطلوبة من بينها الشهادة الطبية التي تثبت صحته العقلية والبدنية، وعند قراءتنا للدستور بتمعن لاسيما المادتين 88و 90 نجد ان هناك فراغ قانوني مقصود وأعني بذلك أن المشرع الدستوري في سنة 1996 اغفل العديد من المسائل المتعلقة بشغور منصب رئيس الجمهورية والمشكل القائم أن المشكل الدستوري لا يستطيع أن يتحرك ضد نفسه إلا بإخطاره من قبل ثلاث هيئات هي مجلس الأمة، المجلس الوطني الشعبي ورئيس الجمهورية.