يستحضر معهد العالم العربي عبر معرض "ألف ليلة وليلة " الذي انطلق الثلاثاء ويستمر حتى آخر أفريل المقبل، روح شهرزاد التي سحرت بحكاياتها الملك شهريار ونجت من الموت وأنست الرجل همومه وجراحه وأركعت الطاغية بقوة الخيال، بعوالم علاء الدين ومصباحه السحري ومغامرات السندباد البحري وعلي بابا والكائنات الخارقة من جن وعفاريت وملائكة... تعتبر حكايات "ألف ليلة وليلة" من أهم الآثار الأدبية التي غذت وربطت علاقات استثنائية بين الشرق والغرب منذ قرون. ومن أهم ما يقدمه المعرض هي المخطوطات النادرة لألف ليلة وليلة وترجماتها إلى عدة لغات عبر العصور والتي تم جمعها من مختلف البلدان والقارات من إيران ومصر وسوريا ولبنان وهي ملك المجموعات الخاصة من "متحف فيكتوريا وألبرت بلندن" و"مؤسسة سميتوسيان" بواشنطن مرورا بمتحف العلوم الإتنية بأوزاكا في اليابان. .... وأطلقت ترجمة أنطوان غالاند للفرنسية، وكانت الأولى، في بداية القرن الثامن عشر سلسلة ترجمات أوروبية وكانت بداية شغف كبير ب "الكتاب الذي لا ينتهي"، فألهم كبار المؤلفين من إدغار ألن بو وتووفيل غوتييه ونيقولا دافيديسكو وجول فيرن الذي أراد لها "الف ليلة وليلتين"... ولم يقتصر الشغف الجديد على حكايات ألف ليلة وليلة بل تجاوزه إلى كل ما هو شرقي فأفرز عن ثلاثة قرون من الإنتاج الأدبي العالمي. وعبر البعض عن اهتمامهم بهذه الثقافة حتى عبر أسلوب ساخر على غرار فولتير وحكاياته الشرقية الساخرة، كما تعرض بعض الرسوم الهزلية المستلهمة من القصص ويظهر أحدها رجلا يجيب زوجته التي ضبطته أمام المسرح لحضور عرض "علاء الدين والمصباح السحري" أنه يريد تعليمها تنظيف المصابيح... ويسنح المعرض الفرصة للاطلاع على جوانب واسعة من تأثير حكايات شهرزاد على العالم الأوروبي، وإن كانت ترجمة غالاند قد قللت من مكانة شهرزاد وغيرت تركيبة النصوص وبعض المقاطع خاصة الإباحية منها ليلائم مجتمعه المحافظ نوعا ما في ذلك العهد... في حين عمدت بعض الترجمات الإنكليزية على غرار بورتون على عكسه إلى المبالغة في بعض المشاهد الإباحية ومنها التي تتناول المثلية الجنسية... وكما يقول عبد الفتاح كيلوتو التي كتبت إحدى مقولاته على حيطان المعرض "ماذا بقى لنقوله بعد ؟ حكايات وحكايات. فإذا كان ألف كتاب يقف وراء الليالي فإن الليالي أفرزت ألف كتاب".