سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
ركبته "الجزائر نيوز" وتكتب عنه قبل تدشين معرضه التاريخي في معهد العالم العربي الشهر القادم.. قطار الشرق السريع الخرافي يبعث مع لانغ العجيب وبروح أغاتا كريستي وهيتشكوك
لم تكن محطة ليون عادية صباح يوم الثلاثاء الثالث عشر من الشهر الجاري. كعادتها استيقظت المحطة الباريسية الشهيرة على وقع وإيقاع كل أشكال المسافرين الآتين من مدن فرنسية وأوروبية والذاهبين إلى أخرى في جومن الدقة الحضارية وغير العادية مقارنة بما يحدث في محطات قطارات الدول العربية ومن بينها محطة آغا التي يعرف أسرارها الكثير من الزملاء قبل تحولهم إلى أغنياء جدد في زمن أكثرية امتهنت تسلق الشكارة الإعلامية والأمنية بمهارة غير عادية. كل الأرصفة كانت عادية في تلك الصبيحة إلا رصيف حرف الإي الذي عرف حركة غير عادية ومسافرين غير عاديين التحقوا بالمحطة الباريسية بدعوة من شخصية ثقافية وتاريخية غير عادية صنعت الحدث الثقافي غير العادي مع الرئيس فرنسوا متيران المثقف والقارئ غير العادي أيضا. هذه الشخصية رمت زورتها بطانيتها عن بكرة أبيها ونزلت من سريرها "تفور" وكانت حاضرة في الساعة الثامنة ونصف صباحا لاستقبال ضيوف القطار غير العادي رفقة سلوى النعيمي الأديبة السورية الرقيقة والوديعة والملحقة الصحفية غير العادية لمعهد العالم العربي الذي تديره منذ أكثر من سنة الشخصية الفرنسية غير العادية أيضا. ما هي مقومات الحدث الثقافي الذي تنفرد الجزائر نيوز قبل العودة إليه بالضرورة في مطلع الشهر المقبل؟ (مقدمة بارزة يستحسن نشرها في الصفحة الأولى للجريدة إذا شاطرني أحميدة وجاهة المقترح من منظور الهوس الثقافي الذي يجمعنا). جاك لانغ العجيب. جاك لانغ وزير الثقافة الأشهر بعد أندري مالرو والجنرال ديغول، ومؤسس عيد الموسيقى الذي يهز فرنسا كل شهر جوان حتى الساعات الأولى من الفجر وصاحب فكرة بناء معهد العالم العربي على ضفاف السين والمسرحي الكبير ورجل القانون وصاحب الإنجازات الثقافية الكبرى، هو الرجل العجيب وغير العادي الذي لم يخلف وعد ضم تطوير معهد العالم العربي إلى قائمة إنجازاته المذكورة وغير المذكورة الكثيرة. الرجل الذي كلفه الرئيس فرنسوا هولند بإحياء المؤسسة الثقافية الفرنسية العربية التي أعادت الإعلام إليها بعد عزوف طويل كما لاحظ ذلك مراسل الجزيرة نت التي حاورته قبل سفره إلى الدوحة الشهر الماضي في إطار جولة عربية هي المؤسسة التي عقد العزم أن تقتحم صلب الحياة الثقافية الفرنسية وأن تحرك ضمائر المسؤولين العرب المعنيين بها باعتبارها حاملة لاسم الحضارة التي ينتسبون إليها مجازا حينما يتعلق الأمر بالثقافة. جاك الذي يبلغ من العمر 74 عاما رحب بمراسل "الجزائر نيوز" على متن الأوريون إكسبرس "أو قطار الشرق السريع" الخرافي، هو لانغ العجيب الذي كان يغالب النعاس ويصارع الإنهاك لحظة تحدثه لنا عن مغزى تنظيم معرض ضخم عن القطار الثقافي والحضاري والأدبي الذي ألهم أغاتا كريستي وإيان فليمينغ واستقبل على متن عرباته الفاخرة التي صممها أسياد الديكور كلا من مارلين ديتريش وأورنس العرب وماتا هاري. وقال جاك صاحب الحذاء الشبابي الخفيف والبذلات التي عرف بها منذ أن كان وزيرا يملأ دنيا الثقافة والفنون "للجزائر نيوز": "الجولة التي سنقوم بها من محطة ليون حتى محطة الشرق هي روح ومعنى التظاهرة الثقافية الكبيرة المتمثلة في معرض يذكر بالعلاقة التاريخية التي ربطت الشرق بالغرب من خلال قطار "الأريون إكسبرس الذي كان يمر بعدة عواصم أوروبية ليصل في الأخير إلى اسطمبول مدينة العراقة الحضارية الإسلامية والامتزاج الديني والتلاقح الثقافي". وأضاف لانغ بأن معرض مكةالمكرمة سيكون بدوره مقاربة أخرى للكشف عن روحية وعظمة الإسلام والشرق بوجه عام في زمن كثرت فيه الشكوك والمزايدات المجانية الناتجة عن خلفيات إيدولوجية يغذيها الجهل وعدم التواصل وبالتالي التطرف والمغالاة". لانغ العجيب الذي اعتذر عن التحدث لنا أكثر عن المعرض الذي ينتظر أن يستقطب حوالي 500 ألف زائر لكثرة الطلب المتهاطل من صحفيين فرنسيين وأجانب بعد أن وافق على استقبالنا في أقرب الآجال عقد ندوة صحفية على متن القطار الخرافي رفقة المسؤولين الكبار لشركة السكك الحديدية التي مولت التظاهرة (ملياران ونصف مليار أورو) ومصممة المعرض والجهات الإعلامية والفنية الراعية قبل أن يدعو الضيوف إلى الالتحاق بمختلف العربات التاريخية والفاخرة التي شهدت على مجد امتزجت من خلاله فنون الديكور والسينما والتمثيل والرواية والسفر والحياة الفاخرة والساحرة وغير البريئة والمحايدة اجتماعيا وإيديولوجيا كما سنرى ذلك لاحقا عند العودة للتظاهرة يوم تدشين المعرض ونقل القطار الخرافي إلى باحة معهد العالم العربي، الأمر الذي سيمكن الفقراء والأغنياء من تحقيق حلم ركوب القطار الخرافي جاثما على الأرض بأثمان رمزية. تاريخ قطار الديبلوماسية الأوروبية. في الملف الصحفي الشامل للتظاهرة نقرأ أن رجل الأعمال البلجيكي جورج ناجلمكرس هو صاحب فكرة تصور قطار يعبر الحدود والقارات اعتبارا من نهاية القرن التاسع عشر (أنظر البطاقة الفنية للقطار) ويوفر لركابه المخمليين كل شروط السفر الفاخر. قطار الشرق أو الأوريون إكسبرس الذي (يفترض أن يسمى قطار الغرب استنادا لهوية مبدع فكرته وأهدافه الخفية والمعلنة وثقافته ونمطه الحضاري) دفع الكاتب الصحفي أدمو عبو يكتب عام 1883 في صحيفة الفيغارو عند عودته من رحلة التدشين: "البوسفور أصبح ضاحية من ضواحي السين" وبهذا الوصف يكون الكاتب الفرنسي قد اختزل حقيقة تاريخية ربطت الغرب بالشرق في سياق كشف أكثر عن الهيمنة الغربية والروح الاستشراقية الاستعمارية باسم السفر والسياحة. بعد إطلاقه، بقي القطار الخرافي مرجعية تاريخية لصيقة بالجغرافيا السياسية الأوروبية وبتداعيات الصراعات الإمبراطورية وبتغير مفاهيم الحدود والعلاقات بين الدول، الأمر الذي أدى إلى تحديث الشرق الأوسط من خلال السكك الحديدية ومواجهة الهيمنة البحرية. قطار الشرق السريع صنع التاريخ وخاصة بين أعوام 1883 و1956 حينما تحول إلى مسرح أحداث وتحولات سياسية مصيرية ولا أدل على ذلك اجتماع قادة أوروبيين في مطاعمه الفاخرة. نقرأ في الملف الصحفي أيضا أن إسطمبول لم تكن المحطة الأخيرة لقطار الشرق وكان يتوقف قبلها في دمشق وبغداد وطرابلس والقطار نفسه عرف بخطه الذي وصل المغرب في الحرب العالمية الأولى والقاهرة والأقصر وتونس ووهران وكان اسم قطار الرحلة المغاربية القطار الأبيض ودامت الرحلات بين العاصمتين المغاربتين 16 شهرا فقط بين عامي 1902 و1903. جورج البلجيكي صاحب فكرة إطلاق قطار الشرق السريع كان يحلم أيضا بربط أوروبا بإفريقيا الشمالية عبر إسبانيا وإيطاليا ولم يتمكن من ذلك بسبب الحربين العالميتين، لكنه استطاع إيصاله حتى طهران آتيا من إسطمبول بفضل شاه إيران ثم إلى حلب وبغداد وبيروت وتوقف التوسع الأوروبي عبر قطار الشرق السريع نهائيا بسبب الحرب العالمية الثانية، وكان عام 1960 تاريخ نهاية رحلات قرن تقريبا وهو القرن الذي غير خريطة العالم ومكن من ولادة العالم العربي المعاصر على أنقاض الإمبراطورية العثمانية. برنامج اندس فيه مفهوم الاستعمار الأوروبي الإيجابي على حد تعبير نيكولا ساركوزي وهو المفهوم الذي يؤمن به الكثير من المثقفين العرب أيضا. جيل غوتييه وخطر القراءة الاستعمارية. تجنبا للقراءة الاستعمارية التي توقعنا بروزها، استبق معهد العالم العربي الفرضية المتوقعة بإعطائه الكلمة لجيل غوتييه الشخصية الأخرى التي يعول عليها الرئيس الجديد لمعهد العالم العربي في الدفع به قدما نحو مستقبل أكثر إشراقا في علاقته بعالم عربي مضطر أن يتحرك هذه المرة وأن يخجل من نفسه أمام رئاسة جديدة غير كسولة وليس لديها غير خيار النجاح بحكم ماضي مسؤولها الأول. وقال غوتييه أحد مستشاري لانغ ومترجم روايات الروائي المصري علاء الدين الأسواني وسفير فرنسا في اليمن سابقا "للجزائر نيوز" إن القراءة الاستعمارية للحدث واردة ولا نستطيع استبعادها من أذهان الذين يرون فيه عودة لحنين عهد أوروبى ارتبط بمضمون المعرض. وفي تقدير غوتييه، لم يخطر بباله كمستشار علمي أن يخاطب الجمهور من هذا المنطلق وكان الهدف الأول والأخير توظيف تجربة قطار الشرق السريع كتعبير عن قرن من التاريخ المجيد إنسانيا وصناعيا على الرغم من المآسي التي رافقته وأثرت على مسيرته الرائعة. وأضاف غوتييه قائلا: إن ملحمة الثورة الصناعية التي شهدت عليها السكك الحديدية واكبت للأسف الشديد تأخر الشرق بشقيه التركي والعربي وشهدت أيضا على أخطائه، ولا يمكن بطبيعة الحال فصل ذلك عن إرادة الهيمنة الأوروبية التي عبرت عن سيطرة أجنبية. المعرض وإن كان وبالضرورة يفرض القراءة التاريخية المذكورة أضاف يقول غوتييه يتجاوز الطابع التاريخي والسياسي المحض ويكشف عن جوانب فنية وأدبية وثقافية بديعة من شأنها أن تربط التواصل مع أجيال جديدة لم تعرف المرحلة التي يغطيها الحدث، وهذا ما لمسته وأنا أزور البلدان العربية والإسلامية المعنية بتاريخ قطار الشرق السريع وعلى رأسها تركيا، وخلص غوتييه إلى القول: "إن الحدث يبقى ثقافيا بامتياز مادام السفر يعد مصدر حياة ثقافية متكاملة وتصبح هذه الحقيقة ساحرة في حالة قطار الشرق السري". تواريخ وأدب وسينما. خلال المعرض الذي سيحتضنه معهد العالم العربي من الرابع أفريل حتى غاية الواحد والثلاثين أوت، من المتوقع أن يتجاوز الجمهور الكبير المنتظر الخلفية الإيديولوجية التي كانت وراء غزوة الثورة الصناعية التي وصلت العالم العربي والإسلامي عن طريق قطار الشرق السريع أو الأوريون إكسبرس، وذلك بفضل محتلف النشاطات الأدبية والفنية والفكرية التي برمجت بشكل مدروس ومتنوع من شأنه أن يشفي غليل الذين توقفوا فقط عند الرمزية الاستعمارية التي حذر منها جيل غوتييه. المطلع على الملف الصحفي الثري يتأكد من شمولية معرض ثقافي متكامل من شأنه أن يسعد هواة الأدب والسينما والتاريخ والسينوغرافيا والديكور والتزيين والتمثيل وفنون العيش الأخرى باعتبار قطار الشرق السريع عصارة مسرحية مثل فيها مسافرون من كل الأعمار والأجناس على مدى قرن تقريبا وألهم العديد من السينمائيين والكتاب والباحثين. من هذا المنطلق سيكون الجمهور على موعد مع حدث ثقافي يشمل عروض أفلام سينمائية ومحاضرات ومعرض تشكيلي وندوات وعلمية وزيارات مدرسية وتربوية عامة بغرض تعريف الأجيال الجديدة بملحمة القطار السريع كرمز ثقافي أوروبي متكامل الأركان حضاريا وتاريخيا وفنيا وأدبيا. في هذا الإطار سيعرض فيلم "جريمة في الأوريون إكسبرس" تكريما للروائية أغاتا كريستي أنظر إطار البطاقة الفنية وأشرطة "إسطمبول المحطة الأخيرة أو ماذا لو نكمل السفر" لجيل غوتييه و«ملحمة القطار السريع" المستوحى من كتاب "الأرويون إكسبرس ...عربة التخيلات" للكاتبة مريم هاني و«شهادات خبراء في السكك الحديدية" و«الأوريون إكسبرس سفر من الغرب إلى الشرق" لألكس ديكوت. أدبيا... ستعقد ندوات عن مكانة القطار السريع في كتابات أدبية وصحفية مختلفة (أبولينير وغراهام غرين وجيرودو وبول فاليري وأغاتا كريستي صاحبة الرواية السوداء الشهيرة، كما سيكون فن الطبخ حاضرا من خلال محاضرة الصحفية إيفلين رامليه التي ستتناول تاريخ السندويتش في محطات القطار وتأثير الشرق على الطبخ الفرنسي، كما ستلقى محاضرات عن الأبعاد الصناعية والاقتصادية والعلمية لظاهرة قطار الشرق السريع وتأثيرها على العالم العربي. يرسله بوعلام رمضاني كتبوا عن القطار السريع. غراهام غرين 1968: لقد أحببت المناظر الخلابة التي مر منها القطار وكنت دائما أحس وأنا على متنه بالأمان. أغاتا كريستي عام 1934: كنت أرى ركابا من كل الطبقات والجنسيات والأعمار. كانوا يختلطون ويجتمعون لمدة ثلاثة أيام وينامون ويتناولون الغذاء تحت سقف واحد وفي النهاية يفترقون للأبد. جان دي كار 1976: بالنسبة للبعض الذهاب من باريس إلى القسطنطينية (إسطمبول اليوم) في قطار الشرق السريع كان أمرا غير معقول كمن يدعي الذهاب إلى القمر. جوزيف كيسيل 1932: النساء كن يظهرن جميلات في أروقة القطار والرجال أكثر جرأة كنت أتمتع كطفل مبهور بسحر القطار. كوليت 1913: مخاطبة أحد الركاب "لا تحاول معاملتي كرجل ودود يعتقد أنك عرفتني قبل دقائق في إحدى أروقة القطار". أرقام وتواريخ 1883: تدشين الرحلة الأولى للقطار من باريس إلى القسطنطينية. 1889: رحلة مباشرة من باريس إلى القسطنطينية. 1891: تسمية القطار رسميا "الأوريون إكسبرس" 1919: إطلاق قطار سابلون أوريون إكسبرس 1934: نشر "جريمة في الأوريون إكسربس" لأغاتا كريستي 1971: القطار الشهير يصل إلى طهرن مرورا من إسطمبول 1974: عرض فيلم "جريمة في الأورويون إكسبرس" للمخرج سيدني لوميت 1977: آخر رحلة بين باريس وإسطمبول أول جوان 2014: الذكرى المائة والخامسة والعشرين للرحلة المباشرة باريس إسطمبول أفلام أخرى عن القطار السيدات اللواتي أختفين لهيتشكوك 1938 أوريون إكسبرس 1954 لكارلو براغليا قبلات حلوة من روسيا 1963 لتيرنس يونغ سفر مع عمتي 1972 لجورج كوكور شارلوك هولمس يهاجم الأوريون إكسربس 1976 لهيربير روس أوريون إكسبرس 2004 لسرجيو نيكوسكو.