ساروا "صامتين" من مراكز الأمن واعتصموا أمام قصر الحكومة خرج أمس العشرات من أعوان الشرطة بالزي الرسمي، في مسيرة سلمية انطلاقا من عدة مراكز أمنية بالعاصمة ومن مقر الوحدات الجمهورية للأمن، متوجهين نحو قصر الحكومة للمطالبة بمقابلة وزير الداخلية، قبل أن تصل الحشود تباعا من مختلف المراكز الأمنية للعاصمة، ليصل العدد إلى 1300 شرطي موزعين على أربعة أفواج إلى غاية الساعة السادسة. وموازاة مع توسع احتجاجات رجال الشرطة من ولاية غرداية، إلى العاصمة، دعت الكثير من أصوات التعقل إلى التهدئة والاستجابة للمطالب المهنية والاجتماعية لمستخدمي سلك الأمن الوطني. وقد وصل أول فوج لرجال الأمن الوطني الذين ساروا مشيا على الأقدام بداية من الساعة منتصف النهار، لعشرات الكيلومترات، قادمين من برج الكيفان، في حدود الساعة الخامسة، بعد أن كانت الوجهة الأولى في البداية محددة بالمديرية العامة للأمن الوطني، ومن برج الكيفان مرورا بالطريق السريع، إلى غاية وسط العاصمة مرورا ببلكور، بقيت سيارات الأمن ترافق المحتجين إلى غاية بلوغ قصر الدكتور سعدان، مستغلين بذلك الطريق المخصص للاستعجالات، قبل أن يسيروا في وسط الطريق عند بلوغهم وسط العاصمة حيث تم منع استغلاله من قبل سائقي السيارات. وسار العشرات من رجال الشرطة الذين لم يكونوا مسلحين، نازعين قبعاتهم، رافضين التصريح للصحافة، تحت زخات المطر، وقال أحدهم إن المسيرة والاحتجاج جاء للتضامن مع زملائهم المحتجين في غرداية على أعمال العنف التي لحقت بهم في أدائهم لمهامهم وكذا ظروف العمل والمشاكل المهنية، بالإضافة إلى جملة من المطالب التي انصبت كلها في إطار تحسين ظروف العمل والحالة الاجتماعية التي يعيشونها. دعوات للتهدئة والاستجابة للمطالب المهنية والاجتماعيةالأمطار التي تهاطلت على العاصمة منذ صباح أمس، لم تثن المحتجين عن السير وبلوغ قصر الحكومة، حيث ساروا لساعات دون رفع أي لافتات أو ترديد أي شعارات. وحسب مصادرنا، فأعوان الأمن هم عناصر من الوحدات الجمهورية للأمن الذين ينتظر تحويلهم إلى غرداية خلال أيام، وهو ما دفعهم إلى الخروج للمطالبة بتوفير الشروط الملائمة لهم وتوفير الحماية لعناصر الأمن في مواجهة أعمال العنف وهذا بعد إصابة العشرات منهم في المواجهات التي عرفتها غرداية منذ عدة أشهر. ورفض المحتجون المعتصمون أمام قصر الحكومة الحديث مع والي العاصمة عبد القادر زوخ الذي حاول التواصل معهم، قبل أن يتوجه إلى داخل مبنى قصر الحكومة، بينما أصرّ المحتجون على محاورة وزير الداخلية الطيب بلعيز شخصيا. وتواصل الاحتجاج إلى ما بعد الساعة السادسة مساء أمس، في صمت رهيب مطبق من قبل رجال الأمن الذين احتجوا بطريقة حضارية سلمية تحت حراسة مشددة لمصالح الأمن التي قامت بتأمين كل المداخل المؤدية إلى العاصمة، وكذا رجال الأمن المحتجين الذين كانت مرافقتهم من قبل زملاء لهم مضمونة إلى غاية قصر الحكومة.
التقى ممثلين عنهم في غرداية بلعيز يأمر بالتكفل العاجل بمطالب المحتجين التقى مساء أمس وزير الداخلية والجماعات المحلية، الطيب بلعيز، بممثلين عن رجال الشرطة المعتصمين أمام مديرية الأمن بغرداية. وحسب المعلومات الأولية، فإن بلعيز واللواء عبد الغني هامل، المدير العام للأمن الوطني، أمرا بالتكفل العاجل بانشغالات المحتجين، التي تصدرتها مطالب تتعلق بتحسين ظروف أداء مهامهم الأمنية، إلى جانب مطالب مرتبطة بالأجور ونظام التحويلات وخفض سن التقاعد ومراجعة نظام الدوام وكذا السكن الوظيفي.
50 جريحا.. وشلل بالمدارس في تجدد المواجهات أعوان الأمن يواصلون احتجاجاهم بغرداية جرح حوالي 50 شخصا في مواجهات متفرقة شهدتها مناطق التماس بعاصمة ميزاب، على غرار مليكة، ثنية المخزن، بن سمارة وحي الشعبة، في الوقت الذي يتواصل فيه احتجاج رجال الأمن تنديدا بما أسموه ظروف العمل المزرية التي تصاحب أداء مهامهم، فيما سارعت مصالح الأمن إلى فتح مسالك خاصة للمواطنين عقب استعمال أسلحة نارية. فتحت مصالح الأمن بغرداية، تحقيقا في قضية استخدام أسلحة نارية في مواجهات عرفتها بلدية بريان، وحسب مصادر "الشروق" فيشتبه في استخدام أسلحة نارية خفيفة كالبنادق وأسلحة بيضاء في المواجهات المتجددة بغرداية. مصالح الأمن عاينت مكان المواجهات والأدوات المستخدمة، وأطلقت التحقيقات حول كيفيات منح تراخيص السلاح في المنطقة، بعد إصابة حوالي 20 شخصا، نقلوا على إثرها إلى مصلحة الاستعجالات بمستشفى المدينة لتلقي العلاج. وأطلقت الجمعيات المحلية وأعيان المنطقة نداء قصد التهدئة وضبط النفس، وطالب سكان المنطقة الوزير الأول بالتدخل العاجل لفض هذه المناوشات التي أخذت منعرجا خطيرا، وأشارت مصادر "الشروق" أنه تم عرض الضحيتين اللذين سقطا في مدينة بريان وهما "ل.ط" 17 سنة، و"ب.ع" 19 سنة على الطبيب الشرعي، وقد بينت النتائج أن الضحية الأول تعرض لضربات حادة على مستوى الرأس، بينما لقي الثاني حتفه نتيجة طلق ناري أصابه على مستوى الرأس والرقبة، كما أدى انشغال أعوان الأمن بالاحتجاج إلى ثغرات في التغطية الأمنية بالمدينة. أعمال الشغب التي شهدتها المنطقة دفعت بالأولياء إلى منع أبنائهم من الالتحاق بالمدارس، كما قاطع الأساتذة المؤسسات التربوية، خاصة بعد تواصل احتجاج أعوان الأمن، الذين رفعوا شعارات تطالب بنزول وزير الداخلية والوزير والأول للإطلاع على وضعية أداء مهامهم، وأبدوا تمسكا بضرورة تحسين الظروف المعيشية وتقليص ساعات العمل وخفض سن التقاعد. ومعلوم أن الأعوان المحتجين طالبوا بالتعويض المادي والمعنوي لعائلات الضحايا، في مقابل أرضية المطالب هذه، كلفت المديرية العامة للأمن الوطني لجنة تحقيق تضم مفتشين مركزيين للبحث والتحقيق في حالات الاعتداء الجسدي المتكرر على عناصر الشرطة والتي فاقت 200 حالة منذ اندلاع الأحداث.
...وأعوان وحدات الأمن يلتحقون بزملائهم المعتصمين واصل أعوان الوحدات الجمهورية للأمن بولاية غرداية، اعتصامهم لليوم الثاني على التوالي، رافضين الحديث مع أي مسؤول بجهاز الشرطة قبل نزول وزير الداخلية الطيب بلعيز إلى غرداية، أين قضى ما يزيد عن الألفي عون ليلتهم وسط الشارع العمومي، مفترشين الأرض ومكتفين بما قدمه لهم بعض زملائهم من الخبر والحليب، ولم تمنع الظروف المناخية القاسية توافد ما يقارب 500 عون أمن قادمين من مدينة بريان مشيا على الأقدام من الالتحاق بزملائهم بموقع الاعتصام الرئيسي أمام مبنى مديرية الأمن بعاصمة الولاية غرداية، في الوقت الذي انطلقت فيه مسيرة ثانية من جموع المعتصمين في اتجاه مقر ولاية غرداية ضمت أكثر من 300 عون أمن ومرت تحت حراسة أمنية مشددة لعناصر الدرك الوطني الذين تابعوا المسيرة إلى حين وصولها إلى مقر الأمن العام للشرطة.
المديرية العامة للأمن الوطني: "مسيرة رجال الأمن تعبير عن تضامنهم مع زملائهم بغرداية ضد الاعتداءات" أوضح مدير الاتصال بالمديرية العامة للأمن الوطني عميد أول للشرطة جيلالي بودالية، في تصريح لوكالة الأنباء الجزائرية، أن مسيرة أمس، تتعلق بوحدتين من عناصر التدخل المقرر نشرها بولاية غرداية لتخلف الوحدات الموجودة حاليا بعين المكان.. وقال إن عناصر الشرطة تعتزم من خلال تنظيم هذه المسيرة "تقديم تضامنها ودعمها لزملائها بغرداية حتى يتم وقف الاعتداءات ضد عناصر الأمن بهذه الولاية التي تشهد اشتباكات متكررة".
مقري: نزول رجال الأمن في مسيرات سابقة تاريخية خطيرة بالجزائر اعتبر، أمس، عبد الرزاق مقري، رئيس حركة مجتمع السلم، على أن خروج رجال الأمن إلى الشارع، وتنظيمهم لمسيرة في شوارع الجزائر العاصمة، تضامنا مع زملائهم في غرداية، يعد أمرا خطيرا، وسابقة تاريخية، لم تشهدها الجزائر من قبل. مقري وفي رده عن أسئلة الصحافة في الندوة الصحفية المنعقدة بمقر الحزب بتلمسان، قدم جملة من القراءات حول ما يحدث بمنطقة غرداية، وهي القراءات التي لم تخرج عن خانة التساؤل والاستغراب دون أن يقدم أي إجابات أو بدائل لحلول تراها "حمس" ضرورية للوضع القائم، مكتفيا بالقول إلى أن ما يحدث في غرداية له علاقة بالتناقضات الحاصلة في هرم السلطة، وأن الأمر أبعد بكثير من وجود مؤامرة خارجية.
حزب العمال يدعو بوتفليقة إلى إصدار أمر بالتكفل بمطالب الشرطة دعا حزب العمال رئيس الجمهورية عبد العزيز يوتفلقية، إلى إصدار أمر بالتكفل العاجل للمطالب المهنية الاجتماعية و"الديمقراطية الشرعية" لموظفي الأمن الوطني. وأكدت أمانة المكتب السياسي لحزب العمال على قناعة الحزب التامة بأن روح الوطنية التي يتحلى بها عناصر الشرطة، ستحبط جميع محاولات الاستغلال "السياسي" للمطالب الدستورية لهم. وأوضح حزب العمال، في بيان له، أنه يتابع بحذر شديد التطورات الناجمة عن الحركة الاحتجاجية لعناصر الشرطة في ولاية غرداية، معربا عن تضامنه مع "سخط" عناصر الشرطة من ظروف العمل القاسية التي يعشونها في ولاية غرداية منذ عدة أشهر.