توافد الناخبون المصريون على مقار الانتخاب لليوم الثاني على التوالي في انتخابات الرئاسة المصرية، أمس، سيما بعدما أصدرت الحكومة قرارا باعتبار أمس الثلاثاء، عطلة رسمية في المصالح الحكومية والبنوك والقطاع الخاص في محاولة لحث الناخبين على المشاركة. تدخل كلا المرشحين عبدالفتاح السيسي وحمدين صباحي ليل أول أمس، لحث الناخبين ووسائل الإعلام والحكومة بمزيد من الإقبال على صناديق الاقتراع، موجهين حديثهم إلى فئات الشباب عقب تقارير بعزوف نسبي من قبلهم يقابله إقبال نسائي ملحوظ. وبالرغم من الدعاوى والحملات التي تحفز الشعب المصري على المشاركة، فإن الإقبال بدا أقل من المتوسط، حسب بعض المراقبين. بينما ذكرت مصادر حكومية أن "الإقبال تزايد أمس الثلاثاء مقارنة باليوم الأول". وكان المستشار مسعد أبو سعدة، رئيس اللجنة العليا للانتخابات في الإسكندرية، قد أبلغ الصحفيين أمس، أن الإقبال على الانتخابات يوم أول أمس الإثنين، قد بلغ 20% تقريبا، مرجعا ذلك إلى انشغال عدد كبير من الناخبين بعملهم، بالإضافة إلى ارتفاع درجة الحرارة الشديدة، آملا أن يرتفع اليوم. الداخلية: القبض على 5 عناصر تخريبية من جهتها، أعلنت وزارة الداخلية المصرية، عن إلقاء القبض على خمسة عناصر من جماعة الإخوان المسلمين، في أسيوط، بحوزتهم قنبلتان يدويتان. وأكدت مباحث مركز شرطة أسيوط، أن المقبوض عليهم، أضرموا النيران بإطارات السيارات بمنزل كوبرى الواسطى وبحوزتهم قنبلتان يدويتان. فيما نقل مصدر أمني لرويترز، أن خبراء مفرقعات أبطلوا مفعول قنبلتين زرعتا بلجنتين انتخابيتين قبل بدء عملية التصويت. وأوضح المصدر أن عبوة ناسفة بدائية الصنع عثر عليها في مجمع مدارس بمنطقة الحوامدية القريبة من العاصمة، بينما عثر على قنبلة يدوية وضعت في مدرسة للبنات بمنطقة أوسيم بالجيزة. وفي محافظة الغربية، ألقى مجهولون يستقلون سيارة بدون لوحات قنبلة اسمنتية على نقطة تفتيش أمنية أمام لجنة انتخابية بدلتا نهر النيل (بالغربية) وفرت السيارة هاربة بينما تصاعدت الأدخنة جراء انفجار محدود أمام مدرسة السادات بقرية دمرو مركز المحلة، بحسب شهود عيان. وقد كثفت قوات الأمن من تواجدها بالقرب من المنشآت العامة وأمام المقار الانتخابية وفي الطرق المؤدية إليها وأمام أماكن إقامة القضاة، ومنعت قوات الأمن السيارات ووسائل المواصلات الأخرى من الاقتراب من مقار الانتخاب على مسافة نحو 100 متر وذلك تحسبا لأي أعمال عنف أو تفجير قد تنتج عن ذلك. بعثات المراقبة الدولية لم ترصد مخالفات من جهة أخرى، أعلنت وزارة الخارجية المصرية، أن التقارير الأولية الواردة على لسان رؤساء وأعضاء بعثات المتابعة الدولية والإقليمية للانتخابات الرئاسية تفيد بعدم رصد تجاوزات من شأنها الطعن في نزاهة العملية الانتخابية. وذكر المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، أن رئيس بعثة الاتحاد الإفريقي، أكد أن أجهزة الدولة المصرية المختلفة قامت بتوفير كافة التسهيلات اللازمة لتسهيل مهمتهم وأن البعثة لم ترصد أية تجاوزات تؤثر على عملية التصويت. كما أكدت رئيسة وفد مراقبي الجامعة العربية السفيرة هيفاء أبو غزالة، أن تنظيم التصويت بالانتخابات الرئاسية أفضل من التنظيم في الاستفتاء على دستور عام 2014، مشيرة إلى أن عملية التصويت داخل اللجان تتم بما يتفق مع القواعد التي أقرتها لجنة الانتخابات الرئاسية، ولكنها قد تستغرق بعض الوقت نتيجة لإجراءات التحقق من هوية الناخبين. كما أكد رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي لمتابعة الانتخابات، أن أعضاء البعثة يتمتعون بحرية الحركة بين اللجان، وفقا لمذكرة التفاهم، التي تم توقيعها مع الحكومة، وأن العملية الانتخابية تتم بشكل هادئ ودون أية معوقات تذكر. لجنة الانتخابات تفرض غرامة مالية على المقاطعين في السياق ذاته، أعلن الأمين العام للجنة العليا للانتخابات، عبد العزيز سلمان، أن السلطات ستوقع غرامة مالية على كل من يتخلف عن الإدلاء بصوته في الانتخابات، وفقا للقانون. وفي تصريح صحفي قال سلمان، إن "من المقرر توقيع العقوبة على من تخلف عن المشاركة في الانتخابات، وهي 500 جنيه (نحو 70 دولارا)، وفقا لقانون الانتخابات، بعد إحالتهم للنيابة العامة والمحكمة أيضا". وأوضح المتحدث باسم اللجنة، أن المحكمة هي صاحبة القرار النهائي في كيفية تحصيل الغرامة، إما بخصمها من راتب العاملين بالقطاعين العام أو الخاص، أو بطرق أخرى تراها مناسبة. من جهة أخرى، قال سلمان إنه تم اتخاذ قرار بمد التصويت أمس الثلاثاء، لساعة إضافية لينتهي في العاشرة مساء بدلا من التاسعة بتوقيت القاهرة. وأوضح المتحدث، أن القرار جاء بعد اجتماع لأعضاء اللجنة لتمكين المواطنين من الإدلاء بأصواتهم، موضحا أنه سيتم السماح لكل الموجودين في المقر الانتخابي بالتصويت وإن تجاوزت الساعة العاشرة طالما تواجدوا في مقر اللجنة قبل موعد غلق اللجان. مجلس الوزراء معظم الشكاوى إجرائية وفي رد على ما أثير حول الشكاوى المتعلقة بسير العملية الانتخابية، قال المتحدث باسم الحكومة المصرية حسام القاويش، إن معظم الشكاوى الواردة لغرفة عمليات مجلس الوزراء كانت عدم قدرة الوافدين على التصويت. وأضاف القاويش في تصريح له، إن الحكومة تأمل في أن تصدر اللجنة العليا قرارا يسمح للوافدين غير المسجلين بالتصويت في الانتخابات. مؤكدا أن معظم الشكاوى تتعلق بعمليات إجرائية وليست جوهرية. م. أبو بكر/ وكالات 4 أسئلة إلى: الدكتور عاشور فني أستاذ محاضر بجامعة الجزائر 3 إنتخب المصريون هذا الأسبوع لاختيار رئيسهم في ظل عدم استقرار سياسي واقتصادي واجتماعي، كيف يمكن أن يؤثر هذا الوضع على مجرى الاستحقاق؟ لمصر تقاليد سياسية مستقرة قياسا إلى البلدان العربية الأخرى في المنطقة. تمتع المؤسسات فيها بوزن ثقيل على حساب القوى الاجتماعية. واستقرار المؤسسات فيها يؤثر على الحياة الاجتماعية كلها على غرار المجتمعات المائية القديمة حيث الدولة حاضرة في كل شيء ومنظمة لكل الأنشطة. فمن يمتلك السلطة يمتلك تقرير مصير المجتمع برمته. ورغم التغيرات الأخيرة خلال السنوات الثلاث الماضية فما تزال المعادلة الأساسية ثابتة. لذلك فالمتوقع هو أن تؤكد الانتخابات الوضع القائم لا أن تغيره إلا إذا حدثت تغيرات كبرى في موازين القوى الاجتماعية، وهو أمر مستبعد في الأجل القصير. هل تعتقدون أن فوز السيسي سيعيد إنتاج نظام مبارك؟ لعل ما تسمينه "نظام مبارك" هو ما أتحدث عنه. إنه أمر يتجاوز مبارك والسادات وعبد الناصر: هيمنة المؤسسة الرسمية على دواليب الدولة وتهميش القوى الاجتماعية وتعبيراتها السياسية. هذه "المؤسسة الرسمية" تنتظم حول شخصية الزعيم وتتحرك بأمره وتخضع له ما دام قادرا على إدارة مصالح الأطراف الشريكة في الحكم. حينما تخلى مبارك عن الحكم للمجلس الأعلى للقوات المسلحة استقرت الأمور على ذلك النحو ولم يتغير شيء. ما قام به الإخوان هو أنهم حاولوا إدارة المجتمع بالصيغة القائمة نفسها لكنهم لم يحسنوا إدارة مصالح القوى الشريكة فاختل التوازن. كان اتفاقهم مع المجلس العسكري على منع الثورة من تحقيق أهدافها بتغيير التوازنات لصالح قوى اجتماعية جديدة. لكن القوى التقليدية استطاعت أن تزيح الإخوان وتستعيد الحكم. الانتخابات مجرد إضفاء للشرعية على عمل منجز. مثلما استعمل الإخوان الحكم لإضفاء الشرعية على وضع انتقالي بنية تحويله إلى وضع دائم يعمل الحكم الآن على إضفاء الشرعية الانتخابية على وضع قائم منذ سنة. مثلما كانت قوى 25 يناير موزعة بين المعسكرين في انتخابات محمد مرسي هي موزعة الآن بين الصباحي والسيسي. قوى التغيير لم تبلغ أهدافها بالحراك الاجتماعي في الشارع (حركة ميدان التحرير والمليونيات الشهيرة...) ولم تبلغه أيضا بالتفاوض مع المجلس العسكري ولا بالانتخابات. مليونية 30 جوان 2013 خلقت وضعا جديدا يبحث الآن عن شرعية انتخابية وهي في حكم الأمر المقضي به. الشعب المصري بعد ثورتين في 25 جانفي 2011 و30 جوان 2013 عاد مرة أخرى أكثر ميلا إلى الاختيار العسكري - حسب مجريات الحملة الانتخابية -، لماذا يواجه دائما المترشح المدني أزمة في العالم العربي خصوصا بمصر؟ لا أرى أن الأمر يتعلق باختيار عسكري لدى الناخب على حساب اختيار الحكم المدني. بل الأقرب للتحليل هو اختيار الاستقرار على حساب التغيير والمغامرة. اختيار مرسي في الانتخابات الرئاسية الماضية دليل على أن الانتخابات يمكن أن تكون لغير العسكريين. لكن المسألة متعلقة بمدى قدرة الرئيس على أن يضمن استقرار المؤسسة. ذلك هو أهم عنصر في اختيار الناخب. استقرار المؤسسة يضمن على الأقل ألا تسوء الأحوال الاجتماعية. وهو ما يمس حياة الناخبين مباشرة. ثقة الناخبين في قدرة الشخصية المرشحة على ضمان ذلك الاستقرار أهم من أي برنامج سياسي أو اقتصادي. وقد امتنع السيسي عن تقديم أي برنامج لاقتناعه بثقة الناخبين في شخصيته بعد أن أثبت أنه قادر على مواجهة أقوى تنظيم في مصر وهو في الحكم: تنظيم الإخوان. لا يحتاج بعد ذلك إلى أي بهارات لتحسين صورته لدى الناخب المتذمر من الوضع ومن مجريات التغيير غير المكتمل. تحتاج قوى التغيير إلى إعادة النظر في كل حساباتها: ترددها في الاختيار في الانتخابات الأولى قضى نهائيا على مستقبل التغيير في المنطقة كلها. هل ما زال الرهان على انتخابات نزيهة قادر على فتح أفق لمصر أو لأية دولة عربية أخرى؟ لا معنى للانتخابات في مجتمعات تبدو أكثر تطلعا لأمور أخرى غير الحكم الديمقراطي. ففي منطقتنا طالت فترة الحكم المطلق والحكم الوراثي والحكم الأحادي وضاعت الثقافة السياسية المدنية مع شيخوخة نظم الحكم الوطنية بعد فترة الاستقلال. وما زال التداول على الحكم بمثابة مغامرة باستقرار المجتمع كله. هكذا تختفي فرص التداول على الحكم سلميا. وفي غياب ثقافة سياسية مدنية تكون الانتخابات آلية لإضفاء الشرعية على وضع قائم. وبهذا المعنى تكون الانتخابات أسوأ من الانقلابات. نظرة على الانتخابات خلال السنوات الأخيرة في المنطقة كلها تؤكد ذلك. لا يكمن المشكل في الانتخابات ولا في الدساتير بل في الكيانات التي تسمى دولا في هذه المنطقة. تحتاج مجتمعاتنا إلى إعادة تعريف المصلحة المشتركة بين المتساكنين وإعطاء الأولوية للوضع الاجتماعي المتردي. إعادة بناء الإجماع وإعادة تأسيس الدولة نفسها. وتلك أمور تتجاوز الانتخابات.