إلى الراحلة عمتي: بعيدا هناك تغني لهم سأبتعد عن هذا الكون سأرحل.. ببطء ببطء تشهق روحها وتصرخ دموعا ألم الشوق للتراب هناك أين أيديهم تنتظر من أفق السماء بعيدا هناك تحتضن التراب تقبل التراب تزرع جسدها لتبتعد من هنا لتخلد أسطورة لتبقي صورها وصوتها المحفور في أذاننا أين اللقاء حيث نقطة الفراق عن الأرض من الأرض إلى السماء يا أيها الموت كبقعة سوداء بين أضلعي كقطعة عذاب تسافر بي يا أيها الموت أناشيدك لا تنتهي وأساطيرك المزعجة لا تنتهي من تراب إلى تراب وقصصنا معك منذ الأبد البعيد يا موت قصيدة عربية مطولة تعلق على قماش الكون الأسود يا قبلة الشواهد وسكينة الأرواح وعنفوان أحزاننا يا موت هذا الجسد تمزقه دودة باطن الأرض تشبَعَه، تعفّنه وقلوبنا تتقطع أوصالها إلى الفراق كل صورة كل همسة كل الشواطئ حيث منزلنا حيث لغتنا تاريخنا ألمنا رعشتنا ذنوبنا مغفرتنا كلها لك يا موت هذا الجسد قصيدة تتقطع تتمزق تغنى تلحن تروى تحت هذا التراب يا نقطتنا السوداء يا ضعفنا مأوانا في الغيب لقاءنا شهوتنا للدم عروبتنا وطغيان التاريخ الأبدي لولاك يا موت لبقي بروموثيوس يخلق أعذارا للبشر لولاك لخلدت عشتار حبا صافيا لهذا الكون قصيدة مخبأة للقدر شهوتك فراق لكل ما هو حب أنستك دموعا يذرفها الأحبة من القلب لغتك "وكل نفس ذائقة الموت" يا قرآنا وزبورا يا إنجيلا كل موت بلغة واحدة هذا الجسد المدفون بنفس اللغة هذا الجسد يغني ألم الرحيل يغني ألم الفراق رائحة الكون رائحة الجسد تشهق الروح وتبقى أنت يا موت قصتنا للأبد يا موت شاهد الرحيل من مقبرة الغيب نبوح لك هذا الحب الأبدي هذي القصيدة التي تعود بنا إلى هناك تحت التراب إلى التراب يعود هذا الجسد الذي خلق من تراب يا موت يا حبنا المحرم ولغتنا الغامضة في أفق الكون يا معراجنا نحو البرزخ ولقاءنا بهم تبقى القصيدة وكل لغة خلدتنا بك يا موت يا أسطورة البجع المزعج بأناشيده ومآذن الفراق إلى البعيد نحو البعيد يا رعشة الخوف الأزلي ونعش الجسد المتعب