أتلفت السلطات الجزائرية قبل أسابيع أكثر من 1.5 مليون أسطوانة مقرصنة، ضبطت خلال دهم "مصانع" تنتج عشرات الآلاف منها يوميا، في ظاهرة تكاد تقضي على الإنتاج الموسيقي في بلد موسيقى الراي. ويقول مدير ديوان حقوق المؤلف والحقوق المجاورة سامي بن الشيخ الحسين، "إن هناك "مختبرات" لإنتاج الأقراص المدمجة المقرصنة بكميات صناعية (...) والكميات التي نضبطها في كل عملية لم تعد بالمئات أو بالآلاف بل بعشرات الآلاف". ويضيف: "نحن نضبط في كل عملية 40 ألف إلى 50 ألف قرص"، وآخر عملية بهذا الحجم حصلت قبل شهرين حين دهمت قوات الشرطة والدرك وأعوان ديوان حقوق التأليف مشغلا لإنتاج الأقراص المدمجة في حي المدينة الجديدة الشعبي في وسط وهران، بناء على معلومات تقدم بها أحد باعة الأقراص المنسوخة. وعثرت قوات الأمن هناك على 18 آلة ناسخة للأقراص المضغوطة، يمكن أن تنتج 25 ألف قرص في اليوم، كما أوضح بن الشيخ الحسين. وفي وهران عاصمة أغنية الراي، من الطبيعي أن يكون الشاب خالد والشاب مامي والنجم الذي فرض نفسه في السنوات الأخيرة الشاب بلال، أكثر المغنيين ضحايا للقرصنة. وعلى الرغم من أن الشاب خالد لا ينتج ألبوماته في الجزائر، فهي تباع بشكل كبير فيها "وكلها مقرصنة". وقال الشاب خالد: "لديّ عقد مع شركة "يونيفرسال" ولا يمكنني توقيع عقد آخر مع شركة أخرى، وأؤكد أن كل ما ينتج في الجزائر مقرصن وغير قانوني". وأضاف: "أتعرض للقرصنة منذ 40 سنة، منذ أن أصدرت أول أغنية لي في 1974. والمنتجون يستغلون الفنانين المحليين، فهم يبيعون أضعاف ما يعلنونه». ووفق صفحة الشاب خالد على موقع "يونيفرسال"، فإن ملك الراي باع أكثر من عشرة ملايين أسطوانة في العالم، قبل إصدار ألبوم "سي لا في". أما في الجزائر، فإن الشاب بلال يحتل ساحة أغنية الراي التي تصدر بشكل "قانوني" في الوقت الحالي، فهو باع خلال السنوات الخمس الماضية 3.2 مليون أسطوانة أي بمعدل 600 ألف في السنة من دون احتساب النسخ المقرصنة، وفق ديوان حقوق التأليف. إن القرصنة تكاد توقف الإنتاج تماما بالجزائر والمنتجون يرفضون المغامرة بإخراج ألبوم ستتم قرصنته قبل أن ينزل إلى السوق. وإذا كان الشاب خالد وبلال يحققان مبيعات كبيرة في الخارج تجعل تأثير القرصنة في منتجاتهما أقل ضررا، إلا أن مطربين محليين "يعانون البطالة"، وعدد هؤلاء يفوق 2600 مطرب. المطرب عبد العزيز بنزينة، هو أحد أعمدة الأغنية الأندلسية (المالوف) وحقق شهرة في السنوات الماضية. وأكد أنه لم يجنِ من نجاح أغانيه إلا الشهرة. أما "المبيعات فلا يعرف أصلا حجمها. والفنانون يعانون البطالة والقرصنة تكاد تقتل الفن وأنا شخصيا أفكر أحياناً في التوقف عن الغناء".وأشادت المنظمة العالمية لحقوق التأليف بجهود الجزائر في مجال محاربة القرصنة، إذ انتقلت من نسبة 80 في المئة إلى أقل من 40 في المئة في الثلاث سنوات الأخيرة، وفق ديوان حقوق التأليف. وأكد مدير هذه الهيئة أن "الجزائر قامت بخطوات عملاقة، فنحن نتحرك في العمق للوصول إلى المنتجين الحقيقيين وليس الباعة في الطرق". وأفاد مصدر قضائي بأن عدد الدعاوى المتعلقة بالقرصنة بلغ 170 دعوى كانت تنتظر البت خلال العام 2013 وحده. وصدر في 2009 قانون يمنع تحميل المنتجات الفنية عبر الشبكة العنكبوتية، ويحمّل مسؤولية مراقبة ذلك لمزودي خدمة الإنترنت. إلا أن هذا القانون لم يطبق على أرض الواقع لعدم صدور النصوص التطبيقية له. إضافة إلى قرصنة الأغاني، يواجه ديوان حقوق المؤلف مشكلة مع القنوات الفضائية التي تعمل في الجزائر، لكنها تبث من الخارج. وتعرض هذه القنوات آخر أفلام هوليوود، بمجرد صدورها في الولاياتالمتحدة. ومصدر هذه الأفلام هو القرصنة. ويمكن الحصول على آخر انتاجات السينما والموسيقى العالمية في شوارع العاصمة الجزائرية بنوعية جيدة، وهؤلاء الباعة قليلا ما يتعرضون للمضايقة "لأن جهود مصالح الأمن مركزة أكثر على المنتجين الكبار"، كما أكد مصدر أمني. وتسعى الجزائر منذ 2001 إلى الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية، ومن بين معوّقات ذلك "حماية الملكية الفكرية ومحاربة القرصنة".