«......ومنذها، ظل يُسائل العالمَ، وكلّ من عشِقه، عن صفات دمه التي لا يراها هو ذاته. دمه الذي كان يترصّدُ له عند مدخل فتوّة العمر، كي يأخذه بعيدا عن أصدقائه، في غفلة من منّا، كنا نظن فيها سني العمر مستحيلة الانتهاء، وإذ بها، تكذّبُ ظنّنا. دمُه الذي كان يخبؤه عنّا أياما وأياما، ثمّ يعود بعدها كأيوب كتوم، بقصيدة أو ” تمنشيرة” طيبة، تستبق ألمه “الوجيع”...» ***من قصيدة: قراءة في كف زرقاء اليمامة الراحل : مالك بوذيبة يناجيكم يا شاعرَ الليل, ليلي مالهُ قمرُ ولا نجومٌ ولا صحبٌ ولا سمرُ ليلي طويل , ولا طيف يسامرني إلاك أنت, ولا ناي ولا وتر يا شاعر الليل, ليلانا لنا وطن وخيمتان وإنا فيهما غجَر أنا وأنت سليلا نجمةٍ أفلت قبل الأوان, وغطى وجهَها الخفر جرحان نحن, وهذا الليل ثالثنا إذا اجتمعنا يذوب البرد ينصهر يا شاعر الوهم, أحلامي مزخرفة وبالقصائد, زانت وجهَها الصور دمي العطوف وقلبي المنحني خجلا للعاشقين وفاء غامر نضِر أنا الوفيّ بما قدَّمت من نذر هذي الشواهد, لو أن تصدق النذر أنا الوفي, وإن خانت ذُرى شيمي يد الزمان, وإن جافى دمي القدر يا ساحر الناي والأزهار, يجرحني عطر الصباح , ويُدمي وجنتي الزهر وتستبيني رياح الفضل ترسلها بالأمنيات, أيادي فضلك الكُثر يأيها الوعد زر لو مرةً, فأنا لو زرتني مرة في العمر, أنتظر بالمنِّ تأتي وبالسلوى ونافذتي بالياسمين يغطيها الفم العطر يا شاعر الليل، كم كانت لنا قصص مع الزمان وكم كانت لنا عِبر كيف هو الموت يا مالك؟ بقلم: سهيلة بورزق/ الجزائر هل إلتقيت الموت أخيرا يا مالك؟ .كنت مشدوهة إلى تفاصيل حزنك، كان يبدو لي عميقا تجتمع فيه ألوان الغياب كلّها، كنت أسرق من صمتك أسئلتي لأنثرها على اللغة كيف هو الموت يا مالك؟ هل هو حقيقي مثلك؟ قبل أيام قليلة.. راسلتني كنت تسأل عنّي وعن غربتي..في الأخير لا تجمعنا الأقدار إلا لتفرقنا..أمور كثيرة تحدث لنا في حياتنا ولا نتمكن من حبها كما يليق بها..أيّها الكبير في حزنك وقصائدك وقلقك ومرضك لا يمكنني أن أستسيغ خبر غيابك عن الحياة كما لو أنّك انتهيت وانطفأت فجأة.. هذا الشعرالذي يملأ المدينة والأغنيات والأمكنة والأفكار والحزن ومحطات القطار ينتصر لك أخيرا إنّه يصعد بك إلى الله ويعيدك إليك في دهشتك وقيام ساعتك وخلاصك من الأسئلة.. هل إلتقيت الموت أخيرا يا مالك؟ كيف هو؟ ما لونه؟ ما مقياس رعشته؟ ما لغته؟ أتحتمي بالموت منّا؟ لا أعاتبك..أنت ترحل بدهشة الكبار في صمت، ولا يمكنني البكاء عليك حتى لا أوقظك من رحمة الله فيك. نتعلم من رحيلك كيف أنّ الحياة في شساعتها مجرد نص يكتبنا بلغات مختلفة لا نفهمها ولا نشبهها ولا ننتظر منها أكثر من إجابة.. كيف ترحل وأنا لم أجب على آخر رسائلك إليّ بعد؟ مالك..هل مت حقا؟ هل ستدفن حقا؟ هل ستصمت حقا؟ كيف لم أنتبه في آخر رسائلك إليّ أنّك وحيد كيتم تماما كما تكتب قصيدتك في عزلة تامة؟ كنا نتناقش على الدّوام حول الفكرة واللغة والقصد والمقصود ولوعة الحبر والمجاز اللغوي وفتنة المعنى.. هناك ضوء ما يشعّ في مكانك كدهشة..أنا لست مجبرة على تصديق خبر غيابك، لكنّني مجبرة على الحزن والصمت لأجلي ..كم سيضيق بي غيابك. قدري أن يؤلمَني “مالكُ” حتى الموت بقلم: شرف الدين شكري/ الجزائر أسبوعٌ أو يزيد، وأنا أتردّدُ في مكالمته، فقد كان كثيرَ السؤال عني، ولا أيامٌ قليلة دون سؤال منه. ترددتُ كثيرا، وأجّلت مكالمتي له، من باب الدّلال حتى يهاتفني هو، ريثما انتهي من وضع اللمسات الأخيرة في ترجمتي للإعمال الشعرية الكاملة ل”مالك حدّاد”. قلتُ: سأكلِّمه هذا المساء، وأتباهى أمامه بإتمام العمل. رنّ الهاتفُ- سليم بوفنداسة على الخطّ – : “خبرٌ مزعجٌ أنقله لك يا صديق”: مالك بوذيبة توفي الآن !!! ظلّ هاتفي معلّقا إلى سماء العدم، التي كلما لاح منها بريق أملٍ، إلا وخسفت به ظلال اليأس من جديد. لماذا أجلت مكالمتي له؟ هل كان هذا اليوم فاصلا في تاريخ أحاديثنا الطويلة التي بدأت منذ عقدين ونيف من الزمن، “بالفيرمة”، حيث كان الشباب وعنفوان الأحلام والعشق المشترك لأشياء كثيرة، يجمعنا على ديانته، كشعراء اختزلوا كل شيء في دمهم، كتابةً وتجربة؟ كنت أسأله: أين ذهب دمك يا “مالك”؟ كان يجيب بكل خبثٍ ودهاء وطيبة: هو في أصابعي التي تكتب، ولك أن “تصفه” كما تشاء !!! . كتب بعدها قصيدة: “صفي لي دمي” ومنذها، ظل يُسائل العالمَ، وكلّ من عشِقه، عن صفات دمه التي لا يراها هو ذاته. دمه الذي كان يترصّدُ له عند مدخل فتوّة العمر، كي يأخذه بعيدا عن أصدقائه، في غفلة من منّا، كنا نظن فيها سني العمر مستحيلة الانتهاء، وإذ بها، تكذّبُ ظنّنا. دمُه الذي كان يخبؤه عنّا أياما وأياما، ثمّ يعود بعدها كأيوب كتوم، بقصيدة أو ” تمنشيرة” طيبة، تستبق ألمه “الوجيع”... أجّلتُ السؤال عنه حتى نهاية هذا اليوم. أجّلتُ دعوته لأفراح الأدباء ببسكرة، التي لطالما كان يلحُّ على حضورها، دونا عن سواها من المدن، وقد اختار غرفة الفندق التي تُطلُّ على وادي وسط المدينة، كي يرى أمواجَ دمه، وما عشقناه سويا تتقلّب في صفحات الذاكرة. أجّلتُ السؤال عنه، واستبقتُ ندمًا لن اغفره لنفسي متى حييت، كان وراءه مالك حاضرا دوما؛ حدّادا كان أو ذيبةً. في رثاء شاعر لم يمتْ..!! شعر: بشير ضيف الله/ الجزائر إهداء: إلى “مالك بوذيبة” -رحمه الله- ذوِّبْ حُروفكَ للقناديلِ المضيئةِ .. واشتعلْ إلى “مالك بوذيبة” -رحمه الله- ذوِّبْ حُروفكَ للقناديلِ المضيئةِ .. واشتعلْ فليس ثمَّةَ منْ يضيءُ النَّصَّ في غُرفِ الفجيعةِ ، ليس ، ليس يضيئها قمرٌ ولا أزلْ ! سقطَ السِّتارُ ممزَّقا كصباحِ يومكَ يشهرُ الغيابَ في سفَرِ الحضورِ وينتشي غيما بلا مطرٍ نصًّا بلا لغةٍ ولا لونٍ ولا جُملْ! أيناكَ؟... يَسْمقُ “مالكُ الويدان” ، يُسرفُ في العلوِّ عميقا ثمَّ أعمقَ، ثمَّ أعلى، خارجَ الظَّرفِ المعتَّقِ .. بالأجلْ! أيناكَ؟ قد فعلتْ فراشةُ نصِّكَ المفجوعِِ.. ما فعلتْ وظلَّ طيفُكَ صامتا فما الذي قد تَستطعْهُ فراشةُ الألوان بعدكَ؟ يا صديقي ... لا.. أملْ! عزاء فايسبوكي : كرونولوجيا الفقد عبد العالي مزغيش: توفي قبل نصف ساعة من الآن صديقنا الشاعر والمذيع بإذاعة سكيكدة مالك بوذيبة ،،، عن عمر 44 سنة ،،، رحمه الله ... وتغمد روحه برحمته الواسعة ... وداعا يا أيها الشاعر الصديق العزيز ... إنا لله وإنا إليه راجعون ... سليمان جوادي: آخر كلمة قلتها لي أيها الراحل العزيز : إن الله يحب التوابين ويحب المستغفرين... رحمك الله وأسكنك فسيح جناته.. أيها الشاعر المبدع ” مالك بوذيبة “ محمد الأمين سعيدي: أمرُّ بأطراف الغياب ولا أدري فيشتاقني موتي ويفرح بي قبري وألبسُ ليل الحزن كالحزن علني أضيء سماء القلب في غيهبِ السِّرِّ وأبكي على الأحباب ما دام في دمي حنين إلى ما كان لي في يد الدهر سأخرجُ من ظلِّي وأهجر طينتي وأطرق باب الله مرتديا فقري عبد الرزاق بوكبة: ينظم فضاء صدى الأقلام للمسرح الوطني الجزائري تأبينية للشاعر الراحل مالك بوذيبة [ كتاب يتحدثون عنه ويعرضون نصوصه ] يوم السبت 07 أفريل على الساعة الثانية بعد الزوال بالمسرح الوطني الجزائري والدعوة مفتوحة للجميع. على الكتاب والمثقفين الدين عرفوا الشاعر الراحل مالك بوديبة والدين يتعذر عليهم حضور التأبينية التي سينظمها فضاء صدى الأقلام للمسرح الوطني الجزائري يوم السبت 07 أفريل القادم على الساعة الثانية بعد الزوال بالمسرح الوطني أن يتفضلوا بإرسال شهاداتهم ليتم عرضها أثناء النشاط من طرف منشطة الفضاء الشاعرة لميس سعيدي، كما أننا سننتقي بعض ما كتب عنه بعد رحيله وقبله ونشر لعرضه دون العودة إلى أصحابه شاكرين لهم دلك مسبقا. أمين الزاوي: إلى مالك بوذيبة حيا دائما صعب تصديق خبر موت شاعر ماذا يا ترى يقول ملك الموت لمالك الشعر؟ سأذكرك دائما عند سماع حفيف الفراشات التي من هشاشتها بنيت عشا للقصيدة ***عيناك سيدتي!.. شعر : مالك بوذيبة عيناك سيدتي في القلب أمطرتا عيناك أغرقتا صحراء حرماني! عيناك أسكرتا أغصان داليتي عيناك أضحكتا صفصاف أحزاني! عيناك محبرتا دمع تكحلتا بالليل واحتمتا بالأسود الحاني عيناك صفصافتا حزن تعانقتا في التيه وارتمتا في غابة الزان! عيناك ساحرتا نار, وضاربتا رمل, وقارئتا كف وفنجان! عيناك سيدتي حرفان في شفتي حاء وباء هما عيناك جرحان عيناك آهان في صدري لو اجتمعا استشهد الحب, بين الآه والثاني! سران عيناك لو أني نطقتهما باحت بأصدافها أمواج شطآني! عيناك نهران, يا للكوثرين هما ! في سلسبيلهما أغرقت إنساني! عيناك سيدتي شمسان أشرقتا عيناك أبدلتا شكي بايماني عيناك مشتلتا ورد تفتحتا لولا سوادهما أبصرت نيساني! عيناك-أقسم لم أبصر بمثلهما في الحلم في الوهم في سري وإعلاني عيناك يا أنت! لم أظلمك سيدتي, إذ قلت إنّهما من وحي شيطاني! عيناك أنت، أنا أنت، وأنت أنا ألروح واحدة, والجسم جسمان عيناك أنت، أنا أمراهما بيدي لو قلت كوني! لكانا ملء أكواني عيناك أنت، أنا كنت أكونهما، لو لم تكونيهما، لو لم يكوناني! عيناك أرجوحتا موت, تأرجحتا للموت عيناك, للإعدام حبلان! سيفان عيناك، لا إلاهما قتلا, أنا القتيل ولا إلاه الآني! عيناك إني، أخيرا، قد عرفتهما عيناك حقا هما