يكشف الرئيس السابق لحركة مجتمع السلم، أبو جرة سلطاني، في هذا الحوار ل "الجزائر نيوز"، أنه لم يتم دعوته لحضور نشاطات تنسيقية الأحزاب والشخصيات المقاطعة للرئاسيات المقبلة، من قبل حزبه، مؤكدا على مكانته كرئيس سابق للحركة بتعبير أنه ليس "غاشي". كما يتطرق سلطاني في هذا النقاش إلى مختلف الأحداث والمواقف الوطنية التي أفرزتها رئاسيات 17 أفريل، ويقدم أيضاً نظرته فيما يحدث بغرداية ومستقبل الاسلام السياسي والأيديولوجيا في زمن ثورة الاتصال. في هذه اللحظات، التي تحلّون فيها ضيفا على "الجزائر نيوز"، تعقد تنسيقية الأحزاب والشخصيات المقاطعة للرئاسيات المقبلة، والذي يمثل حزبكم أحد أبرز وجوهها، لقاء لتنصيب لجنة سياسية تحضّر لندوة وطنية، ما رأيكم في هذه الخطوة؟ السياسة ليست أبيض وأسود، السياسة ألوان ومتغيرات، حركة مجتمع السلم تبنّت قرار المقاطعة ودعت كل من يشاركها هذا التوجه للانخراط في هذا الفضاء، أولا من أجل شرح معنى المقاطعة، لأن الجزائريين لم يتعودوا على "ترمنولوجيا" الأشياء. ثانيا، لتبين أن المقاطعة لا تعني الانسحاب من المشهد، بل يجب تفعيل هذا القرار بما يجعل الديمقراطية مفهوم توازن بين موالين ومقاطعين ومنسحبين مصوّتين بالورقة البيضاء. طبعا كانت المحطة الأولى وقفة رمزية بجوار مقام الشهيد والمحطة الثانية تجمع بقاعة حرشة، وأكيد المحطة الثالثة تكون ندوة وطنية جامعة لبحث خيارات ما قبل 17 أفريل وما بعده، لأن المقاطعة لن تنتهي بصدور نتائج الاقتراع، لا بد أن يتم تفعيل هذا التوجه بما يجعل الديمقراطية مضمونا متحركا وشراكة يقول كل واحد فيها رأيه بوضوح ويعبئ من أبناء الشعب ما تصبح به الأقلية مستقبلا للأغلبية. بعض المصادر ذهبت إلى أنكم كنتم مع خيار المشاركة، لكنكم في الأخير احترمتم قرار مجلس الشورى، هل هذا صحيح؟ جاء المكتب الوطني بثلاثة سيناريوهات، الأول مساندة المترشح علي بن فليس، والثاني الترشح بفارس الحركة، والثالث كان المقاطعة. السيناريو الأول سقط بما علّله مجلس الشورى بأنه إذا ذهبنا لمساندة بن فليس بالصورة التي نعرفه عليها جميعا لدينا من أبناء الحركة من هم بمستواه، وبالتالي في هذه الحالة نرشّح فارسنا. أما سقوط السيناريو الثاني فعلله بأننا نعرف أن مختلف الاقتراعات كانت مزورة وأشد ما يكون التزوير في الرئاسيات، لأننا مقابل النظرية الصفرية، إما أن تأخذ كل شيء أو لا شيء، فقلنا ما يدرينا إذا دخلنا بفارسنا ألا يقزّم إلى درجة اثنين في المئة مع كل النفقات والتعب.. فلماذا نذهب لذلك ما دمنا لسنا متحققين من أن الانتخابات ستكون نظيفة ونزيهة وشفافة، وبسقوط هذا الخيار، فرض سيناريو المقاطعة نفسه بأغلبية ساحقة. وهي أول مرة يقاطع فيها حزبكم؟ هذا أمر ربما تُشكر عليه حركة مجتمع السلم، لأنها جرّبت المشاركة في 95 بفارسها الشيخ محفوظ نحناح رحمه الله، وأخذ ربع الأصوات. في 99، 2004 و2008 جربت الحركة دعم الرئيس بوتفليقة لثلاث عهدات، فمن الطبيعي، اليوم، أن نذهب إلى الخيار الثالث. وفي اعتقادي المقاطعة جاءت لسبب جوهري، هو أن المسار الذي رافقنا منذ 95 إلى اليوم يكشف عن حقيقة مرّة، وهي أن النظام لا يريد أن يتغير عبر الصندوق، بل يكرر نفسه ويبدل ثوبه ويدوّر مسؤوليته، ليعيش في التدوير لا في التداول، وبهذا الموقف الجديد نريد أن نقرع ناقوس الخطر، لأن خمسين سنة من التدوير بركات. كلامكم يبين قناعة بخيار المقاطعة، لكن مع هذا لم تشاركون في أي من النشاطات التي تنظمها تنسيقية المقاطعين؟ أنا رئيس حركة سابق، وما دامت حركتي لم تطلب حضوري فمعنى ذلك أن غيابي هو الموقف. أنا لم أغب وبين قوسين (لست غاشي)، إما أن أذهب لألعب دورا أو لا أذهب، في البداية قيل عن وقفة مقام الشهيد إنها وقفة رمزية يشارك فيها أعضاء المكتب وأنا لست منهم، أما بخصوص تجمع حرشة أيضاً لم أدع له ولو دُعيت للبّيت الدعوة. أنتم اخترتم المقاطعة، لكن كيف تنظرون إلى المشاركين في الانتخابات وبينهم علي بن فليس مثلا، هل إصراره على ثقته في شفافية الاقتراع؟ بن فليس أكيد عنده ما يطمئن مساره، ما دخل مجازفة. له رجاله في السلطة وله رجاله في المعارضة أيضاً، كما له أنصاره في جبهة التحرير الوطني، وله كوادر اشتغلت معه في مساره المهني تسانده اليوم، هذا التنوع في الأنصار والمساندين يدل على أنه طمئن من قبل جهة ما أن أصواته سوف تحمى لتصل إليه، وإذا تحقق هذا -حماية أصواته- أعتقد أن مفاجأة سوف تحدث يوم 17 أفريل. وعلى ذكر المفاجأة، كيف قرأتم رسالة الرئيس اليمين زروال، على المستوى السياسي؟ رسالة الرئيس زروال رسالة عميقة جدا، وجاءت في وقتها، عمقها متأتٍ من ثلاث جهات: الأولى أنه برّر لماذا نطق، حتى لا يؤول كلامه تأويلا جانبيا يفسر بما استفز به قومه من الأوراسيين، وبذلك سد هذا المنفذ. الشيء الثاني هو أنه ممتعض جدا من تعديل الدستور الذي استهدف المادة 74 في فتح العهدات، الدستور الذي عدله هو ليغلق العهدات سنة 1996، واعتبر فتح العهدات بداية الانزلاق، وهذا أمر دقيق. أما المسألة الثالثة فهي أنه دعا إلى عهدة انتقالية، وهذا معنى عميق جدا، حيث يتم إعادة بناء الجزائر بين 2014 و2019 مهما يكن الرئيس القادم، يجب أن تكون أولوياته إعادة بناء الدولة الجزائرية، وإرجاع القطار إلى مساره خلال العهدة الانتقالية التي لا يزيد عمرها عن 5 سنوات، وهو زمن كافٍ لإعادة ما سمي ذات يوم بالتقويم الوطني. هو يقول "مهما كان الرئيس"، لنفترض أنه الفريق نفسه اليوم الداعم لعهدة رابعة، هل تعتقدون أن هذا واقعي؟ الذين اطلعوا على رسالة المترشح بوتفليقة، أول أمس، يمسكون بملاحظتين أساسيتين، الأولى أنه أعاد صياغة خطاب 15 أفريل 2011، والثانية أنه استشعر ذنبا ما، يريد أن يكفّر عنه، بإعادة غلق العهدات وتعميق الإصلاحات والاطمئنان على الجزائر قبل سفره، هذا ما يجعلني شخصيا أتوقع - على ضوء ما قاله في رسالته- أن تكون أول نقطة في برنامجه تعديل الدستور بشكل سريع، ربما في شهر جويلية مثلا، من أجل غلق العهدات واستحداث منصب نائب الرئيس وتوزيع صلاحيات رئيس الجمهورية على الجهاز التنفيذي والتشريعي وإشاعة -أو بصورة أدق- فتح الحريات والتركيز على المسارات الاقتصادية. وإذا أخذنا رسالة زروال مع رسالة بوتفليقة، كرئيسين، نجد أن جيل الثورة بدأ يستشعر بالذنب الذي ارتكبه في حق أبنائه من جيل الاستقلال وما بعد الاستقلال (ما بعد 5 أكتوبر 88)، لأن الخطأ في حق جيلين بحاجة للفعل ليأخذ الجميع بزمام المبادرة من أجل أن يتم التحول السلس والمرن والواثق من جيل حرّر الجزائر إلى جيل سوف يساهم في استكمال بنائها وفق ما جاء في بيان أول نوفمبر. في سياق الرسائل والمواقف، منذ فترة قريبة، خرج رئيس الحكومة السابق، مولود حمروش، أيضاً عن صمته الطويل في رسالة وفي ندوة صحفية، كيف تنظرون إلى ذلك؟ حمروش يحضّر نفسه إلى ما بعد بوتفليقة، والمحيطون به من المقربين يعتقدون أنه آخر طلقة في مدفع جيل الثورة، فعلى هذا الأساس يتم تلميعه لما بعد بوتفليقة وليس معه. لوحظ على الساحة السياسية والإعلامية، مؤخرا، ما يمكن وصفه ب "التشنج" بين المؤسسة العسكرية والرئاسة، ثم حديث عن انقسامات داخل المؤسسة العسكرية، هل تعتقدون أنه حدث اتفاق أو ما يمكن وصفه ب "صفقة" بين المؤسستين؟ لا اتفاق ولا صفقة، هم كانوا يتناقشون بحدة حول هل يترشح بوتفليقة أو لا يترشح، وهو نفسه كان مترددًا، وتردده مع صمته جعلهم يبحثون عن البدائل، فاختلفوا حول البدائل وليس حول بوتفليقة لأنه مرشحهم جميعا، فلما أسر بوتفليقة إلى وزيره الأول أن يعلن نيته في الترشح، أدرك الجميع أن الذي كانوا يتناقشون فيه بحدة لم يعد له مبرر للاستمرار، لأنهم كانوا يبحثون عن الوجه الذي يخلفه بين سلال، بن فليس، أحمد أويحيى أو حمروش... فلما أبدى الرئيس رغبته في الاستمرار لعهدة رابعة "قطعت جهيزة قول كل خطيب"، وأسدل الستار على المشهد الذي كان سيدفع بمرشح توافقي إلى الحلبة. إذا قارنا بين انتخابات العهدة الثالثة لبوتفليقة والرابعة، تواجه الأخيرة احتجاجات كحركة "بركات" و«المقاطعون"... وغيرهم، هل تعتقدون أن هذا فيه مقدمات ربيع عربي حتى وإن كان هناك اختلاف في التفاصيل؟ الطبيعة البشرية تمل الثواء، أو الإقامة الطويلة، وقيل حتى عن بعض الخلافاء "أطالوا فأملهم الناس" مع أن حكمهم كان راشدا. الرأي العام في الجزائر كان يراهن على أن يتوقف بوتفليقة عند عهدتين، على أساس أن العهدة الأولى كانت مبررة بالوئام المدني، والثانية مبررة بالمصالحة الوطنية، أعطوه استثناء في العهدة الثالثة وكان مبررا باستكمال ما بدأه على أساس المادة 47 من قانون المصالحة الوطنية، التي تقول إن للرئيس الحق في أن يقترح ما يراه مناسبا للاستكمال، لكنه لم يستكمل، ولم يأخذ المبادرة لقراءة هذه المادة، فمرت العهدة الثالثة شبه فارغة، حتى الإنجازات كان مجرد مخلفات وبقايا العهدة الثانية على كل المستويات، ما عدا ما تحصلت عليه المرأة من حقوق طبقا للمادة 31 من الدستور المعدلة. هذا الملل الذي تسبب فيه محيط الرئيس، لاسيما أن قضايا فساد تفجرت بشكل عابر للقارات بين 2009 إلى 2014، جعل الأصوات الخافتة التي كانت تنادي بضرورة التغيير تكسب في الميدان من كانوا يتكلمون بصوت خافت عن ضرورة التغيير، وأصبح ما يقال في الكواليس يقال بصوت مسموع، وتجمع الكل بطي اللون الأيديولوجي ورفعوا شعارهم "ليس حبا في علي ولكن بغضا لمعاوية". كسياسي، هل ترى أنه من المعقول والأخلاقي أن يُرشح رجل في وضع صحي كوضع الرئيس، ويخاطب الشعب عن طريق وكلاء؟ هذا يعود إليه هو شخصيا، بما يعرفه من وضعه الصحي، وبما يعرفه من حب قطاع واسع من شعبه له، وبما جاء في رسالته أول أمس عندما قال إن التجربة التي أكسبني إياها مساري تمنعني من ألا استجيب للذين يرغبون في أن أواصل. لا أحد يستطيع أن يقرر في مكانه، هذا عن الجانب الأخلاقي. أما عن الجانب السياسي، شخصيا كنت أتمنى -كشخص اشتغل مع بوتفليقة وعرفه وعرف علاقاته بالناس...-، أن ينتظر أن تجمع له التوقيعات و48 ساعة قبل انتهاء المدة التي يحددها المجلس الدستوري لتسليم ملفات الترشح يخرج للناس ويشكرهم ويقول "أعرف أنكم ترغبون في أن أواصل ولكن لكل أجل كتاب وأديت للجزائر ما استطعت"، كنت أتمنى أن يخرج الرئيس كبيرا كما دخل كبيرا. لكن هناك إجماع حول سعي وإصرار "عصبة" لاستمرار الرئيس في الحكم حفاظا على مصالحها، وليس لرغبته الشخصية في ذلك؟ هناك مثل فرنسي يقول "يمكنك جر البقرة للنهر ولكن لا يمكنك إجبارها على الشرب"، لو لم يذهب الرئيس إلى المجلس الدستوري بنفسه وذهب شخص آخر بدلا عنه لكان لهذا الكلام معنى مختلف ولكنّا شككنا في العملية بأسرها، لكنه ذهب وقال "جئت نسلم عليكم وأترشح طبقا للمادة 36..."، انتهى الموضوع. أكيد لمحيطه مصالح ومنافع، لكن في اعتقادي هذا لا يجبر الرئيس عن الإعلان عن رغبته في الترشح، ورسالته الأخيرة تؤكد ذلك. على ذكر الرسالة مجددا، قلتم إن الرئيس استشعر ذنبا ويريد التكفير عنه بتعديل الدستور وتعميق الإصلاحات، كان هناك وعود وكلام من هذا القبيل في أفريل 2011 وماي 2012، لكن لا شيء تحقق، ما الفرق؟ في 2011 لم يستشعر ذنبا وإنما خطرا، والفرق أن الأول صاحبه يتعامل أخلاقيا والثاني صاحبه يتعامل بذكاء لإيجاد مخرج ما. خطاب أفريل 2011 كان بوتفليقة يبحث فيه عن منافذ للخروج وبالفعل وجدها وخرج، لكن الرسالة الأخيرة لا تدل على أي شعور بالخطر، شخصيا أحسست بأن هذه الرسالة ليست جديدة، بل كتبت منذ مدة وبعثت، حتى أنها ربما كتبت قبل أن يعلن سلال عن ترشح بوتفليقة من وهران، لأنها لم تنشر إلى الكثير من الأحداث الأخيرة، وفيها إحساس بالحرج تجاه جيلين ولدا بعد الاستقلال وما يزالان على رفوف الانتظار. وما هو تفسيركم لعودة حليفيكما السابقين، أحمد أويحيى وعبد العزيز بلخادم، إلى واجهة الأحداث؟ أظن أن الرئاسة في لحظة من اللحظات أحست أنها ليست بحاجة إلى أحد، ونقل إليها كلام مفاده أن بعض الشخصيات كبرت وعينها على انتخابات 2014، فتم تسريح قائدي كتيبتي الأفلان والأرندي بعد أن انسحبت كتيبة حركة مجتمع السلم من التحالف، لأننا كنا الثلاثة نمثل جيشاً سياسيا، ونحن فككنا الارتباط لأسباب كثيرة جدا، ولما ضاقت الدائرة على محيط الرئيس استنجدوا بضباط الاحتياط، وفي اعتقادي أن بلخادم وأويحيى ضابطا احتياط تم استدعاؤهما لمعركة حشد لها كل طرف احتياطيه في التدريب والزحف والقدرة على المناورة. كيف تنظرون إلى الوضع الذي تعرفه ولاية غرداية؟ الوضع بغرداية ليس بجديد، لكنه في كل مرة يعالج بالمراهم لتسكين الوجع دون علاج، وعندما فكرت وجدت أن هذا الوضع يتجدد كل 10 سنوات، وشخصيا ذهبت إلى غرداية سنة 1984 رفقة الشيخ بوسليماني، وبعدها، ما عدا هذه السنة، وجلست وتكلمت مع إخواننا الإباضية وإخواننا المالكية هناك ولم أجد أي مشكلة، وحتى في الفقه -أنا فقيه- وأعرف أنه لا وجود لاختلافات جوهرية بين هذين المذهبين، وكتبت مرة مقالا بهذا الخصوص بعنوان "الموطأ أخ النيل"، نستطيع الصلاة والصيام والزواج.. على الطريقة الإباضية ولا مشكل في ذلك لأن لا شيء فيه يغضب الله أو الرسول (ص)، لذلك أعتقد أنها مسألة سياسية وفيها قابلية للاستغلال، هناك أطراف لا يرضيها أن يستقر الوضع بغرداية، وكل عشر سنوات تلقي بحجر لتعكير المياه الراكدة للاصطياد فيها، لذلك أعتقد أنه لا بد من الذهاب إلى عمق الأشياء لحلها بشكل جذري، وليس بحلول تفخخ المستقبل وتؤسس لانشقاق عمودي في المجتمع. في رأيكم ما هو وزن الإسلاميين، اليوم، في الساحة السياسية؟ الإسلام من 1962 حتى 2002، كان أيديولوجيا، كما كانت الاشتراكية والتروتسكية.. وغيرها كذلك، لكن بعد 2002 وتحديدا بعد أحداث 11 سبتمبر، بدأت الأيديولوجيات تتحلل من ألوانها، لم يعد الحمر حمرا، ولا الخضر كذلك، ولا حتى البرتقاليين وكل ثورة تتلون تفشل، وكل حكم يتأدلج مآله الفشل، نحن بحاجة إلى رفع الوصاية عن الأيديولوجيات ونجعل من هذه التوجهات نوادٍ ثقافية للنقاش والحوار. لذلك أعتقد أن الرئيس أو الزعيم المفكر أو السياسي... المقبل، لا بد أن يتحلل من ألوانه الأيديولوجية ويطرح برامج لحل المشكلات، اليوم في عصر الانترنت والتكنولوجيا أصبح الدين والأيديولوجيات مطروحين بين أيدي الجميع، لأن ثورة الاتصال كسرت الحواجز بين المتلقي والمعلم، ونحن اليوم بحاجة إلى أيديولوجيا غير مؤدلجة. لكن من جيوب الحركات والأحزاب الإسلامية المؤسسة خرجت عدة توجهات جديدة ومختلفة، ربما هذا ما يقود لطرح سؤال "من هم الإسلاميون اليوم"؟ الإسلاميون لم يعودوا مهيكلين في جسم واحد، فرقتهم الأزمات وأنضجتهم الأحداث، فصاروا مدركين أن الدخول من باب واحد انتحارا، والواجب أن يدخلوا من أبواب متفرقة لينقلوا إلى الناس درسين هامين، أولا أن الإسلام ليس برنامجا، بل دين والإيمان به من منطلق الكتاب والسنة وليس من منطلق الحزب، وثانيا أن الحزب الإسلامي ليس مسجدا ولا موعظة، بل هو برنامج اجتهادي سياسي يصيب أنصاره ويخطئون كما يصيب ويخطئ كل حملة البرامج السياسية، هذه الثقافة الجديدة من شأنها نقل التيار الإسلامي من فقه الجماعة إلى فقه المجتمع، ومن إمامة الصلاة إلى الإمامة السياسية.