أحبطت قوات مكافحة الشغب، أمس، محاولة اقتحام المحتجين لمقر ولاية غرداية، ما أدى إلى نشوب مواجهات بين الطرفين، واضطرت على إثر ذلك إلى استعمال القنابل المسيلة للدموع لتفريقهم وإخلاء مبنى في طور الإنجاز مجاور لبناية الولاية تحصنوا فيه لرشق الأمن بالحجارة حسب ما أكدته مصادر محلية ل "الجزائر نيوز". أكد مصادر محلية، أن عملية تفريق المحتجين الذين قاموا باستغلال هذا المبنى استغرقت قرابة الساعة من الزمن، لتتمكن بعد ذلك عناصر الأمن من السيطرة على الأمور تزامنا مع المسيرة التي نظمها سكان مختلف أحياء ولاية غرداية للتنديد بجرائم القتل المرتكبة إثر أعمال العنف والمواجهات التي تجددت، مساء الجمعة الماضي، بين الملثمين وشباب هذه الأحياء خلفت عددا من الجرحى وخسائر مادية معتبرة، وقد أدى تطور أحداث العنف والتخريب بهذه المنطقة إلى سقوط ثلاث ضحايا، أول أمس، ويتعلق الأمر بكل من بكاي عبدو، طالب أحمد عبد العزيز، طاهري إبراهيم. ويأتي سقوط هذا العدد من القتلى على خلفية الاشتباكات العنيفة التي استمرت حتى ساعات متأخرة من ليلة يوم السبت الماضي على مستوى كل من حي مرماد، ابن سمارة وحي الثنية والحاج مسعود، الأمر الذي استدعى استعمال الشرطة للقنابل المسيلة للدموع، والرصاص المطاطي بهذا الحي، حسب ما أكدته المصادر ذاتها، ويضاف هذا العدد من القتلى إلى عدد الضحايا الذين سقطوا في أحداث العنف التي سجلت بالمنطقة خلال الفترة الممتدة ما بين، بداية شهر جانفي وفيفري الماضيين، ليصل بذلك العدد الاجمالي المعلن عنه رسميا إلى 08 قتلى وهو رقم مرشح للارتفاع في حال استمرار الوضع على حاله. إلى جانب ذلك، طالب سكان مختلف أحياء ولاية غرداية خلال المسيرة التي نظموها بفتح تحقيق حول مقتل ثلاث شباب ومعاقبة المتسببين في جرائم القتل من خلال تطبيق القانون وفقا لما يسمح بإنهاء الفتنة التي تعصف بسكان هذه الولاية التي تعيش حالة استثنائية وشللا تاما لمختلف مرافقها نظرا لغياب اللا أمن بعد فشل الحكومة في إعادة الهدوء إلى المنطقة بالرغم من الإجراءات والتدابير، لاسيما ما تعلق منها بتكثيف وحدات الامن بالمنطقة التي فشلت في احتواء الأزمة، وربطت ذات المصادر عودت الاضطراب إلى هذه المنطقة بتحويل ما لا يقل عن 80 بالمائة من الوحدات الامنية التي عززت بها الولاية مؤخرا إلى ولايات اخرى على غرار ورقلة والعاصمة في ظل الاحتجاجات الأخيرة المسجلة بها، كما أجبر سكان هذه الولاية، جراء تأزم الوضع ملازمة منازلهم وأضرب التجار عن العمل، إلى جانب ذلك تم تعطيل الدراسة عبر مختلف المؤسسات التربوية وجامعة الولاية على حد تأكيد ذات المصادر. وتزامنت هذه المسيرة مع زيارة الوزير الأول بالنيابة، يوسف يوسفي، رفقة وزير الدولة والداخلية والجماعات المحلية،الطيب بلعيز وقائد الدرك الوطني اللواء أحمد بوسطيلة وممثل المدير العام للأمن الوطني. وبالمناسبة قام الوزير الأول بتهدئة الوضع ، ومن المترقب أن تدرج حيز التنفيذ اجراءات جديدة بعد هذه الزيارة لتأمين المنطقة من أعمال العنف والتخريب التي تجددت بها. أوفدت المديرية العامة للأمن الوطني فريق محققين جنائيين للكشف عن ملابسات وفاة ثلاثة أشخاص، من جنس ذكر، مقيمين بمدينة غرداية، حسب ما أفاد أمس الأحد بيان للمديرية. وأوضح البيان أنه "وفور تلقي الإخطار نهار السبت استنفرت مصالح الشرطة قوتها، حيث تم تنقل وفد من الشرطة الجنائية وفرقة من الشرطة العلمية والتقنية لإجراء معاينة بالمستشفى المحلي مع إخطار النيابة التي تولت التحقيق". وفي انتظار نتائج الكشوفات المبدئية من الطبيب الشرعي، أكد مدير الإعلام والعلاقات العامة بالمديرية العامة للأمن الوطني جيلالي بودالية، أن "الشرطة ما زالت مستمرة في التحقيق والبحث في أسباب وظروف الوفاة، وأن فرق الضبط الجنائي للأمن الوطني تواصل لحد الساعة السماع لكل الإفادات والشهادات التي من شأنها المساهمة في تسليط الضوء حول ملابسات هذه الوفيات". كشف مدير التربية لولاية غرداية عز الدين جيلاني، أن الدراسة توقفت على مستوى بلديتين من أصل ال 13 المتواجدة عبر تراب الولاية ابتداء من يوم أمس مشيرا انه تقرر تأجيل امتحانات الفصل الثاني بالولاية التي كان من المقرر ان تنطلق أمس، وأوضح المتحدث أنه بسبب تدنى الأوضاع الأمنية بالولاية فقد قاطع التلاميذ مقاعد الدراسة ابتداء من نهار أمس على مستوى بلديتين ممثلتين في بونورة ووسط غرداية وهو ما دفع بالمديرية الى اتخاذ قرار تأجيل الامتحانات الى تاريخ لاحق أي إلى غاية عودة الاستقرار والأمن، خاصة في المؤسسات التربوية التي تعرف اختلاطا بين تلاميذ الإباضيين والمالكيين، والتي في كل مرة تحدث فيها مواجهات بينهم، وكانت ولاية غرداية قد سجلت تأخرا لمدة أسبوعين في الدراسة شهر جانفي الفارط تم بموجبها فرض تعزيزات أمنية أمام المؤسسات التربوية، بالموازاة مع ذلك اكد المتحدث ذاته أن الدراسة متواصلة بشكل عادي على مستوى باقي البلديات عبر ولاية غرداية. صارة ضويفي نحن نتأسف لأحداث غرداية ونقول إن السلطات العمومية لم تتخذ الحل الأساسي لخلق ظروف الحوار، ومن جهتنا ندعو الجميع إلى التعقل والتبصر ونساند كل الفاعلين في الحوار لأنهم جزء من الشعب الجزائري حتى يجدوا الحلول المناسبة للمشكلة، ويبقى كل ما يحدث على عاتق الدولة، ونعد بأنه إذا انتخب علي بن فليس رئيسا للجمهورية ستكون غرداية أول محطة يزورها ولن يغادرها حتى يعيد الأمن والطمأنينة لها. وفي الأخير يبقى الحوار والتعقل والتبصر من الحلول لهذه المشكلة الكبيرة. ندعو إلى التهدئة التي تحل مشكلة طالت كثيرا ولا بد أن نتدخل فيها بكل الوسائل لتوقيفها، ومع وجود ضحايا وجرحى تبدوا الأمور وكأننا في حضرة دولة غائبة، كان من المفروض أن تتحرك لفرض النظام العام بكل الأمور، ونحن كحزب قدمنا تعليمات لمعارفنا في المنطقة لإطفاء نار الفتنة ودعونا مناضلينا في المساهمة لإطفاء نار المشكلة والتعاون مع كل الجهات بما فيها السلطة والأحزاب السياسية وجمعيات المجتمع المدني. حذرنا منذ بداية نشوب الإنزلاقات الخطيرة وقلنا إن من وراء غردايةالجزائر مستهدفة، ولا بد من كشف الملثمين الذين يتنقلون من حي إلى آخر حتى أن هنالك منظمات غير حكومية تنقلت إلى عين المكان مع نشطاء من المنطقة وخارجها يحاولون استغلال هذه الإضطرابات لحسابات سياسوية ضد الأمة الجزائرية، خاصة أن المشاكل المطروحة في غرداية من الأمن والقضايا الإجتماعية نفسها موجودة على المستوى الوطني، بالإضافة إلى أن غرداية كولاية استراتيجية لم تتخذ عشوائيا في هذه الأحداث وهي بوابة للصحراء بثروات طبيعية كبيرة. على الحكومة أن تتخذ إجراءات استعجالية لضمان الأمن والتكفل بكل القضايا المطروحة، بعيدا عن الحل الأمني والمقاربة الطائفية. السلطات العمومية تبذل جهدا كبيرا من أجل معالجة الوضع في غرداية. أما بخصوص موقف "الأرندي"، فإنه يتمثل في الدعوة للحفاظ على الوحدة الوطنية والإنسجام داخل هذه الولاية الإستراتيجية، وكل ما يحدث فيها يجسد المساس باستقرار البلاد، نحن لدينا ثقة في سكان المنطقة والسلطات العمومية لإيجاد الحلول بالحوار الدائم والمستمر خاصة في هذا الوقت الحساس قبل الإنتخابات، إذا علينا التزام الحذر واتخاذ القرار المناسب. أنا أشك في أن السلطة تعجز عن الحلول لما يحدث بغرداية أو أنها خرجت عن نطاقها، فهي لما تريد أن تقمع أي تمرد تفعل مباشرة، ولكن ترك الأمور تجري هكذا بغرداية نظنها مقصودة، الأمر فيه غموض والنوايا غير مكشوفة خاصة مع التوقيت السريع لهذه المجازر المتكررة، لا بد أن يكون العلاج في رأس الحربة واليد الخفية وأكيد أن السلطة في الجزائر تعرفها جيدا، فهي لا تخفى عليها خافية. هذه مأساة كبيرة لوطن ينزف، والحكومة لاهية بالعهدة الرابعة، وكل المؤشرات تؤكد أن الخطر كبير والمؤامرة أكبر في غرداية، وأثبتت هذه الأحداث أن الجزائر ليست هم هؤلاء المسؤولين لذلك يمنحون لغرداية "فضلة" وقتهم بعدما استهلكوا الوقت كله في أمور أخرى. أما بخصوص الحلول، فالحكومة هي المسؤولة على إيجادها وليست الأحزاب السياسية، ولا نجد إلا في الجزائر من يطالب الأحزاب بإبداع حلول لمشاكل تعجز عنها الحكومة. نحن بدورنا نتساءل ماذا يحدث بغرداية والنظام يتفرج على هؤلاء الملثمين؟!، أنا شخصيا عشت السنوات السوداء السابقة ولم أخشى في حياتي على البلاد أكثر مما نحن عليه الآن، والمافيا المالية والسياسية تلاقتا بتصرفات خطيرة على حساب الوحدة الوطنية، لابد من كشف ما يجري في المنطقة وإصدار مواقف باسم الدولة الجزائرية ولا تترك الأمور تزداد في التعفن لهذه الدرجة من أجل إصلاح الوضع. عندما ظننا أن الأمور تحسنت ورجعت إلى نصابها ظهر مرة أخرى العنف بمنطقة معروفة بمستواها الديني والثقافي وتعايش فيها الجميع لمدة قرون طويلة. ونحن نقول إنه لا بد أن يرجع الأمن إليها خاصة أن منظمات حقوق الإنسان الدولية بدأت في القول إن الجزائر لا بد أن تحمي الأقليات، في حين أن هذا غير صحيح، وهنالك بلدان تراقب هذه الأحداث مثل المغرب لتشويه صورة الجزائر بدون شك، لذلك لابد من عودة الأمن بسرعة. دعونا في بيانات سابقة السلطة لأخذ هذا الأمر بعين الإعتبار، لكن السلطة تظهر أنها عاجزة ومشتغلة بأمور أخرى كالعهدة الرابعة والتحضير للإنتخابات، وبدون شك غياب المسؤول الأول "الرئيس بوتفليقة" يدل على ما هو موجود في الواقع، الحل في رأينا يكون بمتابعة المحرضين والمتورطين ووأد جميع أسباب المشكلة، ونتائج التأزيم لابد أن تدرس ورد الاعتبار من خلال تعويض الضحايا، في حين أن السلطة الجزائرية لا تأخذ الأمور بصرامة وتنتهج سياسة "البريكولاج". نحن نواجه مشكلة حكم، خاصة أن الوضع الحالي بولاية غرداية تسبب في وفاة ثلاثة أشخاص وهذا لا يترك أي أحد يتجاهل الأمر إلا حكامنا الذين هم منشغلون بإعداد الإنتخابات الرئاسية في 17 أبريل المقبل وغياب الرئيس ساهم بشكل كبير في هذه الحالة المثيرة، مع أن بوتفليقة منذ مجيئه إلى السلطة، لعب على الفصل بين الأقليات وهذه واحدة من نتائج سياسته، هذا أمر خطير جدا مع فشله في إدارة مثل هذه الأزمة الصغيرة، إننا نواجه مشكلة حكم، وإذا كان لدينا حكم شرعي لابد أن تكون لنا حكومة شرعية ورئيس شرعي، وليس هذا هو حالنا الآن.