أكدت مصادر عسكرية ليبية سقوط 43 قتيلاً وأكثر من 100 جريح في الاشتباكات التي وقعت امس السبت، بين الجيش الليبي وعناصر مسلحة تابعة للضابط المتقاعد خليفة حفتر، بحسب مصادر ليبية، يأتي ذلك في أقل من 24 ساعة على سحب الجزائر لديبلوماسييها وإغلاقها للسفارة بشكل مؤقت في طرابلس نظرا ل " وجود تهديد حقيقي وداهم" حسب ما أفاد بيان وزارة الشؤون الخارجية الذي تضمن ان الجزائر تلقت " معلومات مؤكدة بوجود تهديد حقيقي وداهم يستهدف دبلوماسيينا وأعواننا القنصليين، اتخذ قرار غلق سفارتنا وقنصليتنا العامة في ليبيا كتدبير وقائي ومستعجل، بالتنسيق مع السلطات الليبية" وكانت وكالة ليبيا الرسمية للأنباء قد أوردت نقلاً عن مصادر عسكرية، أن العقيد "الصافى الجازوي" التابع للواء المشاة 319، "قتل بعد ظهر الجمعة بمنطقة القوارشة"، وقال بيان للواء 319 عبر موقعه الإلكترونى إنه "مؤسسة عسكرية تتبع رئاسة الأركان العامة للجيش الليبي، وأي اعتداء عليه هو اعتداء على شرعية الجيش وشرعية الدولة، وسيتم التصدي له والتعامل معه بقوة وحزم"، موضحاً أن رئاسة الأركان العامة للجيش هي "الجهة الوحيدة المخولة بإصدار الأوامر والمهمات والتكليفات." وأوضح جاد الله في مداخلة مع قناة ليبيا الوطنية أنه صدرت تعليمات مكتوبة إلى الغرفة الأمنية والقوات العسكرية والثوار التابعين تحت قيادة الغرفة الأمنية المسؤولة على بنغازي بالتصدي لأي قوات خارجة عن الشرعية تحاول الانقلاب على الشرعية، مؤكدا أنه "لايمكن أن تأتي قوة عسكرية نيابة عن الشعب الليبي وتقرر مصيره ، واصفا ماحدث بالانقلاب. وأوضح " العبيدي " أنه كان قد تم في وقت سابق إعطاء مهلة زمنية لتشكيل تابع للواء السابق خليفة حفتر، عقب "اعتدائه بقاذف على مخزن للسلاح تابع للجيش" لكي ينضم إلى الشرعية قبل أن تتخذ الجهات الأمنية الموقف المناسب حيالهم والتصدي لهم. و طلب المجلس المحلى لمدينة بنغازى من المؤتمر الوطنى العام والحكومة المؤقتة ورئاسة الأركان العامة للجيش الليبى بتقديم توضيحات رسمية حول ما يجرى فى بنغازى من اصطدامات واشتباكات.. ودعا المجلس فى بيان نشر على موقعه الإلكتروني وزارة العدل بتعزيز تأمين السجون بالمدينة من أي اعتداءات أو خروقات قد تستغل في ظل هذه الظروف الأمنية، بحسب ما ذكرت الوكالة الرسمية. ووجه رئيس الأركان العامة للجيش الليبي نداءً إلى أهالي مدينة بنغازي والشعب الليبي بالتصدي للإرهاب أياً كان مصدره، مؤكداً أن التعليمات الصادرة للغرفة الأمنية المشتركة في بنغازي هي ضرب أي محاولة لدخول مدينة بنغازي . ونفى العبيدي ماتناولته بعض وسائل الإعلام حول سيطرة القوات التابعة لحفتر على بعض المقرات في بنغازي، وأن الجيش الليبي والثوار يدافعون عن المدينة لإحباط أي محاولة للسيطرة على الشرعية. وقال الناطق الرسمى بالقوات الخاصة بالجيش الليبى العقيد ميلود الزوى، لوكالة الأنباء الليبية إن القوات الخاصة ببنغازى في حالة استنفار تام داخل معسكرها بمنطقة بوعطنى.. ورصد مراسلو الوكالة الليبية انتشارا عسكرياً كثيفاً بالمنطقة المحيطة بمدينة بنغازي من جهة البحر ومداخل المدينة، ووصفوا الوضع في المدينة بأنه يشوبه الحذر الشديد. أثار قرار وزارة الخارجية القاضي بسرعة سحب ديبلوماسييها وأعوانها القنصليين من طرابلس امس الأول، بعد توافر معلومات عن تفجر الأوضاع بين الأطراف المتحاربة، ارتياحا لدى المتابعين للشأن الأمني والسياسي الجزائري، الذين حاورتهم "الجزائر نيوز" في هذا الملف، حيث رأوا أن القرار السريع بغلق السفارة مؤقتا تحسبا لأي "خطر داهم يستهدف حياة الممثلين الديبلوماسيين" يعد أمرا ذا أهمية، ويؤكد في ذات الوقت ان "وزارة الشؤون الخارجية " قد تعلمت من دروس مالي في عام 2012 . وذلك حين قامت "حركة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا" بخطف سبعة دبلوماسيين جزائريين من القنصلية العامة بمدينة غاو شمال مالي أبريل 2012. وذلك اثر تدهور الأوضاع الأمنية وسيطرة الحركة على غاو، وقد ترددت انباء حينها عن ورود معلومات مسبقة للخارجية عن إمكانية تعرض الديبلوماسيين للخطر . إلا أن التحرك البطيء قد تسبب في مأساة الديبلوماسيين السبعة التي وقعت منذ اكثر من عامين . و المعروف ان التنظيم الإرهابي قد أفرج عن ثلاثة من الدبلوماسيين في 15 جويلية 2012، وأعدم في أكتوبر 2012 الدبلوماسي طاهر تواتي بعد رفض الجزائر الاستجابة لمطلب التنظيم الإرهابي الإفراج عن القيادي في القاعدة أبوإسحاق السوفي الذي اعتقل في 15 أوت من نفس السنة جنوبي الجزائر رفقة مساعديه. والأمر بالنسبة لمتابعة وزارة الشؤون الخارجية، لا يتوقف عند ملف ديبلوماسييها في مالي فحسب، بل هناك تجارب مأساوية عرفتها الساحة الليبية خلال الثلاث سنوات الماضية، من خطف ورهن الديبلوماسيين والسياسيين بما في ذلك رئيس الوزراء الليبي السابق علي زيدان، الذي تعرض للخطف من قبل جماعة ليبية مسلحة، من أجل الحصول على مكاسب سياسية ومالية، وهو ما قد يثير مزيدا من الحيطة لدى التعاطي مع الجماعات المنفلتة في الساحة الليبية . كما تعرض السفير الأردني في ليبيا فواز العيطان للخطف في أفريل الماضي، وذلك بعد هجوم على موكبه في طرابلس. وأطلق سراحه الثلاثاء الماضي في إطار عملية تبادل سلم خلالها الأردنطرابلس جهاديا ليبيا. كما خطف مسلحون في جانفي الماضي خمسة دبلوماسيين مصريين وأفرج عنهم بعد يومين. كما خطف موظف في السفارة التونسية في طرابلس في شهر مارس.. مما يعني ان خطف الديبلوماسيين العرب والأجانب اصبحت وسيلة جديدة لممارسة الابتزاز السياسي والمالي من قبل الكتائب والجماعات المسلحة الليبية . وذلك في ظل تدهور الأوضاع الأمنية والسياسية وسيادة الانفلات الأمني في غياب تام لدور الدولة الضابط للأمن والسلم الأهليين . م. ابو بكر قراءتي لهذا القرار أنه يندرج في إطار عملية احتياطية فرضها الوضع القائم بليبيا، ولتفادي وقوع أي مكروه أو ضرر لموظفي السفارة. مبادئ السياسة الخارجية الجزائرية على مستوى العلاقات الدولية مبنية على عدم التدخل في شؤون الداخلية للدول، فهي ترفض تدخل دولة بمفردها أو مجموعة دول في شؤون الداخلية، حتى لما شكل هذا الوضع تهديدا على أمن الجزائر لم تتدخل في الشأن الداخلي لليبيا وإنما عمدت إلى أخذ الاحتياطات الأمنية اللازمة ودعم الجهود الرامية إلى تعزيز قوتها في المنطقة، وهذا ما نلتمسه في تصريحات المسؤولين الذين يؤكدون التزامهم بمبادئ السياسة الخارجية وعدم التدخل، وقد وضعت الجزائر دائما الترتيبات لمكافحة الإرهاب ما جعل امريكا اليوم تشيد بالجهود المبذولة من قبلها في هذا الإطار. لابد من التوضيح بأن أسباب غلق السفارة لا تتعلق بالتنديد على سلوك أو تصرف او شيء لم ترضاه الدولة الجزائرية صدر من ليبيا، وإنما لاحتياطات أمنية هدفها الحفاظ على سلامة جزائريين بهذه الدولة لاسيما بعد الأحداث التي عرفتها هذه المنطقة نظرا لتدخل الجيش والجماعات الإرهابية المسلحة وبالتالي تم تأويل استمرار هذه العمليات بعواقب وخيمة على السفارة، لذلك لايمكن الجزم بأن السفارة تلقت تهديدا رسميا، وبناء على الوضع العام السائد الذي تميز بالتوتر طيلة هذه الفترة قررت غلق السفارة لاسيما وأن عمليات الخطف طالت العديد من الديبلوماسيين على غرار ما وقع مع ديبلوماسي أمريكي وبالتالي يمكن القول بأن الجزائر أرادت تفادي التعرض لمثل هذا الموقف. سألته:سارة.ب أكد الخبير في الشؤون الأمنية ، الدكتور عظيمي أحمد، ان قرار غلق السفارة الجزائرية بليبيا ضرورة يفرضها توتر الوضع القائم بهذه الدولة، مستبعدا بذلك أن يؤثر ذلك سلبا على العلاقات بين البلدين، لأن الجزائر من مصلحتها ان تقف إلى جانب ليبيا وتساعدها. هذا شيء منتظر لأن مادام أن الدول الاوروبية وأمريكا قرروا اسقاط النظام الليبي وكانوا على علم بأن بؤر التوتر في شمال افريقيا والساحل تؤثر على الجزائر، وهم على يقين بأن ليبيا دولة بدون جيش وبالتالي الدولة التي لا تملك جيشا قويا منظما لا يمكنها الصمود في مثل هذه الحالات غلق السفارة الجزائرية بليبيا أمر ضروري لأنها أرض بلا سلطة انتشرت فيها الأسلحة والمجموعات الإرهابية التي تنشط فيها كما تشاء وبالتالي لا توجد سلطة ولا دولة وغلق السفارة هو الحل الوحيد أمام الجزائر بدليل أن رئيس الحكومة الليبية اختطف، وزير الدفاع تم الاستيلاء على مكتبه، والغلق المؤقت قد يكون على نحو 20 أو 30 سنة على الأقل في ظل غياب جيش ومؤسسة أمنية بليبيا بعد سقوط عائلة معمر القذافي ، وهو ما كان يمكن أن يحدث بالجزائر لو لم تكن تملك جيشا قويا، واعتقد بأن الهجمات الأخيرة على المؤسسة الأمنية المراد منها جعل الجزائر مثل ليبيا. من مصلحة الجزائر أن تقف إلى جانب ليبيا وتساعدها، لكن للأسف لا توجد سلطة تتعامل معها الجزائر لنقول بأن العلاقات الديبلوماسية ستتأثر بذلك. بالطبع الجزائر دولة مجاورة لليبيا وتتاثر بالوضع العام السائد بهذا البلد وهو ما يفرض الضغط وتكثيف الجهود من أجل حماية الحدود والتصدي لكل ما من شأنه المساس باستقرار الجزائر.