بعد ثلاثة أسابيع من إعلانها الإضراب عن الطعام، ماتزال المناضلة الصحراوية أميناتو حيدر تقف صامدة بمطار لنثاروتي بجزر الكناري الإسبانية في الوقت الذي أعلن فيه آخر تقرير للطبيب الذي يتابع إضرابها وأثره على صحتها، بأن حالتها خطيرة جدا وحياتها مهددة· أمام تلاعب السلطات المغربية في السماح لها بالعودة إلى مدينة العيونالمحتلة، تقف الحكومة الإسبانية حائرة في أزمة خلقتها، وقد تتحول إلى أزمة دبلوماسية بدون منفذ بين مدريد و الرباط· يمكننا أن نتحدث عن أيام أو ساعات بقيت لأميناتو··· كشف دزمينيغو دي غوسان بيريز، الطبيب الذي يتابع صحة المناضلة الصحراوية، بأن حالتها جد خطيرة ومهددة، وكتب في آخر تقاريره أن الوقت بالنسبة لها ينقضي وحالتها خطيرة ومهددة، وأضاف ''يمكن اليوم أن نتحدث عن الأيام أو الساعات التي تبقيت لحيدر وهي تواجه اضطرابات صحية متكررة وخطيرة من نزيف في المعدة وانهيار جسدي وانخفاض في الضغط، كما أنه أغمي عليها في عدة مرات بعد عودتها إلى الإضراب ليلة الجمعة لتدخل ثالث أسبوع''· وأشار الطبيب إلى رفض المناضلة الصحراوية تناول أية أدوية واكتفائها فقط بجرعات ماء بالسكر لمواصلة إضرابها··· المناضلة الصحراوية ماتزال في حالة وعي، وقد حملت على لسان محاميتها عواقب إضرابها عن الطعام للحكومة الإسبانية وكتبت في رسالتها، التي تسلمت ''الجزائر نيوز'' نسخة منها، تقول بأن تصرف وسوء إدارة الحكومة الإسبانية لقضيها العادلة قد يؤدي بها إلى الموت وإسبانيا مسؤولة على عواقب إضرابي بعدما اخترقت الشرعية الدولية· هذه هي الحالة الخطيرة التي تواجهها المناضلة الصحراوية بأحد منشآت مطار لنثاروتي الإسباني بعدما قررت أن تظل بمنطقة مخصصة بالمطار لمواصلة إضرابها وتمكينها من الاستراحة نتيجة حالتها الصحية المتدهورة، وبعدما قضت أيام في الرواق الرئيسي للمطار وسط المئات من الشخصيات وأعضاء اللجنة الإسبانية لمساندتها والتي لعبت دورا رئيسيا في مواصلة صمودها· الحكومة الإسبانية عاجزة عن حل أزمة كانت طرفا في خلقها الوقت يمر بسرعة وحالة المناضلة الصحراوية تزداد تعقيدا وانسدادا خاصة عقب ليلة الجمعة الماضية عندما تم توقيف محركات الطائرة الطبية التي كانت ستنقل أميناتو حيدر لمحاولة الضغط على السلطات المغربية ونقلها مباشرة من لنثاروتي إلى مطار العيونالمحتلة··· الطائرة التي أحدثت تزوبعة إعلامية ودبلوماسية لم تصل إلى الإقلاع رغم أنه كان على متنها رئيس ديوان وزير الخارجية الإسباني أغوسين سانتوس ومحاميتها وعضوة البرلمان الإسباني وكل وسائل الإعلام الدولية التي كانت تتابع خبر تمكين المناضلة الصحراوية من العودة أخيرا إلى أرضها الصحراء الغربية التي نفيت منها يوم 13 أكتوبر الماضي من طرف السلطات المغربية المحتلة، والتي سحبت جواز السفر منها لأنها رفضت أن تكتب في بطاقة الوصول إلى مطار العيونالمحتلة بأنها مغربية الجنسية··· وبعد فشل المحاولة العشوائية التي استعانت بها وزارة الخارجية الإسبانية لحل الأزمة التي كانت طرفا في خلقها، ماتزال الاتصالات جارية لإقناع السلطات المغربية بالعدول عن موقفها والتراجع للسماح لحيدر بالعودة في الوقت الذي تضاربت فيه التصريحات الدبلوماسية والسياسية الصادرة من حكومة الحزب الاشتراكي الإسباني الحاكمة بين مطالبة حيدر بتوقيف إضرابها والاستجابة إلى عروض تقدم بها ميغال أنخل موراتينوس وزير الخارجية، والمتمثلة في قبول الجنسية الإسبانية إلى فتح علامة استفهام كبيرة للتساؤل حول متى يعدل الموقف المغربي عن مساره تجنبا لمواجهة دبلوماسية بين مدريد والرباط، خاصة وأن بعض الصحف الإسبانية وعلى رأسها ''الباييس'' و''الموندو''، من أهم الصحف كتبت تصف تداعيات صلابة موقف الحكومة المغربية بالمهين، والذي يضع حكومة ثاباتيرو أمام مواجهة دبلوماسية لم تشهدها العلاقات الثنائية بين البلدين منذ عام 2002 عقب حادث جزيرة البيريخيل ''جزيرة ليلى''· وقد أبدت الحكومة الإسبانية، ومن خلال تصريحات نائبة رئيس الحكومة ماريا تيريثا دي لا فيغا، غضبها بتحفظ من عدم استجابة البيت العلوي للتعاون في حل أزمة المناضلة الصحراوية التي تعدت الحدود وباتت تشكل قضية رأي عام دولي وليس إسباني فحسب·· وقالت دي لفيغا بأن حكومة بلادها تأمل في تعاون المغرب وتدعوه إلى إنهاء أزمة حيدر· وعلى جانب آخر، أكدت دي لافيغا تشبث إسبانيا بحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره وفق مخطط الأممالمتحدة··· وهذا ما يفهم سياسيا ودبلوماسيا بالرد على مناورات يقوم بها المغرب للضغط مجددا على موقف إسبانيا من القضية الصحراوية ومحاولة خلط الأوراق، رغم أن الصحافة الإسبانية وأحزاب المعارضة بما فيها حزب الشعب قد وجهوا انتقادات حادة لحكومة ثاباتيرو التي تتهم برمي المنشفة أمام المغرب وتخليها بطريقة أو أخرى عن فضية حيدر· وتطالب جهات سياسية بتدخل الملك خوان كارلوس للخروج من ورطة الحكومة رغم أن ثاباتيرو خلال آخر تصريحاته، أمس، قال بأن حكومته عملت وتعمل كل ما بوسعها لحل قضية حيدر وفق الإمكانيات المتاحة وتجنب توضيح رده على سؤال فيما إذا كان ملك إسبانيا سيتدخل في الوقت الذي كانت قد طلبت قبل أيام الحكومة الإسبانية عبر قنوات دبلوماسية تدخل الأمين العام لهيئة الأممالمتحدة، بان كيمون، لإرجاع حيدر إلى أرضها وإنهاء الأزمة الدائرة بين مدريد والرباط في أسرع وقت قبل تحوّلها إلى مواجهة دبلوماسية· ويرى بعض المسؤولين في إسبانيا، تابعوا الأزمة، أن الحكومة الإسبانية قد كانت طرفا في صنع هذه الأزمة التي انقلبت عليها عواقبها السياسية والدبلوماسية، وكان من المنطقي والعدل أن ترفض الحكومة الإسبانية دخول حيدر بعد نفيها من قبل السلطات المغربية لتفادي عدم الوقوع في مؤامرة ومكيدة صنعتها السلطات المغربية ·· المغرب يستغل ضعف الموقف الإسباني لمواصلة مخططه ضد حيدر والقضية الصحراوية الفرصة كانت سانحة وغير معوضة أمام المملكة المغربية بعدما استجابت السلطات الإسبانية، وسمحت بدخول حيدر بدون جواز سفر إلى مطار لنثاروتي بعد طردها بإجحاف من العيونالمحتلة·· فرغم الإتصالات الرسمية وغير الرسمية التي دارت بين مدريد والرباط عبر السفير المغربي عمر الزمام وشخصيات ديبلوماسية أخرى، إلا أن المغرب لا يزال يدعو المناضلة الصحراوية إلى التماس العفو من المملك محمد السادس بتهمة الخيانة؟ بعد أن كتبت بمطار العيون يوم 13 أكتوبر في بيانات دخول المطار بأن مكان إقامتها الأراضي الصحراوية·· وهذا هو شرط المغرب للإستجابة إلى صرخة حيدر للعودة إلى أهلها وأرضها في العيونالمحتلة·· وتحاول، السلطات المغربية، كسر يد الحكومة الإسبانية من خلال قضية حيدر لتغيير موقفها تجاه القضية الصحراوية، وفتح عهد جديد لترحيل وتهجير أعضاء ونشطاء صحراويون في حقوق الإنسان ومناضلون في جبهة البوليساريو·· قضية حيدر هي بداية تطبيق هذه السياسة الإستعمارية المعروفة، وذلك حسب تصرحات نقلها لنا أعضاء جبهة البوليساريو في إسبانيا· وحاول، المغرب، أن يقحم الجزائر وجبهة البوليساريو في ما أسماه الضغط على الناشطة الصحراوية في حقوق الإنسان، وحثها على مواصلة إضرابها عن الطعام، وذلك من خلال تصريحات بعض المسؤولين المغاربة الذين زاروا مدريد في إطار الحوار المباشر للتظاهر بحل الأزمة·· وكان الصادق بوقطاية رئيس اللجنة الجزائرية للتضامن مع الشعب الصحراوية قد زار أمينتو حيدر، صباح الجمعة الماضي، وندد بالتصريحات المعروفة التي يلجأ إليها المغرب في كل مرة ترتفع الأصوات الدولية لتطبيق مخطط الأممالمتحدة لتصفية الإستعمار في الأراضي الصحراوية المحتلة، وقال بوقطاية أن هذه الإتهامات معروفة·· وأكد مجددا دعم الجزائر للشرعية الدولية وحق الشعب الصحراوية في تقرير مصيره وفق مخطط الأممالمتحدة لا غير ·