انفلات أمني خطير في بنغازي أعلنت السلطات الجزائرية عن غلق "مؤقت'' لسفارتها وقنصليتها العامة بليبيا وهو "تدبير وقائي" بسبب "وجود تهديد حقيقي وداهم" يهدد الدبلوماسيين والأعوان القنصليين بهذه الدولة الجارة حسب بيان صدر أمس الجمعة عن وزارة الشؤون الخارجية، ويبدو واضحا أن التدهور الخطير للوضع الأمني في الجارة الشرقية للجزائرية عجّل بصدور هكذا قرار، دون أن يُنقفص ذلك شيئا من وقوف الجزائر إلى جانب شقيقتها ليبيا في ظل الظروف الصعبة التي تعيشها. وجاء في بيان وزارة الخارجية انه "إثر وصول معلومات مؤكدة بوجود تهديد حقيقي وداهم يستهدف دبلوماسيينا وأعواننا القنصليين، اتخذ قرار غلق سفارتنا وقنصليتنا العامة في ليبيا كتدبير وقائي ومستعجل، بالتنسيق مع السلطات الليبية". وأكد البيان على "الطابع المؤقت لهذا الإجراء الذي أملته الظروف الأمنية الصعبة" قبل أن يذكر من جديد بتضامن الجزائر "الراسخ مع الشعب الليبي والسلطات في الشقيقة ليبيا" ودعمها للجهود التي تبذل "لبناء دولة القانون والمؤسسات ولاستتباب الأمن والاستقرار في ربوع هذا البلد الشقيق". ومعلوم أن ليبيا تعيش ظروفا أمنية في غاية التعقيد والصعوبة، وانعكس ذلك على أوضاع الموظفين الأجانب بها، خصوصا الدبلوماسيين منهم، الذين باتت حياتهم في خطر حقيقي. وبلغ انفلات الوضع الأمني بليبيا أوّجه في الأيام الأخيرة، وما شهدته مدينة بنغازي في الساعات القليلة الماضية إلى نموذج بسيط عن ذلك، حيث قصفت طائرة حربية موالية للقائد العسكري المنشق خليفة حفتر معسكرا لكتيبة 17 فبراير التابعة للثوار في مدينة بنغازي شرقي ليبيا أمس الجمعة، وهو ما وصفه رئيس الوزراء المؤقت عبد الله الثني بأنه "أمر غير مشروع". وقالت مصادر إعلامية إن طائرة حربية تابعة لحفتر -وهو قائد سابق للقوات البرية والبحرية- قصفت معسكرا للكتيبة التابعة للثوار بصواريخ من طراز "سي فايف"، موضحا أن القصف أصاب منطقة سكنية مجاورة للمعسكر، مما دفع عددا من الأهالي لمغادرة منازلهم. وسجلت وكالة رويترز مقتل شخصين على الأقل جراء القصف. وذكرت وكالة الصحافة الفرنسية أن القوات المتمركزة في المعسكر ردت على القصف بنيران المدفعية المضادة للطيران. وأضاف المراسل أن الطائرة أقلعت من مطار بنينا شرقي بنغازي. وعلى الصعيد الرسمي، قال رئيس الحكومة المؤقت عبد الله الثني إن خروج أية مجموعات عسكرية بدون إذن وزارة الدفاع أمر "غير مشروع"، مشيرا إلى أن عهد الانقلابات ولّى ولا مكان ل"الإرهابيين" في ليبيا بعد ثورة 17 فبراير التي أطاحت بالعقيد الليبي الراحل معمر القذافي أواخر عام 2011. وأضاف في مؤتمر صحفي أن ما يحدث في بنغازي "محاولة لاستغلال الوضع الأمني للانقلاب على الثورة". ونقلت مصادر إعلامية عن المتحدث الرسمي باسم رئاسة أركان الجيش العقيد علي الشيخي أن رئيس الأركان عبد السلام العبيدي وصف القوات العسكرية التابعة للواء حفتر ب"غير الشرعية"، وأنه يجب على العسكريين والثوار التابعين لرئاسة الأركان التصدي لها، وحماية المعسكرات التابعة لأركان الجيش الليبي. وفي منطقة الهواري ببنغازي أيضا، قتل عقيد بالجيش وأصيب عشرة أشخاص بجروح في اشتباكات بين جنود تابعين لحفتر وبين عدد من الثوار، وفق ما أفاد المراسل. من جهته، وصف مدير مكتب الجزيرة في بنغازي عبد العظيم محمد الوضع في ليبيا ب"الخطير"، لا سيما أنه في منطقة مضطربة والدولة في حالة ضعف. وكان حفتر أعلن في فيفري الماضي في بيان مصور بدا خلاله بالزي العسكري مبادرة "لوضع خارطة طريق" تتضمن عدة نقاط، من بينها تعليق عمل المؤتمر الوطني والحكومة، وتشكيل لجنة رئاسية، وهو ما وصف حينها بأنها محاولة انقلاب فاشلة. وعقب ذلك انتقل حفتر للمنطقة الشرقية، وظهر في مؤتمرات يدعو لإغلاق المطارات الشرقية في وجه أعضاء المؤتمر، ودعا لإسقاط الحكومة، وواصل الحشد بمساعدة عدد من القبائل ومجموعة الضباط السابقين من بينهم رئيس أركان سلاح الجو الذي أقالته الحكومة، وفق ما ذكر مدير مكتب الجزيرة. وأشار محمد إلى أن المعلومات المتوفرة حول القوات التابعة لحفتر تقول إنها تتمركز في معسكر قريب من بنغازي وتتكون من خمسمائة سيارة وخمسة آلاف مقاتل. يذكر أن مدينة بنغازي تشهد هجمات يشنها مسلحون على قوات الأمن والجيش ورجال القانون والإعلام والنشطاء السياسيين بسبب انتشار المليشيات المسلحة في ظل الانفلات الأمني الذي تشهده البلاد بصفة عامة منذ الإطاحة بالقذافي.